روسيا تتفوّق على الولايات المتحدة بتطوير قدرات التحرّك في منطقة القطب الشمالي
القطب الشمالي يُمكن أن يُمثّل مسرحاً رئيسياً للحرب في الصراعات المستقبلية، لكن الولايات المتحدة ستحتاج إلى توسيع أسطولها من السفن كاسحة الجليد بشكلٍ كبير حتى تتمكّن من المنافسة بالمنطقة المتجمّدة، في وقت تتفوّق فيه القدرات الروسية على منافسيها بشكل كبير .
أفادت وكالة "سبوتنيك" الروسية، اليوم الأحد، بأنّ هناك فجوةً واسعة بين قدرة روسيا والولايات المتحدة على العمل في منطقة القطب الشمالي.
وقال مراسل "سبوتنيك" المتخصص في السياسة والاقتصاد والشؤون الدولية، جون مايلز، إنّه مع إعادة هيكلة القوات المسلحة الأميركية لشنّ قتالٍ واسع النطاق ضد خصومٍ مثل روسيا والصين، يضغط المُشرّعون الأميركيون من أجل تجديد الاهتمام في منطقة القطب الشمالي، التي لطالما يتمّ تجاهلها من القوى العالمية.
وحذّر جنرال القوات الجوية جريجوري جيلو، الذي يرأس القيادة الشمالية للقوات المسلحة الأميركية، من أنّ الولايات المتحدة تتخلّف بشكلٍ خطير عن روسيا في عدد سفن كاسحات الجليد اللازمة لضمان التنقّل في المياه المتجمدة، ولا سيما في القطب المتجمّد الشمالي.
وأشار جيلو إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تزال تملك سفينةً واحدة ثقيلة في القطب الشمالي لكسر الجليد، في حين أن روسيا لديها نحو 40 سفينة، كاشفاً عن ذلك خلال جلسة استماع في الكونغرس للجنة الأميركية للخدمات المسلحة، هذا الأسبوع.
وتحوّل التركيز إلى القطب الشمالي مع تصاعد التوترات مع روسيا وسط الحرب في أوكرانيا المدعومة من الولايات المتحدة، إذ تمتلك روسيا أطول خط ساحلي في القطب الشمالي مقارنةً بأيّ دولةٍ حول العالم، وأيضاً، تشترك مع الولايات المتحدة في حدود كبيرة مع المحيط المتجمّد الشمالي في ولاية ألاسكا.
ويعيش نحو 2 مليون مواطن روسي شمال الدائرة القطبية الشمالية، وقد تابعت البلاد الشحن وصيد الأسماك في المنطقة لقرونٍ عديدة، وفي السنوات الأخيرة، وسّعت روسيا وجودها الأمني في القطب الشمالي، حيث أدّى تغيّر المناخ إلى ذوبان الجليد البحري، مما كشف الساحل الشمالي للبلاد.
وظهرت تكهنات بأنّ القطب الشمالي يُمكن أن يُمثّل مسرحاً رئيسياً للحرب في الصراعات المستقبلية، لكن الولايات المتحدة ستحتاج إلى توسيع أسطولها من سفن كاسحة الجليد بشكلٍ كبير حتى تتمكّن من المنافسة في المنطقة المتجمّدة.
ولفت السناتور دان سوليفان عن ولاية ألاسكا، انتباه المشرّعين الأميركيين خلال الخريف الماضي، قائلاً: "نحن بحاجةٍ إلى التأكّد من أننا نُحاول سدّ فجوةٍ كبيرة جداً في كاسحات الجليد".
وأضاف سوليفان أنّ "قدرة الصين على تطوير كاسحات الجليد تسير بخطى سريعة لتتجاوز قدراتنا في العام 2025، وهي ليست حتى دولة حاضرة في القطب الشمالي".
وبحسب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، فإنّ روسيا، باعتبارها أكبر دولة بالقطب الشمالي في العالم، تعتبر منطقة القطب الشمالي ذات أهمية استراتيجية.
روسيا تتفوّق على الولايات المتحدة بكاسحات الجليد
وجرى تصميم السفن الكاسحة للجليد بشكلٍ خاص وقوّة مُتزايدة لتمكينها من اختراق الجليد البحري القطبي، الأمر الذي يفتح الطرق أمام المزيد من السفن التقليدية.
ودخلت "بولار ستار"، كاسحة الجليد الثقيلة الوحيدة في الولايات المتحدة التابعة لخفر السواحل والتي يبلغ وزنها 13 ألف طن، الخدمة منذ ما يقرب من 50 عاماً.
ويعتمد خفر السواحل على "بولار ستار" و"يو أس سي جي سي هيلي"، وهي كاسحة جليد متوسطة الحجم، لفتح الطرق في القطب الشمالي. والسفينة الشقيقة لـ"بولار ستار"، والتي يطلق عليها اسم "بولار سي"، خارج الخدمة منذ العام 2010 بسبب تعطّل خمسة من محرّكات الديزل الستة الخاصة بها.
وفي الوقت نفسه، تشغل روسيا ما يقرب من 12 سفينة ثقيلة كاسحة للجليد تعمل بالطاقة النووية، وروسيا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي تستخدم كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية.
وتصنّف "أركتيكا" و"سيبير"، اللتان تعملان بالطاقة النووية، على أنّهما أقوى سفينتين لكسر الجليد في العالم، ما يضمن سلامة الملاحة في القطاع الروسي من المحيط المتجمّد الشمالي وعلى طول طريق بحر الشمال.
ويقع طريق بحر الشمال داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لروسيا، ومن المقرّر أن يدخل في الاعتبار في خطط روسيا الاقتصادية في المستقبل. إذ يتيح الطريق البحري الشمالي للشحنات الوصول إلى وجهتها بشكلٍ أسرع مما لو كانت عبر طريق قناة السويس.
وطلب خفر السواحل الأميركي زيادة الأموال للتركيز على منطقة القطب الشمالي لأكثر من 20 عاماً، لكن الإجراء الذي اتخذه الكونغرس تأخّر بشكلٍ متكرر.
وظلت الدول الغربية تخشى غزو الاتحاد السوفياتي لعقود من الزمن خلال الحرب الباردة، إلا أنّ الولايات المتحدة هي التي غزت الأراضي الروسية أولاً، إذ أرسلت قوّة مُشاة أميركية، والمعروفة باسم "بعثة الدب القطبي"، إلى مدينة أرخانجيلسك شمالي روسيا، لمحاربة الجيش الأحمر في العام 1918، كما جرى إرسال القوات إلى فلاديفوستوك (الشرق الأقصى الروسي) كجزءٍ من التدخل السيبيري.
يُشار إلى أنّ روسيا تسعى إلى تطوير طريق البحر الشمالي كأهمّ ممرات النقل لروسيا، من أجل تعزيز إمكاناتها التصديرية وإنشاء طرقٍ لوجستيةٍ فعّالةٍ تصل إلى جنوب شرقي آسيا.
وتسعى موسكو بشكل متزايد إلى تنمية هذا الطريق لتأمين شريان حياةٍ اقتصادي، بعد فرض العقوبات الغربية، إذ إنّ أكثر من نصف سواحل القطب الشمالي تعدّ أراضي روسية ويعيش فيها مليونا شخص، أي نصف سكان المنطقة التي تعوم على ثرواتٍ ضخمةٍ تُقدَّر بخمسةٍ وثلاثين تريليون دولار، وتُطلّ عليها دول النرويج والسويد وأيسلندا في أوروبا، وكندا وجزءٌ من ألاسكا في الولايات المتّحدة.