"ناشونال إنترست": صاروخ إيراني كارثة على الأمن الإسرائيلي.. ما هو؟

رغم أن ّالولايات المتحدة و"إسرائيل" قادرتان على تدمير قدرات الأسلحة النووية الإيرانية من خلال الضربات الجوية، فإن امتلاك إيران لصواريخ مثل "فتّاح -1" يعني أنّ الرد الإيراني يشكّل تهديداً كبيراً للمنطقة.

0:00
  • الصاروخ الإيراني البالستي
    الصاروخ الإيراني البالستي "فتّاح -1"

مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركية تنشر مقالاً يقدّم تحليلاً استراتيجياً وعسكرياً لتطوّر القدرات الصاروخية الإيرانية، وتحديداً صاروخ "فتّاح -1"، ويركّز على تأثير هذا السلاح على ميزان القوى في الشرق الأوسط، وينبّه إلى أنّ التهديد الإيراني يجب أن يُؤخذ بجدّية في قرار شنّ ضربة ضد إيران. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف: 

قبل عامين كشفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تطويرها لأوّل صاروخ باليستي فرط صوتي في البلاد "فتّاح -1"، الذي يعتبر  إنجازاً كبيراً في طموحات إيران الدفاعية، في إبراز قوّتها الجذرية والمتطوّرة لترسنة الصواريخ الإيرانية، التي يراها الاستراتيجيون الغربيون من نواح عديدة، تهديداً أكثر من أن تمتلك إيران أسلحة نووية.

"فتّاح -1" صاروخ باليستي متوسّط ​​المدى "إم آر بي إم"، مداه المعلن نحو 870 ميلاً يؤهّله لاستهداف أيّ موقع في منطقة الشرق الأوسط، وخاصّة "إسرائيل". ويزعم المسؤولون الإيرانيون أنّ سرعة الصاروخ تتراوح بين 13 و15 ماخ، وهي سرعة تفوق بكثير عتبة 5 ماخ لتصنيف الأسلحة الفرط صوتية.

على عكس الصواريخ الباليستية التقليدية التي تتبع مسارات متوقّعة، يتميّز صاروخ "فتّاح -1"، بمركبة الانزلاق "إم إي آر في"، التي تمكّنه من تعديل مساره في أثناء الطيران، داخل الغلاف الجوّي للأرض وخارجه. وتعتبر هذه القدرة على المناورة، التي يسهّلها نظام دفع يعمل بالوقود الصلب وفوّهة ثانوية متحرّكة وقيمة أساسية في قوّة صاروخ "فتّاح -1"، تتيح له التهرّب من معظم أنظمة الدفاع الصاروخي المتطوّرة، مثل أنظمة "حيتس" و"مقلاع داود" و"القبة الحديدية" الإسرائيلية، وحتّى الأنظمة الأميركية مثل "إيغيس" و"باتريوت".

بمعنى آخر صاروخ "فتّاح -1"، من المرجّح أن يجعل الأميركيين والإسرائيليين يتوقّفون ويفكّرون مليّاً في التحريض على شنّ ضربات جوّية وقائية ضدّ منشآت إيران النووية "المشتبه بها".

ماذا بعد ضربة جوّية أميركية على المنشآت النووية الإيرانية؟

بينما قاذفات "الشبح بي_2" بعيدة المدى الأميركية، يمكنها قصف المنشآت النووية الإيرانية جوّاً، إلّا أنّ لدى إيران قدرة على الردّ على لائحة طويلة من الأهداف في المنطقة خاصّة القواعد العسكرية المكشوفة قرب أراضيها، ومن ضمنها مصافي نفط حسّاسة في السعودية المجاورة، وحاملات طائرات أميركية في البحر الأحمر ومضيق هرمز، وحتّى "إسرائيل" البعيدة ستكون على القائمة. كما تشكّل غزارة الأهداف السهلة في المنطقة تهديداً خطيراً حيث لا توجد دفاعات جوّية موثوقة.

بالمقابل إنّ أهمّية نظام الدفع بالوقود الصلب لصاروخ "فتّاح -1"، في أنّه يوفّر مزايا تشغيلية، حيث يمكن إطلاقه بسرعة مع تعقيد لوجستي أقلّ مقارنة بالأنظمة التي تعمل بالوقود السائل. ويحمل الصاروخ رأساً حربياً تقليدياً يتراوح وزنه بين 771 و992 رطلاً. والأخطر من ذلك، أنّ بعض المحلّلين العسكريين الغربيين يعتقدون أنّ "فتّاح -1"، قادر على حمل رأس حربي نووي أيضاً.

من جانب آخر، إيران مصرّة على امتلاك ترسانة من الأسلحة النووية، ولن تتخلّى عن برنامجها النووي طواعية أبداً، على الأقلّ في مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية.

ورغم أنّ الولايات المتحدة و"إسرائيل" قادرتان على تدمير القدرات النووية الإيرانية بضربات جوّية، فإنّ امتلاك إيران لصواريخ مثل "فتّاح -1" يعني أنّ الردّ الإيراني يشكّل تهديداً كبيراً للمنطقة. ولا ينبغي لواشنطن ولا "تلّ أبيب" التقليل من شأن جدّية هذا التهديد.

وللمتشائمين جميعهم الذين يعتبرون أنّ جولات "الردّ الشامل" الإيرانية السابقة على "إسرائيل" خلال العام الماضي قد باءت بالفشل، من المهمّ فهم السياق الجيوسياسي لذلك، حيث إنّ إيران امتنعت على ما يبدو عن استخدام أسلحتها الأكثر أهمّية في تلك الضربات الانتقامية، إضافة إلى وجود مؤشّرات إلى أن طهران خفّفت من حدّة ضرباتها بعد ضغوط من شريكها العسكري الرئيسي في الكرملين.

هل تتراجع إيران؟

كان الردّ الإسرائيلي على ضربات إيران السابقة، قد تجنّب منشآت تطوير الأسلحة النووية "المشتبه بها" في البلاد، والتي هي بمثابة الكأس المقدّسة للنظام الإسلامي الإيراني. وإذا هاجم الإسرائيليون أو الأميركيون هذه المنشآت، فمن غير المرجّح أن تنجح روسيا في ثني الإسلاميين الغاضبين في إيران عن الردّ على أهداف أميركية وإسرائيلية وغيرها بطرق لم يكن من الممكن تصوّرها قبل ذلك.

لذلك يتوجّب اعتبار التهديد الصاروخي الإيراني حقيقياً، ويجب تجنّبه، بينما يمكن أن تحقّق المفاوضات مع إيران الكثير، فإنّ الضربات الجوية تعتبر سراباً استراتيجياً. إنّ حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار التي قد تسبّبها في منطقة تسودها الفوضى أصلاً لا تستحقّ المخاطرة بالهجوم، وعوضاً عن ذلك، ينبغي على الأميركيين إتمام "اتفاقيات أبراهام"، التي تربط الإسرائيليين بالعرب السنة في المنطقة، حتّى تتمكّن هذه القوى المحلّية من تنسيق استراتيجية احتواء وردع قوية ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.