تعرّف إلى التحالفات الانتخابية في تركيا
تتنافس تحالفات في الانتخابات العامة في تركيا، بعضها يضم أحزاباً كبرى، وأخرى تشمل أحزاباً صغيرة لا أثر ملموساً لها على النتائج النهائية. فما هي هذه التحالفات؟ وما هي أبرز الأحزاب فيها؟
تتنافس عدة تحالفات في الانتخابات العامة، التي تشهدها تركيا في 14 أيار/مايو الحالي، بعضها يضم أحزاباً كبرى تحتدم المنافسة بينها، وأخرى تشمل أحزاباً صغيرة لا أثر ملموساً لها على النتائج النهائية.
وتتضمن التحالفات المتنافسة في الانتخابات كلّاً من تحالف الجمهور، تحالف الأمة، تحالف العمل والحرية وتحالف "أتا"، فيما يخوض حزب البلد الانتخابات من دون أن يكون جزءاً من أي تحالف.
تحالف الجمهور
يضم تحالف الجمهور حزب العدالة والتنمية، حزب الحركة القومية، حزب الاتحاد الكبير، حزب الرفاه الجديد وحزب "هدى بار". ومرشح هذا التحالف في الانتخابات الرئاسية التركية هو الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان.
يحمل تحالف الجمهور على يمين الوسط رؤى شبيهة لرؤى المحافظين فيما يتعلق بالهوية الثقافية للشعب التركي وتبجيل الموروث الإسلامي العثماني. وتتفق مكوناته على محاربة حزب العمال الكردستاني وحركة فتح الله غولن، والتخلي عن بعض الأطروحات الليبرالية.
يعود تأسيس هذا التحالف إلى عام 2017، أي بعد عام على محاولة الانقلاب الفاشلة، عندما شكّل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية المحسوب على المعارضة، تحالفاً غير معلن.
حينها، دعم رئيس الحركة القومية دولت بهجلي رجب طيب إردوغان في تمرير الاستفتاء الدستوري، ما أسفر عن تحويل النظام في تركيا إلى نظام رئاسي، بعد أن كان برلمانياً لعقود.
وفي عام 2018، صار التحالف بين "العدالة والتنيمة" و"الحركة القومية" رسمياً، وأُطلق عليه اسم "تحالف الجمهور"، أو "تحالف الشعب"، قُبيل إجراء الانتخابات العامة في العام نفسه، التي فاز فيها إردوغان، وحصد فيها التحالف غالبية المقاعد النيابية.
وحزب العدالة والتنمية هو الحزب الأقوى في البرلمان التركي، إذ يمتلك 285 مقعداً من أصل 600 مقعد، ولم يخسر في أي استحقاق انتخابي، منذ تأسيسه. ويعرّف الحزب نفسه بأنّه ديمقراطي محافظ، ويُنظر إليه كحزب يميني، ويمثل الجناح "الإسلامي المعتدل" في تركيا.
أما حزب الحركة الوطنية فهو يميني قومي، ويعدّ رابع أقوى أحزاب البرلمان بـ48 نائباً، ويترأسه دولت بهجلي، الرافض منح الكرد الحقوق الثقافية في الإعلام والتعليم، كما يعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفيما يميل الحزب إلى المعسكر المحافظ، يوصف بأنّه أقرب إلى التوجهات "القومية المتطرفة".
وفيما يتعلّق بالانتخابات العامة التي تشهدها تركيا هذا العام، أجرى حزب العدالة والتنمية مفاوضات مع بعض الأحزاب الصغيرة للانضمام إلى تحالف الجمهور وخوض الانتخابات معاً.
أبرز هذه الأحزاب حزب "الرفاه الجديد"، الذي يتزعّمه فاتح أربكان، نجل نجم الدين أربكان، مؤسس تيار الإسلام السياسي في البلاد. ويحظى هذا الحزب باهتمام خاص من الحزب الحاكم، على اعتبار زعيمه وريثاً لفكر "الرؤية الوطنية"، الذي تنتمي إليه الأحزاب المحافظة.
أما حزب "هدى بار"، أو حزب الدعوة الحرة، فهو حزب كردي، ميوله إسلامية وقومية، ويمثّل بالنسبة إلى الشارع التركي نقيض حزب العمال الكردستاني، الذي تضعه تركيا على لوائح الإرهاب.
وحزب الاتحاد الكبير هو حزب منشق عن "الحركة القومية"، ويُعدُّ أحد أجنحته، وهو ذو توجّه إسلامي محافظ، ويرى أنّ الإسلام عنصر مهم في الهوية التركية.
تحالف الأمة
يشمل تحالف الأمة أحزاب المعارضة الرئيسية، وهي: حزب الشعب الجمهوري، الحزب الجيد، حزب السعادة، حزب المستقبل، حزب التقدم والديمقراطية والحزب الديمقراطي. ورشح هذا التحالف كمال كليجدار أوغلو للرئاسة، بعد خلافات حادة شهدتها "الطاولة السداسية".
تنتمي الأحزاب الـ6 المكونة لتحالف الأمة إلى أيديولوجيات مختلفة، فيحتوي الأخير العلمانية الأتاتوركية والقومية، إلى جانب اليمين المحافظ، الذي يشارك حزب العدالة والتنمية خطوطه الفكرية الرئيسية.
إلا أنّ الأحزاب المتباينة فكرياً تتفق على معارضة الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، وهي تعمل على الإطاحة به خلال الانتخابات العامة الحالية. وهي تهدف إلى إعادة النظام البرلماني إلى البلاد، رافعةً شعار "النظام البرلماني المعزز".
خاض حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد، وهو حزب قومي حديث النشأة، الانتخابات المحلية عام 2018، والرئاسية والبرلمانية عام 2019، تحت راية تحالف الأمة. وشارك حزب السعادة المحافظ في الانتخابات عبر التنسيق مع التحالف، من دون أن ينضم رسمياً إليه.
وفي شباط/فبراير 2022، وعلى وقع التحضيرات للانتخابات هذا العام، اجتمع قادة الأحزاب الـ3، مع قادة أحزاب 3 آخرين، هي: حزب الديمقراطية والتقدم، حزب المستقبل (الحزبان منشقان عن حزب العدالة والتنمية) والحزب الديمقراطي، ليتشكّل بذلك تحالف معارض واسع الطيف في تركيا.
وقاد حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 في إطار تأسيسه الجمهورية، المعارضة التركية طيلة سنوات حكم حزب العدالة والتنمية. وحاول الحزب، برئاسة كمال كليجدار أوغلو تغيير خطابه السياسي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، واعداً باحتضان شرائح المجتمع المختلفة.
أما الحزب الجيد فهو حزب ليبرالي وسطي قومي، أسسته ميرال أكشينار بعد انشقاقها عن حزب الحركة القومية عام 2017، وهو من أكثر الأحزاب الداعمة لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
من جهته، يتبنى حزب السعادة توجهاً إسلامياً، ويمثل الرؤية التقليدية لنجم الدين أربكان. ويحرص الحزب في الوقت نفسه على عدم المساس بمبادئ الجمهورية والعلمانية التي تقوم عليها تركيا، وهو يوافق الحزب الجيد في عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.
وحزب المستقبل التركي منشق عن حزب العدالة والتنمية، ويرى أنّ الأخير انحرف عن مبادئه. والحزب محسوب على التيارات المحافظة، ويحرص على اتخاذ مسافة بينه وبين القوميين.
وكما حزب المستقبل، أسس منشقون عن "العدالة والتنمية" حزب الديمقراطية والتقدم، في آذار/مارس 2020. ويركّز الحزب بشكل خاص على ملف الاقتصاد، ويعتقد أنّ عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي هدف ذو أهمية تاريخية.
والحزب السادس في تحالف الأمة هو الحزب الديمقراطي، الذي، الذي تأسس في 1946 على يد جلال بايار، الرئيس الثالث للجمهورية التركية، ليصبح الحزب الذي ينجب الأحزاب اليمينية الأخرى في تركيا.
تحالف العمل والحرية
التحالف الثالث الذي يخوض الانتخابات التركية العامة هو تحالف العمل والحرية، الذي يضم حزب الشعوب الديمقراطي، وحزب العمل، وحزب الحركة العمالية، وحزب عمال تركيا، وحزب الحرية المجتمعية، وحزب اتحاد الجمعيات الاشتراكية.
ولم يسمِّ التحالف مرشحاً لرئاسة البلاد، لكنّ وسائل إعلام محلية تحدثت عن دعمه المرشح كمال كليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية.
ويهدف التحالف الذي يضم أحزاباً كردية ويسارية إلى "وقف الدمار الذي أحدثه تحالف الجمهور، وإنهاء نظام الشخص الواحد، وضمان التغيير على أساس الحقوق والحريات الديمقراطية"، كما قال في بيان تأسيسه.
حزب الشعوب الديمقراطي هو ثاني أكبر حزب معارض في تركيا، والثالث من حيث الحجم في البرلمان، ويخوض الانتخابات باسم حزب اليسار الأخضر. وينظر إليه على أنّه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني الانفصالي، أو على أنّه مرتبط به ارتباطاً وثيقاً على أقل تقدير.
ويضم التحالف أيضاً حزب العمل التركي، الذي يحظى بدعم أحزاب يسارية اشتراكية كردية صغيرة. وتأسس في عام 1990، من قبل 7 أعضاء في الجمعية الوطنية التركية الكبرى، طردوا من الحزب الشعبوي الديمقراطي الاجتماعي، ذي الميول الاشتراكية.
أما حزب الحركة العمالية فهو حزب شيوعي، وقد عبّر رئيسه عن معارضة "نظام الشخص الواحد"، الذي يجب الوقوف ضده، خصوصاً أنّ يتوقفون "عن البحث عن العمل، لأنّهم يفقدون الأمل في العثور عليه".
من جهته، قال إركان باش، وهو رئيس حزب العمال التركي، إنّه سيدعم كمال كليجدار أوغلو، وصرّح: "عندما نفوز لن نسمح بدور تحفيظ القرآن والأفكار الشرعية".
وينظر حزب الحرية المجتمعية إلى تحالف العمل والحرية على أنّه تحالف نضالي، لا انتخابي فحسب، وهو يؤكد مواصلة العمل مع حزب الشعوب الديمقراطي لحل القضية الكردية.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى المرشحين الـ4 لانتخابات الرئاسة في تركيا
تحالف "أتا"
والتحالف الرابع في هذه الانتخابات هو تحالف "أتا"، ويضم الأحزاب اليمينية التالية: حزب الظفر، حزب القويم، حزب العدالة وحزب دولتي. ومرشح التحالف الرئاسي هو سنان أوغان.
وتحالف "أتا" قومي متطرف، يستهدف المهاجرين غير النظاميين والأجانب، ولا سيما السوريين والأفغان، وأجندته ترتكز على ترحيل الأجانب.
وهذا التوجه القومي يعبّر عنه المرشح أوغان، الذي يعد بالتوقف عن الاحتفال بعيد استقلال اليونان، ويؤكّد أنّ تركيا يجب أن تولي اهتماماً خاصاً للدول التركية، وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان.
أما حزب النصر هو حزب سياسي يميني قومي كمالي (نسبة لكمال أتاتورك)، مناهض للاجئين في تركيا، يمثّله في الجمعية الوطنية الكبرى نائب واحد، هو أوميت أوزداغ ، الذي أسس الحزب عام 2021.
وحزب القويم أسسه وزير الصحة التركي الأسبق، رفعت سردار أوغلو، الذي بدأ معارضة النظام الحاكم في تركيا عام 2007، وكان عضواً في حزب العدالة والتنمية.
ويُعدُّ حزب العدالة محافظاً ليبرالياً، ويدعو إلى المبادئ الكمالية والديمقراطية البرلمانية واقتصاد السوق، ويدعم عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، وعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة.
حزب البلد
يخوض حزب البلد الانتخابات العامة التركية من دون الانخراط في أي تحالف، مرشِّحاً محرم إنجه للرئاسة. وحزب البلد ينتمي إلى "الفكر الكمالي"، نسبة لمصطفى كمال أتاتورك، ويميل إلى اليمين القومي.
ويدعو الحزب إلى سيادة القانون والفصل بين السلطات، وتحقيق المساواة والرفاهية، والتوزيع العادل للثروات والتنمية الاقتصادية المستدامة والوصول إلى مستوى الحضارة المعاصرة.
ويرى الحزب أنّه تيار ثالث بين التيار الحاكم، المتمثل بحزب العدالة والتنمية، وبين المعارضة التقليدية، التي يمثلها حزب الشعب الجمهوري. ويتعهّد زعيم حزب البلد المرشح محرم إنجه بتخليص تركيا من كل من الحكومة والمعارضة معاً.
وإنجه (58 عاماً) هو سياسي ومدرس فيزياء سابق، وابن مهاجر من مدينة سالونيك اليونانية. وتحدى إنجه إردوغان في خطاباته في البرلمان، طوال 16 عاماً، وكان المرشح الرئاسي الرئيسي للمعارضة في عام 2018.