منتخب إيطاليا القويّ والمُبهِر
المنتخب الإيطالي خاض مشواراً مذهلاً في تصفيات كأس أوروبا 2020 متفوّقاً على جميع المنتخبات. إيطاليا عادت قوية للغاية.
من النادر أن يُخطىء ليوناردو بونوتشي تشتيت الكرات، لكن، يمكن القول، إنه "أخطأ" في تصريحه أمس عندما قال إن إيطاليا تأتي حالياً الآن وراء منتخبات إسبانيا وفرنسا وألمانيا في أوروبا. أو فلنقل ربما حاول قائد المنتخب الإيطالي ألا يكون مُتعالياً في تصريحه، غير أنه على الأرجح يعلم في قرارة نفسه أن منتخب بلاده قوي لدرجة أن يكون على مرتبة واحدة مع المنتخبات المذكورة وغيرها بعد أن استثنى من حديثه بلجيكا والبرتغال وإنكلترا وهولندا وغيرها. من دون مبالغة فإن إيطاليا عادت قوية، قوية للغاية بما يجعلها مُرشّحة فوق العادة للمنافسة على لقب كأس أوروبا الصيف المقبل.
هو منتخب إيطاليا الذي عوَّدنا دائماً أنه يمرّ بفترات فراغ و"يمرض" ثم ما يلبث أن يستعيد عافيته، لكن هذه المرة فإن "سكوادرا آتزورا" قدّم تصفيات غير مسبوقة إذ غالباً ما كان الطليان يعانون في تصفيات البطولات الكبرى.
فلنعد إلى تلك الليلة الحزينة قبل عامين في تصفيات مونديال روسيا 2018، في ميلانو. حينها ذرف نجم الحراسة السابق في المنتخب، جيانلويجي بوفون، الدموع وهو يرى إيطاليا تفشل في التأهّل إلى النهائيات في الملحق أمام السويد. بدت إيطاليا يومذاك ضعيفة، ضعيفة لدرجة أنها لم تقو على أرضها على تسجيل هدف يؤهّلها إلى المونديال. إيطاليا خارج المونديال للمرة الأولى منذ 60 عاماً، كانت العبارة ثقيلة على المسامِع وتاريخاً أسود للطليان، جاء أيضاً بعد مونديالَين للنسيان في 2010 و2014 ودّع فيهما "سكوادرا آتزورا" من الدور الأول.
الصورة تبدو مختلفة كلياً اليوم. يبدو لمعانها وبريقها واضحَين للعيان. المنتخب الإيطالي يحلّق في الصدارة وهو الوحيد الذي حقّق الفوز في كل مبارياته بـ 30 نقطة والأكثر تهديفاً بـ 37 هدفاً مشاركة مع إنكلترا رغم أنه لعب مباراتَين أكثر لوجود منتخب إضافي في مجموعته، وأنهى التصفيات أمس بأفضل طريقة بفوزه على أرمينيا 9-1.
في إيطاليا حالياً منتخب يَعِدُ بالكثير. منتخب شاب بمجمله يضمّ الكثير من المواهب على غرار نيكولو زانيولو وفيديريكو كييزا ونيكولو باريلا وساندرو تونالي وجميعهم لا يتخطّون 22 عاماً، فضلاً عن وجود فيديريكو برنارديسكي ولورينزو إنسينيي وأندريا بيلوتي. منتخب يجمع بين "الغرينتا" والقتالية في الأداء في اللعب التي اعتاد عليها الطليان وبين المهارة وحماسة الشباب. منتخب حافظ على قوَّته الدفاعية حيث إنه ثالث أقوى خط دفاع في التصفيات بعد بلجيكا وبولندا بوجود "الصخرة" بونوتشي وإلى جانبه أليسيو رومانيولي بتلقّي الشباك الإيطالية 4 أهداف فقط، لكن الأبرز هو التطوّر الذي حصل من خلال عدم اكتفاء المنتخب الإيطالي بنزعته الدفاعية والتي كانت في أكثر الأحيان تجعل أداءه ممّلاً بحيث أصبح الآن يقدّم الكرة الجميلة والهجومية من خلال وجود الهدّاف تشيرو إيموبيلي الذي يعيش أفضل أوقاته مع فريقه لاتسيو، ويتصدّر ترتيب هدّافي "السيري أ" برصيد عالٍ من الأهداف هو 14 هدفاً وبفارق كبير هو 5 أهداف عن البلجيكي روميلو لوكاكو الثاني. هذا فضلاً عن خيارات هجومية كثيرة بوجود بيلوتي وزانيولو وكييزا وبرنارديسكي وإنسينيي وستيفان الشعراوي.
ما هو واضح أن منتخب إيطاليا اختلف 180 درجة بوصول المدرّب روبرتو مانشيني إلى مقعد المدير الفني والذي غيّر شكل المنتخب وقَلَبَ الأمور رأساً على عقب لناحية الأفضل، وذلك بعد أن عاش "سكوادرا آتزورا" مأساة حقيقية في فترة مدرّب متواضع هو جيامبييرو فينتورا.
هكذا، فإن إيطاليا عادت قوية، برّاقة، مُبهِرة. إيطاليا بأفضل أحوالها تشكّل فائدة للكرة الأوروبية، إذ لا نكهة للمنافسة من دون إيطاليا وغيرها من المنتخبات القوية.