ميسي من ضيافة تركي آل الشيخ... إلى تل أبيب!
ليونيل ميسي في تل أبيب لخوض مباراة دولية ودّية بين مُنتخبَي الأرجنتين والأوروغواي اليوم. ما الذي تغيَّر بين اليوم وقبل عام عندما امتنع المنتخب الأرجنتيني نفسه بقيادة ميسي عن خوض مباراته التي كانت مُقرَّرة أمام منتخب كيان الاحتلال في تل أبيب أيضاً؟
قبل أيام كان النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في السعودية. خاض المباراة الدولية الودّية بين منتخب بلاده وغريمه البرازيلي في الرياض. لكن اللافِت قبل المباراة أن ميسي كان في ضيافة مُستشار الديوان المَلَكي ورئيس هيئة الترفيه السعودية ومالك نادي ألميريا الإسباني، تركي آل الشيخ، في منزله الفاخِر.
ما الذي يجمع بين ميسي وآل الشيخ، ولماذا هذا النجم العالمي الكبير يزور منزل مالِك نادٍ إسباني علماً أنه لاعب في برشلونة؟ مُجرَّد سؤال.
حفاوة آل الشيخ بميسي كانت بالِغة. تحدّثا طويلاً والتقطا الصوَر التذكارية، وبحضور المُترجِم راح آل الشيخ يُحدِّث ميسي عن "التطوّر" الذي تشهده السعودية ويكيل المديح لولي العهد السعودي محمد بن سلمان! ماذا يعني هذا الأمر لميسي؟ مُجرَّد سؤال.
آل الشيخ أعرب عن أمنيته بأن يضمّ ميسي إلى صفوف فريقه بعد سنوات، لكنه بالتأكيد لم يتمنَّ على النجم الأرجنتيني عدم خوض المباراة الدولية الودّية أمام الأوروغواي اليوم الإثنين في كيان الاحتلال. لماذا يفعل ذلك؟ ما علاقته بالموضوع؟ وأصلاً فإن الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يهتمّ قبل أسابيع لكل المطالب بعدم اللعب في رام الله أمام منتخب فلسطين في التصفيات الآسيوية المزدوجة، وما يمثّله هذا الأمر من تطبيع من خلال المرور على حواجز جيش الاحتلال والحصول على تصاريح الدخول، علماً أن الاتحاد السعودي نفسه كان قد رفض خوض مباراة مُماثِلة في 2015 منعاً للتطبيع، إذاً لماذا سيتمنَّى آل الشيخ على ميسي عدم اللعب في تل أبيب؟ لماذا إذاً خلال استقباله له سيحدّثه عن فلسطين وقضيّتها ومظلومية شعبها واعتداءات جيش الاحتلال؟!
من الرياض وصل ميسي مع منتخب الأرجنتين ليل أمس إلى مطار بن غوريون في تل أبيب وسط سخط وانتقادات من عشّاق اللاعب العرب. قبل أكثر من عام تقريباً، وقبل أيام من مونديال روسيا 2018، كان منتخب الأرجنتين بقيادة ميسي سيخوض مباراة تحضيرية للبطولة أمام منتخب كيان الاحتلال في تل أبيب. حينها ارتفعت صرخات الفلسطينيين والعرب ومطالبتهم بإلغاء المباراة ونجحوا في ذلك. لكن ها هو ميسي الآن مع منتخبه في تل أبيب، علماً أن لُعب المباراة في تل أبيب تحديداً يندرج ضمن محاولات "الإسرائيليين" لتلميع صورة كيانهم. ماذا تغيَّر إذاً بين اليوم وقبل عام؟
قد يقول قائِل إن ميسي ربما لا تعنيه السياسة ولا قضية فلسطين وليست من اهتماماته وهو في النهاية نجم كرة وبلاده ليست على عداء مع كيان الاحتلال. هذا صحيح، لكن هذا لا يعفي النجم الأرجنتيني، نظراً لما يمثّله، من اتخاذ موقف إنسانيّ تضامناً مع مأساة الفلسطينيين، على غرار بعض النجوم، ومقاطعة اللعب في كيان الاحتلال خصوصاً أن ناشطين تظاهروا قبل أيام أمام المدينة الرياضية في برشلونة وطالبوه بعدم اللعب في تل أبيب، وخصوصاً أيضاً أن ثمة محيطين بالنجم الأرجنتيني يعلمون تمام العِلم أن زيارته تل أبيب ولعبه مباراة فيها مضرّة لصورته بعيون ملايين المُشجّعين العرب له. هؤلاء يعرفون جيداً أن الشعبية الأكبر لميسي هي في البلدان العربية، وهذا واضح على الأقلّ، على سبيل المثال، من خلال الإعلانات التلفزيونية العديدة التي صوَّرها ميسي لبلدانٍ عربيةٍ وتحدَّث في بعضها باللغة العربية.
ماذا تغيَّر بين اليوم والعام الماضي إذاً؟ ما تغيَّر بالنسبة إلى الاتحاد الأرجنتيني ومعه ميسي والمُقرّبون إليه أن منتخباً لبلد مثل السعودية لا يمانع من المرور على نقاط تفتيش جيش الاحتلال ليلعب في الأراضي المحتلة، كما أسلفنا ذِكره؟ إذاً، من وجهة نظر هؤلاء، ما المانع أن تلعب الأرجنتين وميسي والأوروغواي ولويس سواريز في كيان الاحتلال؟ ما تغيَّر أن بلداناً خليجية تستضيف أكثر فأكثر رياضيين من كيان الاحتلال وتحتفي بهم وتعزف نشيدهم كما حصل أول من أمس في أبو ظبي، إذاً، من وجهة نظر هؤلاء، ما المانِع من أن تلعب الأرجنتين وميسي والأوروغواي وسواريز في كيان الاحتلال؟
المشكلة إذاً هي في البلدان العربية التي تطبِّع مع كيان الاحتلال. المشكلة عند هؤلاء الذين لا يتَّخذون موقفاً مُمانِعاً وحاسِماً ولا يلعبون في الأراضي المحتلة ولا يستضيفون رياضيين من كيان الاحتلال على أراضيهم. لو كان هؤلاء يقومون بحملات يدافعون فيها عن فلسطين ويشرحون للعالم مأساة شعب فلسطين وقضية فلسطين وينقلون الصورة الوحشية لكيان الاحتلال، عندها، بالتأكيد، لم نكن لنرى ميسي في تل أبيب!