ذكرى اغتيال الجعبري.. المطوّر العسكري والقائد الوحدوي

في ذكرى عملية الاغتيال للقيادي في "كتائب القسّام" أحمد الجعبري، الفصائل الفلسطينية تتحدث إلى "الميادين نت" عن دوره الجهادي في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وتوحيد الصف الفلسطيني.

  • في ذكرى اغتيال القيادي الجعبري..الفصائل الفلسطينية للميادين نت:
    10 أعوام على اغتيال القيادي الجعبري

في مثل هذا اليوم من عام 2012، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلية القائد العام لكتائب القسّام أحمد الجعبري بصاروخ استهدف سيارته. وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على عملية الاغتيال، إلا أنّ بصماته لا تزال حاضرة في مختلف الميادين الفلسطينية وبقوّة. ماذا تقول فصائل المقاومة الفلسطينية عنه؟ ماذا عن مواصفاته الشخصية ودوره "الشبح" كما يصفه الاحتلال في تطوير قدرات "القسام"؟ 

القائد الوحدوي

 "لقد كان رجلاً محافظاً ومتديناً وملتزماً ومحبوباً لدى جميع من عرفه من زملائه وفصائل المقاومة الفلسطينية، لقد كان قائداً وحدويّاً". هكذا يصف القيادي في "الجهاد الإسلامي" أحمد المدلل الشهيد القائد الجعبري في حديثه إلى "الميادين نت".

ويقول القيادي في "الجهاد الإسلامي" عن الجعبري لـ"الميادين نت"، إنّ للشهيد "بصمة في تقدم عمل المقاومة، فهو الذي أشرف على تأسيس وترتيب صفوف كتائب القسام".

 ويضيف: "كان على صلة مباشرة مع إخوانه في قادة سرايا القدس، وكان يشكّل حلقة الوصل من خلال اللقاءات المستمرّة والتنسيق".

المعارك التي خاضتها المقاومة في مواجهة الاحتلال كانت تخضع لذلك التنسيق على مختلف المستويات بين قياديي "السرايا" و"القسام"، والتي "كان على رأسها القائد الكبير الجعبري"، يقول المدلل.

ويضيف المدلل إنّ "الرد الأقوى على الجريمة كان ضرب العاصمة الاقتصادية والمقدّسة للاحتلال الصهيوني، عبر استهداف تل أبيب من قبل المقاومة الفلسطينية".

 ويضيف أنّ "دماء الجعبري كسرت هيبة الاحتلال، فالمقاومة استطاعت أن تتخطى كل الخطوط الحمراء في ضرب تل أبيب".

وعن الأهداف الإسرائيلية من العملية، يقول المدلل إنّ "العدو الإسرائيلي اعتقد أنّه بهذه العملية سيجتث المقاومة، ولكن ما نراه اليوم من تطور في قدرات المقاومة وخبراتها، ودورها في الدفاع عن أبناء الشعب، يثبت فشل المخطط الإسرائيلي".

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، في حديثه إلى "الميادين نت"، اعتبر أنّه "ما كان لإسرائيل أن تقدم على اغتيال  الجعبري، بعملية اغتيال جبانة عام 2012، الا لما كان يشكّله من خطوة متقدمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف أنّ الجعبري" أرسى واحدة من بين قواعد المقاومة في إطار المجابهة مع الاحتلال، وهي العمل على أسر جنود إسرائيليين ومبادلتهم"، مشيراً إلى أنّ "إسرائيل اعتبرت أنّ ما أقدم عليه الجعبري وقوى المقاومة الفلسطينية بما فيها القسام، هو تطور نوعي، في إطار المواجهة والردع، ويشكّل علامةً فارقة في إطار الصراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، لهذا أقدمت على هذه الخطوة".

وتابع: "ما الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة إلا دليل على أنّ المقاومة الفلسطينية لا تنحني لا أمام جبروت الاحتلال، ولا أمام ما يسميه العدو الردع المسبق".

وعن علاقة الشهيد القائد بالفصائل الفلسطينية، يقول ظريفة إنّ الشهيد "بنى علاقات مع الأجنحة العسكرية والأذرع الرئيسية في المقاومة الفلسطينية كافة، وهو ما ساهم في تطوير قدرات المقاومة والتعاون في الميدان".

وعن الإرث الذي تركه الجعبري بعد رحيله، يقول أبو ظريفة إنّ "الجعبري رحل، ولكنّه ترك مساحة من العمل المشترك، والتطور في العلاقات الداخلية بين قوى المقاومة، وأرسى قواعد تشكيل غرفة العمليات المشتركة، لأنّه ينطلق من بعد وطني بامتياز تربع وعاش عليه، عندما كان في إطار صفوف الحركة الوطنية، وفي صفوف الثورة الفلسطينية".

بعض من بصمات الجعبري العسكرية

"مادام الصهاينة يحتلون أرضنا فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة"، عبارة قالها الشهيد القائد أحمد الجعبري، وشكلت عنواناً لنضاله الطويل.

من منّا لم يرَ صورة ذلك القيادي القابض بيده على الجندي الأسير جلعاد شاليط، في 25 حزيران/يونيو 2006. صورة نسجت حينها خيوط الأمل بنصر جديد يتمثل في صفقة تبادل للأسرى.

هو مهندس "صفقة وفاء الاحرار"، وصاحب النفس الطويل في مفاوضاته غير المباشرة مع الاحتلال، والتي انتهت بالإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً على دفعتين مقابل الإفراج عن شاليط.

كذلك، هو صاحب التحول الإستراتيجي في تطور المقاومة الفلسطينية وأدائها العسكري، فقد ترك الجعبري بصمات واضحة في التغيير للجناح العسكري لحركة "حماس"، بحسب وصف تقرير إسرائيلي له. 

وقد حرص على تعزيز الإمكانات المادية لتمويل المشاريع الإستراتيجية للمقاومة على مستويات أهمها التصنيع العسكري، فوفّر المواد الخام اللازمة للتصنيع، وعمل على شراء الصواريخ والأسلحة النوعية، وساهم في تطوير شبكات الاتصالات وإمداداتها، كما كان له دور بارز في تأسيس دائرة الإعلام العسكري.

 ويعتبر القائد الجعبري أحد أبرز مؤسسي أكاديمية فلسطين العسكرية التابعة للكتائب، ومنها كانت العناصر تتلقى الدروس العسكرية، وتصقل خبراتها عبر دراسات أكاديمية ومناهج علمية لتطوير الكادر العسكري.  

"الشبح"

تعرفه القوات الإسرائيلية بـ"الشبح" بسبب عجز قوات الاحتلال عدة مرات عن اغتياله أو الإمساك به. وخلال عدوان غزة عام 2008، أطلقت عليه مسمى " مهندس التصدي" لهذا العدوان. 

هو "أكثر من رئيس أركان"، هذا ما قاله أحد قادة جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية "آمان"، فيما وصفه وزير الحرب الأسبق بنيامين بن اليعزر بالقول: "لقد كان رجلاً حقيقياً".

عملية اغتيال الجعبري لم تثنِ المقاومة الفلسطينية عن تطوير قدراتها العسكرية، ومواصلة الدفاع عن شعبها وأرضها، فكانت محطّات النصر المتتالية، بدءاً من "العصف المأكول" عام 2014  وإدخالها صواريخ"j80" إلى الخدمة، تيمناً بالشهيد القائد، وليس انتهاءً بعملية "سيف القدس" عام 2021.

اخترنا لك