"المونيتور": ما خيارات نتنياهو العالق في مستنقع غزّة؟

بينما يركز العالم على المجاعة في غزة، تتشاور "إسرائيل" مع الولايات المتحدة بشأن خيارات إنهاء الصراع، بما في ذلك ضم أجزاء من الأراضي لإرضاء الوزراء المتطرفين.

0:00
  • "المونيتور": ما خيارات نتنياهو العالق في مستنقع غزّة؟

موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول أزمة مأزق الحرب الإسرائيلية على غزة ومحاولات نتنياهو وفريقه البحث عن استراتيجية للخروج عبر مشاورات عاجلة في واشنطن مع إدارة ترامب، بعد فشل تحقيق أهداف الحرب رغم مرور 22 شهراً عليها.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

يذهب كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنفسهم في مهمة عاجلة إلى واشنطن هذا الأسبوع، في محاولة يائسة لتحرير "إسرائيل" من مستنقع الحرب على غزّة.

ويجري هؤلاء المسؤولون مشاورات مع إدارة ترامب، من ضمنهم المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف، حول خيارات مختلفة تهدف إلى التقدم باتفاق مع "حماس"، من بينها فرض حصار على مدينة غزّة، وضمّ جزء منها، وزيادة الضغط على قطر، الوسيط الرئيسي في المفاوضات، والمضي قدماً بما يسمى بالمدينة الإنسانية جنوب القطاع، والتي سيجبر السكّان الفلسطينيون على الانتقال إليها.

وبعد إحراز تقدم ظاهري في المفاوضات التي جرت في قطر بين حماس و"إسرائيل" الأسبوع الماضي، واجهت المحادثات عقبة، واستدعت "إسرائيل" والولايات المتحدة فريقيهما يوم الخميس الماضي.

وتعكس المشاورات الحالية في واشنطن فشل "إسرائيل" في ترجمة إنجازاتها الميدانية على التحالف الإيراني الإقليمي إلى هراوة لإنهاء الحرب المستمرّة منذ 22 شهراً في القطاع، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين هناك. ورغم خسائر "حماس" كمنظّمة عسكرية فاعلة واغتيال معظم قياداتها، لا تزال "إسرائيل" عالقة في غزّة فيما يحاول نتنياهو تأمين استراتيجية للخروج.

نتنياهو يريد الخروج

قال مصدر دبلوماسي غربي لموقع "المونيتور" فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ "نتنياهو يائس لإنهاء هذا الوضع، لكنّه عاجز عن ذلك الآن، فيما كانت لديه فرص عديدة لاختيار اللحظة المناسبة والانسحاب في الوقت الملائم من الحرب، لكنّ حسابات السياسة الداخلية دفعته إلى البقاء ولا يعرف الآن كيف يخرج".

"إسرائيل" ليست محاصرة فحسب، بل تشعر أيضاً بإحباط عميق من سيطرة "حماس" على الرأي العامّ العالمي. فالضغوط الدولية تتزايد على خلفية تقارير سوء التغذية والمجاعة في غزّة، والتي دفعت "إسرائيل" في الأيام الأخيرة إلى إسقاط مساعدات غذائية جوّاً على القطاع بعد تفاقم الشعور السائد في الداخل والخارج بغياب التخطيط والتوجيه لدى الحكومة الإسرائيلية التي ينتشر الإحباط بين أعضائها أيضاً.

وقد قال مصدر رفيع المستوى في ائتلاف نتنياهو لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "إسرائيل" تمول حالياً معظم الكمّيات الهائلة من المساعدات الإنسانية إلى عدوّها، لكنّها لا تنسب الفضل لنفسها، لأنّه ببساطة، "نحن غير قادرين على استغلال هذا الوضع لمصلحتنا، لأنّ حماس تستغل الأمر على أكمل وجه، فيما نكشف نحن عن إهمال وعدم فهم كامل للوضع".

وكانت "إسرائيل" قد اتّهمت حركة "حماس" بسرقة المساعدات، لكنّ تحليلاً داخلياً أجرته الحكومة الأميركية لم يعثر على أيّ دليل على سرقة ممنهجة من قبل الحركة الفلسطينية المسلحة للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، حسبما ذكرت وكالات صحافية في الأسبوع الماضي.

ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو تحالف من المراقبين المكلفين من الأمم المتحدة بالتحذير من الأزمات الوشيكة، فقد تمّ تجاوز 2 من 3 من مؤشّرات عتبة المجاعة في مناطق من غزّة.

وتظهر البيانات التي نشرها التصنيف المرحلي المتكامل يوم الثلاثاء أنّ استهلاك الغذاء انخفض بشكل حادّ منذ آخر تحديث في أيار/مايو. ويعاني أكثر من ثلث الفلسطينيين في غزّة انعدام الطعام لأيام متواصلة. وفي الوقت نفسه، ارتفع سوء التغذية الحادّ بمعدّل غير مسبوق، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل، ولكن يصعب جمع البيانات حول هذا المؤشّر.

أثارت قضية هزالة جسد الطفل الذي انتشرت صورته في العالم كدليل على التجويع الإسرائيلي المتعمد للفلسطينيين ردود فعل غاضبة من الحكومة الإسرائيلية.

ونشر العديد من الصور لأطفال يعانون سوء التغذية والجوع في غزّة. ووفقاً لمركز تنسيق الطوارئ الإسرائيلي، ارتفعت مستويات سوء التغذية بين الأطفال دون سن 5 سنوات في القطاع إلى 4 أضعاف خلال شهرين بنسبة 16.5 %.

وفي 23 الشهر الجاري، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الوضع في غزّة بأنّه "عرض مرعب"، وحذّر من أن "سوء التغذية يتفاقم، والجوع يدقّ أبواباً مفتوحة". ومؤخّراً، صرّح المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أنّ سكّان القطاع يعانون "مجاعة جماعية" من صنع الإنسان بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على المساعدات للقطاع.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" اشترط عدم الكشف عن هويته، إن "حماس" تطالب الآن بالإفراج عن معظم السجناء الفلسطينيين في "إسرائيل" في مقابل إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء، و"نتحدث هنا عن قرابة 300 أسير، إذ لن يتمكّن نتنياهو من دفع هذا الثمن من دون سقوط حكومته".

التهديد بضمّ غزّة

ومن المتوقع أن يقدم مبعوثو نتنياهو لنظرائهم الأميركيين مخطّطاً لمضاعفة الضغط على حركة "حماس" التي تواصل تصعيد مطالبها من "إسرائيل" في المفاوضات، مدركة كما يبدو ضعف تلّ أبيب أمام الضغوط الداخلية والخارجية. ويأمل نتنياهو أن يفلح التهديد بضمّ أراضي غزّة إلى "إسرائيل" في الضغط على "حماس".

وأفاد مصدر أمني لموقع "المونيتور" بأنّ "النية هي ضمّ الأراضي في محيط المنطقة العازلة أوّلاً على طول حدود إسرائيل". وإذا لم يساعد ذلك، فسيضمّ المناطق على طول الحدود الشمالية بين المنطقة الحضرية الفلسطينية و"إسرائيل"، وهذا يعني ضمّ مساحة من الأرض على طول الحدود الشرقية لقطاع غزّة، ومن المحتمل بعد ذلك الانتقال إلى أجزاء من شمال القطاع، أي المناطق القريبة من أشدود وعسقلان.

إنّ الجانب الآخر من تهديد الضم من شأنه أن يخدم الاحتياجات السياسية الداخلية لنتنياهو من خلال استرضاء الوزراء المتطرفين الذين يطالبون بضمّ غزّة والضفّة الغربية والتهديد بعزل الحكومة بسبب زيادة المساعدات للقطاع التي وافق عليها نتنياهو يوم الأحد الماضي.

وفي ردّه على أسئلة الصحافيين مؤخّراً، أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ هناك "مجاعة حقيقية" في غزّة، مع أنّه قال في وقت سابق إنّ نتنياهو نفى وقوع مجاعة.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.