"الغارديان": المستوطنون الإسرائيليون يواصلون الاستيلاء على أراضي الضفّة الغربية
المستوطنون الإسرائيليون يواصلون عملية ضم فعلية، مسكوت عنها، لمساحات واسعة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية.
-
"الغارديان": المستوطنون الإسرائيليون يواصلون الاستيلاء على أراضي الضفّة الغربية
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً تتحدث فيه عن التوسع الاستيطاني للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والذي ارتفع بشكل كبير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
يواصل المستوطنون الإسرائيليون المضي قدماً في عملية ضم فعلية، مسكوت عنها، لمساحات واسعة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية المحتلة، والتي شهدت بالفعل نزوحاً شبه كامل للبدو في مناطق واسعة.
في حين أن نشاط المستوطنين، بما في ذلك العنف، موثق منذ فترة طويلة في الجزء من الضفة الغربية الذي حددته اتفاقيات أوسلو لعام 1993 على أنه خاضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية أي ما يسمى بالمنطقة (ج) من الأراضي المحتلة، بما في ذلك تلال الخليل الجنوبية - فقد حوّل المستوطنون تركيزهم إلى المنطقة (ب) الريفية في الغالب، والتي تم تحديدها لتكون تحت السيطرة المدنية الفلسطينية في البداية.
كان من المقرر بموجب اتفاقيات أوسلو أن يتم نقل المناطق الثلاث، بالإضافة إلى المنطقة (أ) التي تضم المدن الفلسطينية الكبرى، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية.
في الوقت الذي تحدث فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهجير الفلسطينيين من غزة، ما يعني تأييده الفعلي للتطهير العرقي هناك، تتقدم بالفعل عملية التهجير في المنطقة (ب) حيث يتعرض فلسطينيو الضفة الغربية لضغوط من المستوطنين وأنصارهم السياسيين من اليمين المتطرف في "إسرائيل".
في أحد أقسام المنطقة (ب) في التلال الصحراوية القاحلة الواقعة بين بيت لحم والبحر الميت بالقرب من مستوطنة تقوع الإسرائيلية، يبدو أن كل الأدلة التي تشير إلى وجود البدو الذين عاشوا هناك قد تم محوها، بينما في منطقة ثانية، يتعرض من بقي من البدو لمضايقات بسبب عنف المستوطنين.
وقد كان رعاة البدو حتّى وقت قريب يرعون قطعانهم بالاعتماد على النباتات المنخفضة التي تزهر في فصل الشتاء، أو على المحاصيل العلفية المزروعة موسميّاً في قيعان الوديان المسطحة، والتي كانت في السابق موطناً لمجموعات من البدو يصل عددهم إلى بضع مئات، وأصبحت الآن فائضة ببؤر استيطانية غير قانونية متفرّقة، وأحياناً تتكوّن من منزل واحد أو كوخ، وأحياناً من مبنيين. ويمكن رؤية تمديدات المياه والأنابيب المتعرّجة التي توصل المستوطنات ببعضها، حيث أصبحت الآن الصهاريج التي استخدمها البدو لأجيال تحت سيطرة المستوطنين، في حين حلّت زراعة المستوطنين الجديدة، التي تعتمد في معظمها على أشجار الزيتون التي تغذّيها أنابيب المياه تلك، بدلاً من رعي الأغنام.
وبحسب يوني ميزراحي، الباحث في منظّمة مراقبة الاستيطان "السلام الآن"، فإنّ معظم عمليات إخلاء هذه المنطقة القريبة من بلدة تقوع حدثت في أعقاب 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، حيث تصاعد النشاط الاستيطاني في الضفّة الغربية. وقد اختفت معه ثقافة السكان الفلسطينيين الفريدة من نوعها في تلك التلال، والتي كانت تبدو حتّى سنوات قليلة مضت كأنّ لا يمكن فصلها عن المناظر الطبيعية.
وقال ميزراحي: "يمكنك أن ترى مدى خلوّها باستثناء عدد قليل من البؤر الاستيطانية"، مضيفاً أنّ هذه البؤر الاستيطانية غير القانونية تصوّر نشاطها على أنّها "زراعية"، "فيما هي في الواقع، محاولة للسيطرة على مناطق ريفية واسعة".
وذكر ميزراحي أنّه في عام 2024، أحصيت 59 بؤرة استيطانية غير قانونية جديدة في الضفة الغربية بأكملها، ورأى أنّه "كان عاماً قياسياً، حيث تنشأ بؤرة استيطانية جديدة كل أسبوع، فيما قبل ذلك، كانت تبنى مستوطنة واحدة إلى 12 بؤرة استيطانية بشكل متوسّط كلّ عام".
وهذا الجهد مدعوم ببناء طرق غير قانونية جديدة، والتي هدمت بالجرّافات في التلال في المنطقة الواقعة شرق منطقة تقوع. وأضاف ميزراحي، أنّ "البدو هنا هم الأضعف والأكثر عرضة للخطر بين البلدات الفلسطينية، ويُهجّرون كمجتمعات ما جعلهم بلا مأوى". وفي رحلة قصيرة بالسيارة جنوباً إلى المنيا ومكبّ النفايات المفتوح الضخم على حافّة التلال الصحراوية، يحاول البدو على بعد كيلومتر أو نحو ذلك البقاء فوق أرضهم.
وفي أحد المخيمات الصغيرة، تمكّن جميل ومجاهد شلالدة من الصمود، على الرغم من حملة العنف التي اندلعت منذ وصول مجموعة من المستوطنين المتطرّفين إلى مكان قريب منهما آخر السنة الماضية.
"تعيش هنا قبيلتان منذ 52 عاماً"، يقول جميل. ويضيف: لقد "وصل المستوطنون قبل 3 أشهر. كلّ يوم وليلة نشعر بالخوف ممّا سيرتكبونه. كانت هنا عائلة أخرى، لكنّها أرغمت على المغادرة. ليس لدينا مكان آخر للذهاب إليه. لقد دمّروا مساكننا، مع العلم أنّنا اشتكينا إلى الشرطة، إلّا أنّهم لم يفعلوا شيئاً".
يقول يهودا شاؤول من "مركز أوفيك للشؤون العامّة" الإسرائيلي: "نحن نتحدّث عن آلاف الدونمات من الأراضي". والدونم يعادل ربع فدّان. وأضاف: إنّ "ما يحدث حول تقوع هو ما يحدث في أماكن أخرى، حيث تُطهّر مناطق جديدة من خلال عنف المستوطنين". وخلال السنة التي سبقت 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، "شاهدنا نزوح ما يقرب من 100 فلسطيني"، ولكن في الأشهر التي أعقبت هجوم حماس، ارتفع العدد إلى 1400". كما أنّ تسارع النشاط الاستيطاني في منطقة تقوع، يُستوعب في ظلّ المناخ السياسي الإسرائيلي الحالي. وأضاف شاؤول: "قبل 3 سنوات ونصف، كان هناك نحو 240 ألف دونم من الأراضي التي لم يتمكّن الفلسطينيون من الوصول إليها بسبب عنف المستوطنين. واليوم، يقترب هذا الرقم من 800 ألف دونم. وهذا يمثل 12% من مساحة الضفّة الغربية".
المهمّ، حسب شاؤول، الانتباه إلى أنّ النهج الذي استخدمه المستوطنون الإسرائيليون لفترة طويلة من دون عقاب في المنطقة (ج)، "يُحوّل تكتيكاتهم الآن إلى أجزاء جديدة من الضفّة الغربية بهدف تفتيت الأراضي المخصّصة للدولة الفلسطينية المستقبلية بالكامل".
نقله إلى العربية: حسين قطايا