"الغارديان": خطاب لن يوحد الأمّة

خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الكونغرس عكس الانقسام في الولايات المتحدة.

0:00
  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلقي خطاباً أمام الكونغرس في 4 آذار/مارس 2025
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلقي خطاباً أمام الكونغرس في 4 آذار/مارس 2025

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقال رأي تناول خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الطويل أمام الكونغرس. ورأى كاتب المقال أنّ الخطاب يسعى إلى القاعدة الجمهورية فقط، وليس توحيد الأمّة، بل وأوضح الانقسام في الولايات المتحدة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

الواقع أنّ دونالد ترامب مشغول بينما يغرق العالم من حوله في الفوضى. فبعد ستة أسابيع من ولايته الثانية، عكس مسار السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا، وفرض التعريفات الجمركية على الصين وكندا والمكسيك، وفوّض مهمة خفض الإنفاق الحكومي إلى إيلون ماسك. والآن يغيب سوق الأسهم.

لم يعد الركود والتضخّم من الأمور الافتراضية. ويحتلّ مصطلح "الحرب التجارية" العناوين الرئيسية. ويتراجع مؤشّر "داو جونز" مئات النقاط عن مستواه في يوم التنصيب. والواقع أنّ ولاية ترامب الثانية كانت بالفعل ذات عواقب وخيمة ومثيرة للجدال.

في الكلمات الافتتاحية لخطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس، أعلن أنّ أميركا عادت، وأنّ العصر الذهبي للبلاد ينتظرها، وأنّ "الزخم" عاد. وتحدّث لمدة ساعتين تقريباً، وهو أطول خطاب أمام الكونغرس على الإطلاق. وكان ترامب حزبياً بشكل سافر، وكان الاستقبال في قاعة مجلس النواب صاخباً.

لقد صفّق الجمهوريون بصوت عالٍ بينما أطلق الديمقراطيون جوقة من صيحات الاستهجان. في وقت مبكر، طالب رئيس مجلس النواب مايك جونسون الالتزام بالنظام، واستدعى رقيب السلاح لإخراج آل غرين، الديمقراطي من تكساس، من القاعة. وخرج الديمقراطيون بأعداد كبيرة. لقد أظهر الخطاب الانقسام الأميركي.

طوال الليل، جعل ترامب من جو بايدن خصمه وكيس الملاكمة. ووصف سلفه بأنه أسوأ رئيس في تاريخ أميركا، وانتقد سياساته ووصفها بالكارثة. كما انتقد ترامب الديمقراطيين في الكونغرس لرفضهم الوقوف أو التصفيق أثناء خطابه. ولا يزال يتوق إلى نيل الإعجاب. وكما هو الحال دائماً، لم يكن هناك أيّ استخفاف بالنفس أو تواضع.

واحتلت سياسة الهجرة والقضايا الاجتماعية الصدارة، حيث أشار ترامب إلى الهدوء على الحدود الجنوبية وقرأ قائمة بالتغييرات التي نفّذتها إدارته.

لقد تفاخر بجعل اللغة الإنكليزية اللغة الرسمية للولايات المتحدة، وإلغاء التنوّع والإنصاف والإدماج داخل الحكومة وخارجها، ومنع الرياضيين المتحوّلين جنسياً من المنافسة في الرياضات النسائية.

ترامب لا يزال ينتهج دور المحارب، وهو النهج الذي قاده مرتين إلى البيت الأبيض. وفي الخطاب، عاد إلى الهجرة باعتبارها حجر الأساس الخطابي. كما هاجم عصابات الشوارع والجريمة الحضرية والعنف في الشوارع. وبالأرقام، يدعم ما يقرب من نصف الولايات المتحدة بناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بالكامل. وفي الوقت نفسه، يتراجع الدعم لمنح الوضع القانوني للمهاجرين غير المسجّلين أو غير الشرعيّين الذين جُلبوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال.

وكما كان متوقّعاً، تجاهل ترامب هبوط سوق الأسهم وأشار بدلاً من ذلك إلى انخفاض أسعار الفائدة. وما زال من غير الواضح ما إذا كان الانخفاض الأخير نذيراً بانخفاض التضخّم، أو تباطؤ الاقتصاد، أو كليهما. وكرّر دعوته إلى "الحفر، يا عزيزي، الحفر". كما منح إيلون ماسك، أكبر مانحي حملته ورئيس شركة "دوج"، معاملة النجوم ووجّه إليه تحية.

ولم تشغل السياسة الخارجية حيّزاً كبيراً. فقد كرّر ترامب تهديده للدنمارك بشأن غرينلاند. وقال: "أعتقد أننا سنحصل عليها.. بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليها". ثم أعلن مرة أخرى عن مطالبة الولايات المتحدة ببنما. وجاءت أوكرانيا متأخّرة، وكأنها مجرّد فكرة ثانوية.

ورغم الاضطرابات في السوق، ظلّت "الرسوم الجمركية" كلمة جميلة في معجم ترامب. ففي ليلة الثلاثاء، أعلن أنّ الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضتها الولايات المتحدة ستدخل حيّز التنفيذ في الثاني من نيسان/أبريل. ولا يبدو أنّ احتمالات تجنّب حرب تجارية قد تضاءلت خلال مسار الخطاب، فقد قال إنّ الرسوم الجمركية تتعلّق بـ"روح" البلاد في حين أقرّ بأنها قد تؤدّي إلى اضطرابات مؤقتة. ومع ذلك، لم يبدُ أنّ الأمر يزعجه كثيراً.

إنّ خطاب ترامب لن يوحّد الأمّة، لكنه سيحشد القاعدة الجمهورية فقط.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.