أوراق سورية
لا يخفي العدو الصهيوني أجندته التمزيقية، من المشروع الذي فضحه الصحافي الهندي، كارنجيا، إلى مشروع عوديد أونيون، إلى مشروع برنار لويس، إلى ممر داوود، وبينها تفكيك سوريا إلى كانتونات طائفية.
-
مفارقات غريبة على سوريا.
هذه أوراق تشبه سوريا وما انتهت اليه، وما كانت عليه من فسيفساء ومربعات تنتمي إلى الخارج بقدر ما تنتمي إلى الداخل، وسبق للإعلامي المصري الكبير، هيكل، أن قارب مصر والمشهد العربي على هذا النحو أكثر من مرة، حين طالت البعثرة أكثر الدول مركزية.
مفارقات غريبة على سوريا
تصوروا المشهد الحالي في سوريا، سياسياً وحضارياً وثقافياً واجتماعياً، وقارنوه بما كانت عليه سوريا اواخر القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين:
- هزيمة كل الموجات الوهابية رغم اختراقها للحجاز والعراق، وكان مشايخ دمشق وحمص وحماه وحلب على رأس المقاومين.
- أفكار التنوير الأولى التي امتدت من سوريا إلى مصر وشملت رجال دين وعلمانيين على حد سواء، من الشيخ عبد الرحمن الكواكبي الحلبي إلى قسطنطين زريق.
- الجمعيات الفكرية والثقافية العربية التي امتدت إلى الطلبة والضباط العرب في اسطنبول، وكانت تدعو إلى التنوير والحداثة والحرية والاستقلال.
- الحراك السياسي في أوساط المثقفين ورجال الدين المتنورين والذي قدّم لسوريا والأمة كوكبة من مفكريها وقادتها التاريخيين.
- الثورات المتواصلة التي كانت تناهض كل المستعمرين إضافة إلى الإقطاع العثماني، وبينها وحدة زعماء سوريا الكبار ضد الاستعمار الفرنسي، من سلطان باشا الأطرش في السويداء
(سلطان القريّا) إلى الشيخ صالح العلي زعيم جبال العلويين إلى ابراهيم هنانو الحلبي الكردي وزعماء الشام والجزيرة.
- أول دستور ديمقراطي عربي 1920 عابر للطوائف والأكثرية والأقليات مع منح المرأة حق التصويت قبل نصف دول العالم الرأسمالي.
- التجارب المسرحية المبكرة وعشرات الصحف والمجلات السياسية والأدبية والصحافة الساخرة.
- الصالونات والصحافة النسائية واشتراك المرأة في التظاهرات والأنشطة الوطنية.
- المقاهي السياسية التي خرج من سجالاتها معظم الأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية والقومية واليسارية.
- المراجعات الفكرية والفقهية التي عرفتها مساجد عديدة في كل المدن السورية كامتداد لظاهرة قديمة شملت أشاعرة ومتصوفة وأنصار الغزالي والمعتزلة وعلم الكلام، وكان أنصار ابن تيمية والفرق المتطرفة الأقل تأثيراً.
سوريا، الجذور الطائفية العثمانية والأوروبية والصهيونية
قد لا يعرف البعض أن تكريس الطائفية في المشرق، بل في العالم الإسلامي والوطن العربي، يعود إلى مرحلة الإقطاع العثماني والاستعمار الأوروبي، البريطاني والفرنسي، وقد تطورت الطائفية من زمن سلاطين آل عثمان في القرن السادس عشر إلى السلاطين المتأخرين وبينهم السلطان عبد الحميد الثاني، الذين رضخوا للاستعمار الأوروبي بسبب الدَين العام الناجم عن فسادهم.
وكان من شروط ذلك تأسيس البنك العثماني ودور روتشيلد اليهودي فيه، لتسديد القروض المترتبة على السلطنة، والتوسع في نظام الملل والنحل على شكل طوائف تحت حماية القناصل المستعمرين:
الكاثوليك والموارنة تحت حماية فرنسا، والأرثوذكس تحت حماية روسيا القيصرية، والجماعات اللوثرية تحت الحماية البريطانية.
أما في حقبة الاستعمار الأوروبي المباشرة فكانت بريطانيا وفرنسا العلمانية الباعث الأساسي للطائفية:
فرنسا، بإلغاء أول دستور سوري عربي ديمقراطي عابر للطوائف والأقليات، كان المؤتمر السوري العام 1920 قد تبناه وتبنته أول حكومة سورية في العام نفسه، لكنّ حاكم سوريا الفرنسي، غورو، بعد احتلال سوريا ألغى هذا الدستور واستبدله بدستور طائفي سابق على دستور بريمر في العراق بعد احتلاله من قبل الإمبريالية الأميركية.
أما بريطانيا، فهي الوكر الذي خرجت منه كل الثعابين الطائفية، من دعم الوهابية إلى المودودية والبقية، بل إن بريطانيا أسهمت في اختلاق وصناعة كل الدول التي قامت على أساس طائفي بعد الحرب العالمية الثانية: من الكيان الصهيوني، إلى جنوب أفريقيا، إلى الباكستان، إلى دولة الوهابية في شبه الجزيرة العربية.
الجذور الصهيونية للطائفية
لا يخفي العدو الصهيوني أجندته التمزيقية، من المشروع الذي فضحه الصحافي الهندي، كارنجيا، إلى مشروع عوديد أونيون، إلى مشروع برنار لويس، إلى ممر داوود، وبينها تفكيك سوريا إلى كانتونات طائفية وجهوية، وتوفير الظروف الموضوعية والاحتقانات الطائفية المرافقة لها. ولم يتقدم العدو في هذه الاستراتيجية بعض الخطوات كما تقدم مع صعود الجماعات التكفيرية من نمط هيئه تحرير الشام، ولم يقتصر ذلك على ما يوصف بالأقليات، بل كان النصيب الأكبر من هذا الاختراق للأكثرية التي تحولت في العقل التكفيري من مشروع الأمة إلى مشروع طائفة.
وإذا دققنا في المشروع الصهيوني الأخير (ممر داوود)، الذي يبدأ من هضبة الجولان مروراً بسهل حوران الجنوبي ثم السويداء، والانعطاف شمالاً نحو مناطق الكرد، فمحوره الأساسي هو فكرة الجماعات الطائفية وبينها هيئة تحرير الشام، التي اختلقتها الدوائر الأطلسية والصهيونية كـ "بافر ستيت عازل" بين لبنان (حزب الله) وبين بقية المحور وخاصة إيران، من تجربة إمارة القصير إلى تجربة الرقّة، قبل أن تنجح هذه المخابرات في تحويل سوريا كلها إلى "بافر ستيت".
الجبل والموحدون
لقد تمكن العدو ومعه الدوائر الإمبريالية من اختراق الجميع، الأكثرية والأقلية في بيئة افتقدت إلى شروط الدولة الحديثة والمجتمع المدني، ولم تكن طائفة الموحدين استثناءً من هذا الاختراق.
لكن الغالبية الساحقة من الموحدين (الدروز) كما غيرها من بقية الطوائف غالبية وطنية عروبية بشهادة التاريخ، فجذورهم تتوزع بين القبائل القيسية العدنانية والقبائل اليمنية، والأهم من ذلك هي صولاتهم الميدانية ضد الاحتلالات المتعاقبة، فقد ناصروا محمد علي ضد التحالف البريطاني العثماني النمساوي الروسي ثم ثاروا على العثمانيين، ثم على الاستعمار الفرنسي، بل كانوا على رأس الثورة السورية 1925 ومعهم شيوخ جبال العلويين وحلب والشام والجزيرة.
يُشار هنا إلى أن أول رئيس وزراء للإمارة في الأردن 921، رشيد طليع وهو من دروز جبل الشوف، قد استشهد في هذه الثورة بعد خلاف مع الأمير عبد الله ومغادرته إلى سوريا.
كما قاد الموحدون في لبنان بدعم عبد الناصر الثورة الوطنية 1958 ضد رجال واشنطن وتصدوا للإنزال البحري الأميركي البريطاني في بيروت، وشاركوا في إسقاط اتفاق 17 ايار الذي وقعته أوساط من البرجوازية السنية والمارونية مع العدو الصهيوني بعد اجتياح لبنان 1982.
ومن المعروف كذلك، أن غالبية دروز الجولان المحتل رفضوا جنسية العدو متمسكين بجنسيتهم العربية السورية.
ويعرف الموحدون الدروز قبل غيرهم أنهم جزء لا يتجزأ من سوريا التاريخية، وأن اختلافهم مع هذه السلطة أو تلك في دمشق لا يدفعهم إلى أي خيار آخر، ولا سيما أن صدام أي سلطة معهم لأي سبب كان، كان علامة على رحيل هذه السلطة، من سلطة الاحتلال الفرنسي إلى سلطة الشيشكلي الذي أسقطوه ولاحقوه في أميركا اللاتينية.
عن أي عشائر ومن أين مرّوا صوب الجبل
العشائر العربية السورية في معظمها امتداد للنزوحات الكبرى من شبه الجزيرة العربية، قيسية ويمنية، عنزة وشمر، بنو عامر ووائل وكلاب وكلب إلى آخره، وكانت ضمن التجاذبات التاريخية المعروفة بين آل البيت والأمويين والعباسيين، بل إن قسماً كبيراً منها مثل كلاب انخرط مع القرامطة وآخر مثل الهلاليين انخرط مع الفاطميين.
خلال الحرب العالمية الأولى وبحسب الجاسوسين المؤرخين المتصارعين خلال هذه الحرب لورانس البريطاني وأوبنهايم الالماني، فمن صفوف عنزة خرج معظم القبائل الوهابية، ومن شمر والياور خرجت القبائل المناهضة.
وبالمثل الانتماءات المعاصرة بكل تياراتها السياسية قبل وبعد اتفاقية حداء لترسيم الحدود بعد الحرب العالمية الأولى، فالغالبية الساحقة كانت صورة للمجتمعات العربية وتجاذباتها، مقابل أقليات منها استفادت من التجارة غير الشرعية للحدود وأفرزت زعامات تشبه هذه التجارة.
هكذا مقابل انخراط العشائر العربية في حراك الأمة وثوراتها مثل زعماء ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني، ولم تقتصر على عشائر الفرات الأوسط الشيعية، شاهدنا زعامات من تجاره الحدود غير الشرعية وهم ينسبون لأنفسهم قيادة باسم عموم العشائر العربية وينخرطون في الفتنة الطائفية في جبل العرب بذريعة قتال عملاء "إسرائيل".
من المؤكد أن كل موقف ضد العدو الصهيوني موقف مرحب به، إذا لم يكن هو نفسه صورة أخرى من صور خدمة العدو، فكيف إذا مرت أرتاله من الحواجز الإسرائيلية.
بين الأسد وهيئة تحرير الشام
الأسد: إذا لم تكن تجربة الأسد في رئاسة الدولة السورية مقبولة لدى بعض الأوساط السورية، أياً كانت دواعيها، فما هي مشكلة النظام الرسمي العربي مع هذه التجربة ليتكالب عليها كل هذا التكالب.
فالغالبية الساحقة من عواصم هذا النظام تفتقر إلى الحد الأدنى من الديمقراطية والعدالة والشفافية والنزاهة والحق بالمساءلة والمحاسبة، بل إن أكثرهم عداءً للدولة السورية في عهد الأسد هو أكثرهم حماسة للتنظيم الإرهابي، هيئه تحرير الشام ولم يسمعوا لا بالدستور ولا بالنقابات والأحزاب والمجتمع المدني ونظريات العقد الاجتماعي وفلاسفتها، ولا حتى بنجيب محفوظ أو محمود درويش، ناهيك بأن مجيء الأسد الأب للسلطة 1970 حظي بأكثر مما حظي به الجولاني من حفاوة وإطناب.
فالأسد حظي بتوافق عربي ودولي ومحلي واسع جداً، من موسكو إلى واشنطن ومن القاهرة إلى الرياض ومن الحزب الشيوعي السوري إلى غرفه تجارة دمشق وتيار واسع من جماعه الإخوان أيضاً، ولم يتراجع هذا الدعم عند الدوائر الغربية والنفطية إلا بعد رفض الأسد مباركة كامب ديفيد مع العدو الصهيوني، وعندما قال لن نوقع علّق صحافي إسرائيلي على ذلك (نريد توقيعاً من زعيم يمثل الأغلبية السنية) ومن أجل مجيء هذا الممثل الأموي جرى إغراق سوريا بالدم والحرائق والحصار.
هيئة تحرير الشام
1- إذا كان ما جرى بعد إسقاط الدولة السورية مسرحية دولية إقليمية، بمشاركة الدوائر البريطانية أولاً والأميركية ثانياً والعثمانية الجديدة ثالثاً وبدعم محميات النفط والغاز المسال الجاهزة مع الميتروبولات، من سوريا إلى فنزويلا.
لماذا لم يختاروا زعيماً أموياً جاهزاً للتوقيع من الجيش الحر أو العديد من رموز المعارضة السورية الليبرالية التي تقيم في لندن أو باريس أو غازي عنتاب أو الخليج، باستثناء هيثم المنّاع الذي يعتبر ديموقراطياً حقيقياً ومستقلاً خارج الصفقات والبيع والشراء.
هل كانوا يبحثون عن ثعبان يبتلع كل الثعابين بما فيها الإيغور والأوزبك ويغلق هذا الجحر الذي فتحوه باسم الربيع العربي، وإذا فعلوا ذلك فهل نرى هيئة تحرير الشام على شكل أسراب من الحمام الأبيض، أم أن سوريا كلها في طريقها لأن تصبح غابة لا تصلح إلا للوحوش يطلقها الإمبرياليون في كل مكان من الشرق الأوسط.
2- من بديهيات الموظف العام، حتى لو كانت مهنته رئاسة الدولة، أن يقدم ما يوازي شهادة حسن سلوك (لا حكم عليه) التي تطلبها أي مؤسسة رسمية أو خاصة عند التوظيف والبعض يطلبها عند الزواج، فهل يمتلك قادة هيئة تحرير الشام مثل هذه الشهادة، علما بأن المسالخ الحكومية تطلب شهادات مماثلة.
وبودنا أن نسأل أيضا المسؤول الأول في هيئة تنفيذية عربية وكان قاضياً في محكمة دولية، هل يجوز لقاضٍ دولي أن يصافح إرهابيين مطلوبين للعدالة الدولية ولا يزالون حتى اليوم يديرون سجناً سرياً للتعذيب هو سجن العقاب في إدلب؟
3- هل تنتمي هيئة تحرير الشام وقادتها إلى أهل السنة والجماعة، أم أننا إزاء وهابية مستحدثة تعود جذورها إلى مكتب أوباما وهيلاري كلينتون، والتي خرجت منها جبهة النصرة وربيبتها هيئه تحرير الشام، علماً بأن الوهابية بكل تياراتها معادية للفكر السني وخاصة الأشعرية وأفكار الجويني وكذلك الغزالي.
4- إذا كنا إزاء سفياني أموي منتظر منتقم من بغداد العباسية وجوارها، فماذا عن الخطوة التالية في الخيال الشعبي للسفياني نفسه، وهي ظهور المهدي الذي يطيح بالسفياني.
5- هل سمع أنصار (هيئة تحرير الشام) عن أنظمه برسم التجربة مدتها القصوى سنة قابلة للتجديد وقابله للفسخ، ومن شروطها الأساسية في الحالة العربية المشرقية، الخضوع للكيان الصهيوني تحت عنوان الأخوة الإبراهيمية وما يرتبط بها من محافل ماسونية.
جاسوسات بريطانيا المشرقيات مجدداً
أياً كانت علاقات جماعات الإسلام التكفيري بالاستخبارات الأميركية أو العثمانية الجديدة أو الدوائر النفطية العربية، فمربط خيل كل هذه الجماعات منذ القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا، هو الاستخبارات البريطانية بكل تراثها الاستخباري، من قلم الاستخبارات في شركه الهند الشرقية التي تبنت الوهابية، إلى القسم الخارجي في شركه قناة السويس قبل تأميمها من قبل جمال عبد الناصر، والتي قدمت أول مبلغ لجماعة حسن البنا في الاسماعيلية.
في هذا العالم الاستخباري الإنجليزي لعبت الجاسوسات المشرقيات دوراً ملموساً وخطيراً، بينهن اسم جديد لسيدة بريطانية من أم يهودية تحوم مثل الفراشة في سماء دمشق الجديدة هي (ك. ح).
أما أشهر الجاسوسات المشرقيات فهن:
- اليهوديه سارة أرنسون، وشبكتها خلال الحرب العالمية الأولى وقد أقامت علاقات متنوعة مع رجالات بريطانيا من العرب وغيرهم كما مع جمال باشا الوالي التركي على سوريا.
- الخاتون بيل، كلفت باختراق القبائل البدوية وتنقلت بين تدمر ونجد والحجاز والعراق، حيث استقرت كمستشارة للعهد الجديد بعيد الحرب الأولى.
- الليدي ستانهوب، التي ظهرت أواخر القرن التاسع عشر واستقرت في صيدا لبنان وتمكنت من اختراق عربان سوريا وإرسالهم إلى جبال العلويين والتنكيل بهم على غرار ما فعله ابن تيمية وعربانه ضد الشيعة في كسروان اللبنانية.
المخدرات والسياسة
اختصر إعلام النفط ووكالات الأنباء الأطلسية عالم المخدرات بكل أنواعها بسنوات محددة من سنوات الأزمة السورية، فيما الحقيقة أن عالم المخدرات سابق ولاحق لهذه السنوات، ومنه تحول تجار مخدرات كبار إلى قادة مزعومين للمعارضة ثم للعشائر.
يشار أيضاً إلى أن تاريخ المخدرات كتجارة دولية على نطاق واسع، بدأ مع الاستعمار البريطاني وحربه مع الصين في القرن التاسع عشر، التي عُرفت بحرب الأفيون وتطور هذا العالم والتاريخ مع الاستعمار الأميركي في أميركا اللاتينية ثم في آسيا الوسطى لدعم جماعة الثورات المضادة ضد حركات التحرر وموسكو، ولا سيما في أفغانستان وتمويل المجاهدين الذين تقودهم الاستخبارات الأميركية.
ومن القضايا التي شغلت الرأي العام في كوريا الجنوبية وقبلها في ألمانيا، اكتشاف كميات كبيرة من المخدرات في صناديق أميركية تنقل الأسلحة إلى قواعد واشنطن في البلدين المذكورين.
شفافية برّاك
ما الذي يمكن أن يقوله ويعبر عنه ويحمله إلى الشرق الأوسط مبعوث رئيس مثل ترامب؟
يقول حول لبنان إن بلاده الضامن الأساسي للاتفاق مع الدولة اللبنانية، لا تستطيع الضغط على "إسرائيل" لوقف عدوانها والانسحاب من الأراضي اللبنانية وإن على لبنان ومن طرف واحد الالتزام بهذا الاتفاق وإلا.
وحول سوريا يجزم المبعوث في غياب أي تحقيق الدولي محايد حول مذابح الساحل والسويداء أن (الحكومة الصديقة) في دمشق موثوقة وبريئة من هذه المذابح، ويحيلها كما تفعل (حكومته الصديقة) وإعلامها الموثوق جدا إلى انتهاكات فردية وعصابات خارجة عن القانون، قانون التنظيم الإرهابي لهيئة تحرير الشام.
ويكرر المبعوث المعزوفة نفسها على لسان (حكومته الصديقة) سنحقق وسنحاسب وفق قانون العصابة الذي صار شرعياً لأن واشنطن ومحميات النفط والغاز المسال قررت ذلك.
درسان للواهمين من الطرفين
الدرس الأول: للواهمين بإقامة كيانات خاصة بدعم العدو الصهيوني والمتروبولات الإمبريالية والاستفادة من غياب الدولة الحديثة والمجتمع المدني الناجم عن الفوات الحضاري وقطع الطريق على تمثلات الأمة المعاصرة.
ثمة أوساط كردية حاولت ذلك مراراً وتكراراً وانتهت إلى صفقات رخيصة، ومثلها أوساط طائفية هنا وهناك وانتهت في صفقات مماثلة، لم تخلُ من إطلاق يد الجماعات الأكثر عمالة من قبل الدوائر الإمبريالية نفسها وتعهداتها الكاذبة المزعومة لهذه الطائفة أو تلك.
الدرس الثاني: للواهمين بلعب دور الشرطي الإقليمي، فلا شرطي إقليمياً سوى الشرطي الصهيوني وما عداه حالات عابرة، من أوهام الشرطي العربي البديل للخليج بعد الثورة الإيرانية إلى أوهام الشرطة الصغار في لبنان وفي أوساط مارونية محددة، بعد فشل أو رفض الحريرية السياسية لعب هذا الدور ضد حزب الله، بل إن الشرطي الصهيوني نفسه يظهر عجزه المرة تلو المرة ويدخل مرحله التفسخ والتصدع برأس مدجج بأحدث الأسلحة وجسد اجتماعي يتحلل من مرحلة إلى أخرى، من الصهيونية السياسية وحزب العمل إلى الصهيونية الدينية....