الأبطال مرّوا من هنا
كان المشهد لا يوصَف للجماهير وهي تستقبل فريق العهد وتحتفل بإنجازه الآسيوي الكبير... كانت لحظات للتاريخ.
كانوا كباراً وصغاراً وشيباً وشبّاناً في الموعد. حملوا وفاءهم وعشقهم للنادي بانتظار الأبطال. اختلف المشهد بين مساء أمس وقبل 10 أيام. حينها غادر فريق العهد أرض الوطن حامِلاً حلماً وثقلاً كبيرين، أما أمس فكانت الحشود في الاستقبال تحتفل بتحقيق الحلم. تغمرهم فرحة الإنجاز. إنجاز أجمع العهد بإدارته وكادره الفني ولاعبيه على إهدائه لكل الوطن. العهد لعب، وفاز لبنان.
بمُجرّد أن أطلّ الفريق في المطار ارتفعت صيحات الفرح والأهازيج. استقلّ اللاعبون الحافلة. على طول المسافة كانت حشود المُشجّعين تهتف للأبطال. اللاعبون في أعلى الحافلة يبادلونهم التحايا. أصبح هؤلاء في تلك اللحظة بين أحبّائهم، أمام أعينهم، بعد أن باعَدتهم المسافات والرحلة الشاقّة إلى ماليزيا.
مشت الحافلة. شقّت طريقها بين الحشود. عَلَم لبنان يُرفرِف وإلى جانبه عَلَم العهد، والكأس تلمع لا بل ازداد بريقها بعد أن أصبحت بين يدَيّ أبطال لبنان. كانوا يتناقلونها بينهم ويرفعونها عالياً فترتفع الصيحات.
مشت الحافلة ببطء يتبعها شريط ذكريات تاريخ هذا النادي الذي انطلق في أواسط التسعينيات تقريباً (1997) وراح يجتاز المسافات بسرعة البرق ويتخطّى الصعوبات حتى أصبح بطل لبنان 7 مرات وبطل الكأس والنخبة عدّة مرات، وها هو الآن في القمّة الآسيوية.
الساعة أوشكت على الثامنة. هنا ميدان شهداء المقاومة في قلب ضاحية بيروت الجنوبية. الجموع تزداد. الكل يترقَّب أن يطلّ الأبطال. أعلام لبنان والعهد تُرفرِف عالياً والقلوب تخفق فرحاً، وفرحة تملأ الوجوه... ما أحلى الانتصار.
الجموع تتجّه إلى الناحية المقابلة بعد إعلامها أن الحافلة ستمرّ من هنا. هي دقائق مرّت بطيئة لكن جميلة. أصوات أبواق سيارات ودراجات نارية تُسمَع من بعيد. يصرخ أحدهم "اقترَبوا". دقائق إضافية وتظهر حافلة أولى تحمل صورة كبيرة لشهيد النادي قاسم شمخة وترتفع منها الأناشيد التي تحتفل بالفوز. لم ينسَ العهد شهيده الذي كان يحلم بهذه اللحظة. أهداه الفوز. ها هي الحافلة التي تقلّ اللاعبين تصل وصيحات الفرح والأهازيج ترتفع. هذا المُشجِّع يُحيّي مهدي خليل وذاك يُحيّي أحمد زريق، وعيسى يعقوبو مُسجّل هدف الفوز يلوِّح بيدَيه للجموع، وهواتف المُشجِّعين تؤرِّخ اللحظة التاريخية. نعم كانت اللحظة تاريخية. المشهد يفوق الوصف... مُجدَّداً، ما أحلى الانتصار.
تُنهي الحافلة جولتها في ملعب النادي حيث كان الاحتفال الكبير وخِتام المشوار الطويل الذي بدأ قبل أشهر وانتهى "عهداوياً" لبنانياً.
صبيحة اليوم. الكأس الآسيوية تستقرّ في مكانها في خزائن النادي. إنها شمس الانتصار تُشرِق على العهد وكل لبنان.