"تشاينا دايلي": الدول العربية قادرة على التحايل على زيادة الرسوم الجمركية
الرسوم الجمركية ستؤثّر بشكل كبير على الدول النامية في المنطقة العربية والشرق الأوسط. كيف يمكن تفادي الأزمة؟
-
سوق تجاري في مصر
صحيفة "تشاينا دايلي" الصينية تنشر تقريراً يتناول تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على دول المنطقة العربية والشرق الأوسط، رغم التهدئة النسبية بين واشنطن وبكين. ويركّز على كيفية أنّ هذه الرسوم قد تُفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية بالمنطقة، وتُضعف نموها الاقتصادي، خصوصاً تلك المعتمدة على التصدير مثل مصر.
كما يستعرض النصّ خيارات هذه الدول للتعامل مع الأزمة، مثل تنويع الشراكات التجارية، والاعتماد على آليات تعاون جديدة، إضافة إلى إصلاحات داخلية لتعزيز المرونة الاقتصادية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
على الرغم من اتفاق الصين والولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على بعضهما البعض في الوقت الحالي، فإنّ الرسوم الجمركية المتقطّعة التي فرضتها الإدارة الأميركية هذا العام ستؤثّر بشكل كبير على الدول النامية في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
تستهدف الرسوم الجمركية مجموعة متنوّعة من السلع، وقد تؤدّي إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية القائمة في هذه المناطق كارتفاع معدلات البطالة، وعدم الاستقرار السياسي، ونقص التنوّع الاقتصادي. يتوقّع البنك الدولي معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 2.6% فقط لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2025، وهو أقلّ بكثير من المتوسط العالمي. وقد تؤدّي الرسوم الجمركية الأميركية إلى مزيد من تقليص هذا المعدّل، مما يؤدّي إلى انخفاض الصادرات وارتفاع تكاليف الصناعات المحلية.
ستكون آثار الرسوم الجمركية على الدول العربية والشرق الأوسط معقّدة. تعتمد هذه المناطق بشكل كبير على الصادرات، وخاصة في النفط والمنسوجات والزراعة. على سبيل المثال، قد تشهد مصر، وهي مصدر رئيسي للقطن والمنسوجات، انخفاضاً كبيراً في عائدات صادراتها.
من المحتمل أن يكون ردّ الدول المتضرّرة، مثل مصر، على الرسوم الجمركية الأميركية هو تنويع أسواق التصدير وتعزيز العلاقات مع المناطق الأخرى.
ويمكن لمصر تعزيز صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها، أو البحث عن فرص جديدة في أفريقيا وآسيا.
يتوقّع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) زيادة التجارة الداخلية لأفريقيا بنسبة 33% بحلول عام 2030، بفضل منطقة التجارة الحرّة القارية الأفريقية. ومن خلال الاستفادة من هذه السوق المتنامية، يمكن لمصر التخفيف من الآثار المباشرة للرسوم الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمصر التفاوض على اتفاقيات تجارية ثنائية مع شركاء مهمين، مثل الصين، التي استثمرت بكثافة في قطاعي البنية التحتية والطاقة. وقد يساعد موقعها الاستراتيجي مصر على أن تصبح مركزاً تجارياً إقليمياً يجذب الاستثمار الأجنبي، مما يخفّف من الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية.
يمكن لمبادرة الحزام والطريق الصينية، ونفوذها المتنامي في دول الجنوب العالمي، أن تُشكّل ملاذاً آمناً للدول المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية. فقد عزّزت هذه الاستثمارات البنية التحتية وخلقت فرص عمل في دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ومن خلال تعزيز العلاقات مع الصين، يمكن لهذه الدول تقليل اعتمادها على السوق الأميركية والتخفيف من آثار الرسوم الجمركية.
يمكن لآليات جديدة، مثل مجموعة "بريكس" وغيرها من أشكال التعاون الناشئة في دول الجنوب العالمي، أن تُوازن الرسوم الجمركية.
وتمثّل هذه الآليات جزءاً كبيراً من سكان العالم وناتجه الاقتصادي، ويمكنها العمل بشكل جماعي لدعم ممارسات التجارة العادلة ومقاومة السياسات الحمائية. وقد أنشأت مجموعة البريكس بالفعل بنك التنمية الجديد لتمويل البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة، حيث وافقت على مشاريع بأكثر من 30 مليار دولار، يقع العديد منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما يمكن للتعديلات النقدية والمالية من خلال الرقمنة وطرق الدفع المبتكرة أن تُخفّف عبء الرسوم الجمركية. وقد يُسهم صعود العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين في خفض تكاليف المعاملات وتعزيز الوصول المالي في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، يُجري مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي مشروعاً تجريبياً للعملة الرقمية يهدف إلى تسهيل المدفوعات عبر الحدود وتقليل الاعتماد على الأنظمة التقليدية.
تتجاوز تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية الجوانب الاقتصادية، إذ تُولّد تداعيات اجتماعية وسياسية جسيمة. وقد تشهد المناطق التي تعاني بالفعل من بطالة الشباب وعدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية تفاقم هذه المشكلات بسبب الرسوم الجمركية. وقد يُؤدي انخفاض عائدات التصدير وارتفاع معدلات البطالة إلى اضطرابات اجتماعية وإعاقة الاستقرار السياسي، ولا سيما في الدول الضعيفة. وتُظهر استطلاعات الرأي أنّ أكثر من 60% من المشاركين في دول مثل مصر والأردن قلقون من محدودية الفرص الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة. وقد تُضعف الرسوم الجمركية ثقة الجمهور بالحكومات وتُفاقم التوترات الاجتماعية.
رداً على الرسوم الجمركية، قد تنظر دول هذه المناطق أيضاً في إجراء إصلاحات محلية لتعزيز المرونة الاقتصادية. قد تشمل هذه الإصلاحات تحسين بيئة الأعمال، والحد من البيروقراطية، والاستثمار في التعليم وتطوير المهارات. وقد نفّذت مصر بالفعل إصلاحات اقتصادية رئيسية، بما في ذلك تحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة، مما ساهم في استقرار اقتصادها وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن خلال مواصلة هذه الإصلاحات، يمكن للدول المتضرّرة تقليل تأثّرها بالصدمات الخارجية وتعزيز آفاقها الاقتصادية على المدى الطويل.
وأخيراً وليس آخراً، قد تكون للرسوم الجمركية آثار جيوسياسية أوسع نطاقاً. فبفرضها رسوماً جمركية باهظة على السلع الصينية في البداية، أشعلت الولايات المتحدة نزاعاً، مما أدى إلى "تدابير متبادلة" من كلا البلدين. بالنسبة للمناطق العربية والشرق الأوسط، قد يجلب هذا النزاع التجاري تحدّيات وفرصاً في آن واحد. وقد تستفيد هذه المناطق من زيادة الاستثمار الصيني في ظلّ سعي الصين إلى تنويع سلاسل التوريد. ويشير معهد بروكينغز إلى أنّ النزاع التجاري قد دفع بالفعل إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، مع انتقال العديد من الشركات إلى دول في جنوب شرق آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
نقله إلى العربية: الميادين نت.