ما هي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ولماذا يكرهها ترامب؟

توزع الوكالة الأميركية مساعدات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات سنوياً وهي أداة رئيسية لتعزيز القوة الناعمة في مختلف أنحاء العالم.

  • ما هي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ولماذا يكرهها ترامب؟
    ما هي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ولماذا يكرهها ترامب؟

بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفه الملياردير إيلون ماسك، بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، العديد من المواقع والصحف العالمية أوردت تقارير تحدثت فيها عن عمل الوكالة ونشأتها.

أدناه معلومات عن "USAID" من صحيفة "الغارديان" ووكالة "بلومبرغ" منقولة إلى العربية:

أكدت إدارة دونالد ترامب خططها لدمج وكالة المعونة الأميركية الدولية "USAID" في وزارة الخارجية في إطار عملية تجديد كبرى من شأنها تقليص قوتها العاملة ومواءمة إنفاقها مع أولويات ترامب.

وأعلن وزير الخارجية ماركو روبيو نفسه القائم بأعمال مدير الوكالة، وتم إغلاق مقرها الرئيسي في واشنطن العاصمة أمام الموظفين، بينما تم تعليق عمل آخرين.

لقد عهد ترامب إلى إيلون ماسك، الملياردير الذي يقود حملته لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية، الإشراف على المشروع. وفي يوم الأحد الماضي، قال ترامب إنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "كانت تديرها مجموعة من المجانين المتطرفين، ونحن نعمل على إخراجهم"، بينما وصفها ماسك بأنها "منظمة إجرامية" من دون تقديم أي دليل، وقال إنّ "الوقت قد حان لكي تموت".

ما هي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وكيف يتم تمويلها؟

تأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عام 1961 على يد الرئيس الديمقراطي جون ف. كينيدي في ذروة الحرب الباردة بهدف تنسيق المساعدات الخارجية بشكل أفضل، وقد كانت بالفعل منصة رئيسية للسياسة الخارجية الأميركية في مواجهة النفوذ السوفياتي.

ومنح الكونغرس الوكالة طابع الاستقلالية بموجب تشريع في عام 1998. على الرغم من أنها تتلقى التوجيهات بخصوص سياسة عملها من وزارة الخارجية الأميركية، فإنها تعمل بشكل مستقل عنها، ويُعد وزير الخارجية الرئيس المباشر لمدير الوكالة.

ويقوم الكونغرس بتمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بناءً على طلبات الإدارة. وقالت دائرة أبحاث الكونغرس إنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تساعد "الدول المهمة استراتيجياً والدول التي تعاني من الصراعات، وتقود الجهود الأميركية للتخفيف من حدة الفقر والمرض والاحتياجات الإنسانية، وتساعد المصالح التجارية الأميركية من خلال دعم النمو الاقتصادي للدول النامية وبناء قدرة الدول على المشاركة في التجارة العالمية".

وهي تدير الآن نحو 60% من المساعدات الخارجية الأميركية وصرفت 43.79 مليار دولار في السنة المالية 2023. ووفقاً لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس هذا الشهر، فإنّ قوتها العاملة التي يبلغ عددها 10 آلاف شخص، نحو ثلثيهم يخدمون في الخارج، ساعدت نحو 130 دولة، لا تقتصر على المساعدات الغذائية الطارئة والإغاثة الإنسانية، بل تشمل أيضاً التمويل العسكري للحلفاء مثل "إسرائيل" وتايوان.

وكانت أكبر الدول المتلقية للمساعدات في عام 2023 هي أوكرانيا وإثيوبيا والأردن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال واليمن وأفغانستان ونيجيريا وجنوب السودان وسوريا.

ولطالما عُدّت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أداةً للتعبير عن حسن النية الأميركية تجاه العالم، حيث تُوزَّع المساعدات الغذائية الممهورة بشعار الوكالة، كرمز لسخاء أغنى دولة في العالم تجاه أفقر المجتمعات. لكنها في الوقت ذاته أداة للسياسة الخارجية الأميركية، إذ تُوجَّه أموالها نحو دول ذات أهمية استراتيجية، كما تسعى لمنع تفاقم الأزمات الإنسانية التي قد تتحوّل إلى مخاطر أمنية قومية.

كم تنفق الولايات المتحدة على المساعدات، وكيف تقارن بالدول الأخرى؟

في حين تقدم الولايات المتحدة مساعدات حكومية رسمية أكثر من أي دولة أخرى، فإنّ مساهمتها كنسبة مئوية من الدخل القومي تأتي في أسفل القائمة للدول الغنية في عام 2020، وفقاً لأرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

في عام 2023، تصدّرت النرويج القائمة بنسبة 1.09% من الدخل القومي الإجمالي، بينما تأخرت الولايات المتحدة بنسبة 0.24%، إلى جانب سلوفينيا وجمهورية التشيك وإسبانيا.

في السنوات الأخيرة، وفقاً لتقرير مؤسسة "بروكينغز" الصادر في أيلول/سبتمبر الماضي، بلغ إنفاق المساعدات الأميركية نحو 0.33% من الناتج المحلي الإجمالي. وبلغ ذروته عند 3% من الناتج المحلي الإجمالي في الخمسينيات مع برنامج خطة مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وخلال الحرب الباردة، تراوحت من 1% إلى أقل بقليل من 0.5%.

ومع ذلك، في السنة المالية 2023، صرفت الولايات المتحدة ككل ما مجموعه 72 مليار دولار من المساعدات في جميع أنحاء العالم، ونحو 42% من جميع المساعدات الإنسانية التي تتبعها الأمم المتحدة في عام 2024. وغطّت الأموال كل شيء من صحة المرأة في مناطق الصراع إلى الوصول إلى المياه النظيفة وعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وأمن الطاقة ومكافحة الفساد.

لماذا يعارض ترامب عمل الوكالة؟

في أمر تنفيذي صدر في 20 كانون الثاني/يناير، أعلن ترامب عن توقف  معظم المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، قائلاً إنّ "صناعة المساعدات الخارجية والبيروقراطية لا تتماشيان مع المصالح الأميركية وفي كثير من الحالات تتعارضان مع القيم الأميركية".

وأضاف: "إنهم يعملون على زعزعة استقرار السلام العالمي من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات المتناغمة والمستقرة داخلياً وفي ما بين البلدان".

وفي مذكرة، حثّت الإدارة العاملين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على الانضمام إلى الجهود الرامية إلى تحويل كيفية تخصيص واشنطن للمساعدات بما يتماشى مع سياسة ترامب "أميركا أولاً"، وهددت باتخاذ إجراءات تأديبية لتجاهل الأوامر. وقد دق هذا الإجراء أجراس الإنذار من مخيمات اللاجئين في تايلاند إلى مناطق الحرب في أوكرانيا مع قول المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة إنّها قد تواجه قيوداً صارمة على قدرتها على توزيع الغذاء والمأوى والرعاية الصحية.

وقال مصدر مطلع على عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إنّ ضمّها إلى وزارة الخارجية سيكون بمنزلة رحيل كبير. كانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قادرة في الماضي على تقديم مساعدات إنسانية إلى دول لا تربطها بواشنطن علاقات دبلوماسية، بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية. وقال المصدر إنّ هذا ساعد في بعض الأحيان على بناء الجسور، وقد تضيع الفائدة إذا كانت عمليات الوكالة مرتبطة بأهداف سياسية بحتة.

ويرى منتقدو الوكالة أنّ أموال دافعي الضرائب تُنفق بلا فائدة في الخارج على مساعدات لا تخدم المصالح الأميركية. واتهم جمهوريون آخرون الوكالة بتمويل عمليات الإجهاض في الخارج.

ووصف ماسك، الذي أرسل موظفين ممّا يُسمى "إدارة الكفاءة الحكومية" لمراجعة مكاتب الوكالة، بأنها "منظمة إجرامية" يجب "زوالها". 

هل دعم المساعدات الخارجية ثنائي الحزبية؟

وفقاً لمؤسسة "بروكينغز"، كانت الإدارات والمشرعون الديمقراطيون تاريخياً أكثر دعماً من الجمهوريين، لكن كل رئيس بعد الحرب، سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً، كان مؤيداً قوياً للمساعدات الخارجية، باستثناء ترامب.

إنّ مقترحات إدارة ترامب الأولى لخفض ميزانية الشؤون الدولية الأميركية بمقدار الثلث رُفضت، وكذلك محاولات تأخير النظر في الكونغرس في تشريع المساعدات الخارجية التكميلية في عام 2024. وفي تصويت ثنائي الحزبية في حزيران/يونيو، رفض 80% من أعضاء مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون تعديلاً لإلغاء المساعدات الخارجية من ميزانية السنة المالية 2025.

هل يمكن لإدارة ترامب فعلاً إغلاق "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"؟

معركة قانونية ودستورية محتملة

من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الأميركي يملك الصلاحية لتغيير وضع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشكل منفرد. أفادت خدمة أبحاث الكونغرس في 3 شباط/فبراير بأن إلغاء الوكالة أو نقلها أو دمجها يتطلب تفويضاً من الكونغرس، لكنها أشارت إلى أن الرئيس لديه سلطة اقتراح وتنفيذ "تغييرات هيكلية".

يؤكد المشرعون الديمقراطيون وبعض المسؤولين السابقين أنّ هذه الخطوة ستكون غير دستورية، إذ إنّ استقلالية الوكالة أُقرت بموجب تشريع من الكونغرس، وبالتالي لا يمكن تغيير وضعها إلا عبر إجراء تشريعي من الكونغرس نفسه.

لكن، في المقابل، يسيطر الحزب الجمهوري الذي يقوده ترامب على مجلسي النواب والشيوخ، ما يمنحه صلاحية تمرير تشريعات جديدة. مع ذلك، لا يزال أمام الديمقراطيين إمكانية عرقلة أي قانون باستخدام "المماطلة البرلمانية"، وهي أداة إجرائية تمنحهم حق المطالبة بنقاش لا نهائي داخل مجلس الشيوخ.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.