"تشاينا دايلي": قمة هافانا تثبت قوة علاقات الدول في "مجموعة الـ77 والصين"
"تشاينا دايلي" تقول إنّ قمة هافانا تمثل رغبة كافة المشاركين في البحث عن فرص جديدة وخلق قوى دافعة جديدة للتنمية الاقتصادية.
نشرت صحيفة "تشاينا دايلي" مقالاً سلطت الضوء فيه على أهمية قمة "مجموعة الـ 77 والصين"، سياسياً واقتصادياً.
فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:
إن قمة "مجموعة الـ77 والصين"، التي ستُعقد في هافانا، كوبا، يومي الجمعة والسبت، مهمة نتيجة عدة أسباب.
أولاً، سوف تساعد القمة على تعميق التعاون بين بلدان الجنوب، في وقت يواجه العالم شبكة معقدة من التحديات، على الصعيد السياسي، بما في ذلك رغبة القوة العظمى العالمية في المجافظة على هيمنتها، وتصاعد المشاعر المناهضة للعولمة في بعض أجزاء العالم، والتنمية العالمية غير المتوازنة.
ويتعرّض المجتمع الدولي للاختبار مرة أخرى، على رغم أن الاختيار بين الوحدة والانقسام، والتعاون والمواجهة، والسلام والصراع، واضح. ومن خلال تعزيز تعاونها ووحدتها، لن تتمكن الصين والدول النامية الأخرى من أداء دور رئيس في منع الحروب والصراعات وتعزيز السلام والتنمية فحسب، بل ستتمكن أيضاً من المساهمة في المحافظة على الوضع الأساسي للأمم المتحدة، وتحقيق آليات الحوكمة العالمية الأكثر فعالية.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن المساهمات (الفعلية والمحتملة)، التي تقدمها البلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي، هائلة، وتتزايد عاماً بعد عام. ومع ذلك، فإن هذا لا يترجم تلقائياً إلى تمتع البلدان النامية بمزيد من الحقوق، ومشاركة أكبر في المؤسسات الدولية ونظام الحوكمة العالمي. لذلك، فإنها في حاجة إلى زيادة تعزيز قوتها ومكانتها، من خلال تعميق التعاون بين بلدان الجنوب، والسعي للحصول على مزيد من الحقوق والمنافع، من خلال الحوار بين الشمال والجنوب.
وتواجه البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية مهمة شاقة، لا تتمثل بتضييق فجوة التنمية فحسب، بل تتمثل أيضاً بالابتعاد عن مسارات التنمية التقليدية لتحقيق التنمية المستدامة مع حماية الموارد والبيئة.
إن التعاون الوثيق في المجالات الرئيسة، بين الجنوب العالمي والشمال العالمي، لن يساعدهما على تحقيق المنفعتين الاقتصادية والاجتماعية المتبادلتين فحسب، بل سيعزز أيضاً تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، ويساعد على بناء "مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية".
وبهذا المعنى، فإن قمة هافانا تمثل رغبة كل المشاركين في البحث عن فرص جديدة، وخلق قوى دافعة جديدة للتنمية الاقتصادية.
ثانياً، تُعَدّ القمة حدثاً دبلوماسياً تاريخياً بالنسبة إلى كوبا، وتُظهر التقدم الإيجابي في العلاقات بين الصين وكوبا والصين وأميركا اللاتينية.
لقد تعرّضت كوبا، منذ فترة طويلة، لعقوبات اقتصادية وحصار شامل من جانب الولايات المتحدة. ومن أجل مقاومة الإكراه وكسر الحصار، نفذت كوبا دبلوماسية متعددة الأطراف في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وأدّت دوراً مهماً في جمعيات التكامل الإقليمي، ونفوذها السياسي في المنطقة قوي.
وبالنسبة إلى كوبا، فإن قيمة هذه القمة كبيرة للغاية، سواء تعلق الأمر بالحاجة إلى توسيع مجال التعاون الدولي، أو تحسين بيئتها، تنموياً وأمنياً، أو تعزيز علاقاتها الودية والخاصة بالصين.
ومنذ بداية القرن الجديد، تطورت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأميركا اللاتينية، على قدم وساق. ونمت التجارة البينية بمعدل سنوي متوسط قدره 18%، لتصل إلى 485.8 مليار دولار في عام 2022، الأمر الذي يشير إلى الطبيعة التكاملية للغاية للتعاون بينهما.
وأصبحت أميركا اللاتينية ثاني أكبر وِجهة للاستثمار الأجنبي الصيني، بحيث أصبحت البنية التحتية مجالاً رئيساً للاستثمار. ومن محطة الطاقة الكهرومائية ياسيريتا، وخط سكة حديد بيلغرانو للشحن في الأرجنتين، إلى مترو بوغوتا الحضري في كولومبيا، ومزرعة الرياح بونتا فينتاناس في تشيلي، والقطار الأحادي في ولاية باهيا في البرازيل، أصبحت تأثيرات الاستثمار الصيني في الاقتصاد الاجتماعي المحلي واضحة بصورة متزايدة.
إن التعاون بين الصين وأميركا اللاتينية سيعزز مستوى الثقة السياسية المتبادلة، ويعزز الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف.
ثالثاً، إنها نموذج مصغر عن تسريع الدبلوماسية الصينية وتحديثها في العصر الجديد. خلال اجتماعه الأخير بالرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، على هامش قمة البريكس في جوهانسبرغ، أكد الرئيس شي جين بينغ أن "مجموعة الـ 77 والصين" تمثل منصة مهمة للتعاون بين البلدان النامية، وأن الصين تعلق أهمية كبيرة على استضافة كوبا لقمة "مجموعة الـ 77 والصين".
وتُعَدّ دبلوماسية الدول النامية جزءاً رئيساً من دبلوماسية الصين الشاملة. وبعد ما يقرب من 60 عاماً من التطور والتوسع، زادت عضوية "مجموعة الـ 77" إلى 134 دولة، الأمر الذي يجعلها المجموعة الأكثر تمثيلاً للدول النامية في العالم. وفي الوقت نفسه، أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع تزايد نفوذها العالمي.
وعلى هذا النحو، فإن التفاعل بين الصين و"مجموعة الـ77" سيعزز التنمية في العالم. لكن الولايات المتحدة كثفت جهودها لتقسيم الجنوب العالمي وعرقلة تعاون الصين مع الدول النامية الأخرى، حتى إن الكونغرس الأميركي قدم قانوناً يحرم الصين من مكانتها، عادّاً إيّاها "دولة نامية".
وعلى الرغم من أن هذه الجهود لاحتواء الصين محكوم عليها بالفشل، فإنها دفعت الصين إلى مواصلة نسج شبكة متينة من العلاقات الودية والتعاون مع الدول النامية الأخرى. وستَمضي الصين أيضاً قُدُماً في خطتها للتعاون العالمي، في إطار مبادرة الحزام والطريق، وضخ زخم جديد في التنمية والرخاء المشتركين، وتقديم مساهمات أكبر في إنشاء شراكة جنوب - جنوب جديدة، والتعاون وآليات التعاون بين الشمال والجنوب، فضلاً عن الحد من العجز في الحوكمة العالمية والثقة والسلام والتنمية.
وستكون قمة "مجموعة الـ 77 والصين" في هافانا بمثابة شهادة على ذلك.