بعد المصادقة على نتائج الانتخابات.. ماذا عن تشكيل الحكومة المقبلة في العراق؟

على الرغم من الجدل السياسي، الذي أعقب الانتخابات البرلمانية العراقية، المحكمة الاتحادية صادقت على النتائج، إلا أنّ السؤال هو: كيف ستتشكَّل الحكومة العراقية المقبلة؟

  • هل التوافق السياسي في العراق سيستطيع تشكيل الحكومة المقبلة؟
    هل يستطيع التوافق السياسي في العراق تشكيل الحكومة المقبلة؟

بعد تأجيل الطعون في الانتخابات البرلمانية العراقية مرتين، صادقت المحكمة الاتحادية أخيراً، اليوم الإثنين، على نتائج الانتخابات، وذلك بعد ردّ دعوى "تحالف الفتح" الخاصة بالطعن في نتائج الانتخابات.

كذلك، ردّت المحكمة الاتحادية دعوى إلغاء النتائج، بعد جلسة مداولة عُقدت في المحكمة. كما دعت مجلس النواب المقبل إلى تعديل قانون الانتخابات، واعتماد نظام العد والفرز اليدويَّين حصراً.

وعلى الرغم من حسم المحكمة الاتحادية الجدلَ الذي برز في الساحة العراقية بسبب نتائج الانتخابات، فإنه صدرت مواقف من تيارات عراقية متعدّدة، بين مرحّب وآخر منتقد، أو "موافق ومتحفظ،" بالإضافة الى الانتقادات التي اعترت صدقية نتائج الانتخابات في البلاد.

وبينما دعا الإطار التنسيقي إلى اجتماع من أجل البحث في قرار المحكمة الاتحادية بخصوص ردّ دعوى الطعن في الانتخابات، هنّأ زعيم تيار "الحكمة الوطني" في العراق، عمار الحكيم، الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأعرب عن التزام تياره قرارَ المحكمة. 

بدوره، شكر زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، "كل من ساهم في العرس الديمقراطي الوطني"، ودعا إلى "الإسراع في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، لا شرقية ولا غربية".

أمّا رئيس "تحالف الفتح"، هادي العامري، فأعلن، من جانبه، التزام قرار المحكمة الاتحادية، "على الرغم من اعتقادنا الراسخ وإيماننا العميق بأن العملية الانتخابية شابها كثيرٌ من التزوير والتلاعب"، وفق العامري.

وقال العامري إنّ "الطعون التي قدَّمناها إلى المحكمة الاتحادية كانت مُحكَمة ومنطقية ومقبولة، ولو قُدِّمت إلى أي محكمة دستورية في أي بلد يحترم الديمقراطية، لكانت كافيةً لإلغاء نتائج الانتخابات".

في المقابل، أكدت حركة "عصائب أهل الحق" "أسفها لقرار رد دعوى إلغاء نتائج الانتخابات على الرغم من الأدلة"، واعتبرت أنّ "المحكمة الاتحادية العراقية تعرّضت لضغوط داخلية وخارجية".

وشهدت شوارع مداخل المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، حركةً احتجاجية رافضة للنتائج، وقطع خلالها المحتجون الطرقات، وتجمّعوا حول مبنى المحكمة الاتحادية، وشلّوا الحركة المرورية في المدينة بالكامل.

كيفية تشكيل الحكومة وفقاً للدستور العراقي الذي يحدّد مهلة 90 يوماً للعملية

بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائجَ الانتخابات، يدعو رئيس البرلمان الجديد إلى الانعقاد خلال 15 يوماً من إعلان النتائج، بعد أن ينتخب المشرِّعون رئيساً للبرلمان ونائبين له بالأغلبية المطلقة في الجلسة الأولى.

ثم  ينتخب البرلمان رئيساً جديداً بأغلبية ثلثي النواب خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى.

يكلف الرئيس الجديد مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان تشكيل الحكومة. ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.

ويتعيّن على البرلمان الموافقة على برنامج الحكومة، وعلى كل وزير على حدة، في تصويت منفصل بالأغلبية المطلقة.

أمّا إذا فشل رئيس الوزراء المكلّف في تشكيل حكومة خلال 30 يوماً، أو إذا رفض البرلمان الحكومة التي اقترحها رئيس الوزراء المكلف، فيتعيّن على الرئيس تكليف مرشح آخر تشكيلَ الحكومة خلال 15 يوماًَ.

الركابي للميادين: التوافق السياسي سيشكّل الحكومة المقبلة

في هذا الإطار، تحدّث القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، كاطع الركابي، إلى الميادين، وقال إنّ "قبولنا قرارَ المحكمة الاتحادية هو للمحافظة على البلاد".

وأضاف أنه "لا يُخفى على أحد أنّ نتيجة الانتخابات شابها وضع غير طبيعي منذ اليوم الأول".

وبينما رأى أنّ "التوافق السياسي هو الذي سيشكّل الحكومة"، إلاّ أنه أشار إلى أنّ "الأغلبية السياسية لا يمكنها أن تشكل حكومة في ظل الأوضاع الحالية".

وأعرب عن اعتقاده أنه "خلال الأيام العشرة المقبلة يمكن أن نصل إلى نتيجة معينة"، موضحاً أنّ "الائتلاف يسعى لأن تكون الاختلافات بين القوى بسيطة"، وأن "نصل إلى توافق خلال الأيام المقبلة".

وشدّد الركابي على "أننا، كإطار تنسيقي، نطمح إلى أن نشكّل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي".

البرزنجي للميادين نت: المحكمة الاتحادية تعرّضت لضغوط داخلية وخارجية

من جهته، أكد الدكتور حيدر البرزنجي، رئيس "منظمة ألوان"، في حديث إلى الميادين نت، أنه "لم يتم هناك أي تسوية سياسية، بقدر ما كانت ضغوطات سياسية على المحكمة الاتحادية، من أجل تمرير نتائج الانتخابات بهذه الطريقة، باعتبار أنّ الادلة كانت قائمة ولا تزال، ولم تردّها المحكمة الاتحادية".

وأضاف أنّ "المحكمة الاتحادية تحدثت، قبل المصادقة، عن أنّ مفوضية الانتخابات أخفقت في أدائها. وبالتالي، فإنّ ذلك يؤكد أنّ المحكمة الاتحادية تعرّضت لضغوط داخلية وخارجية".

الحكومة العراقية المقبلة ستكون توافقية

وبالنسبة إلى الحكومة العراقية المقبلة، أوضح البرزنجي أنّ "شكلها سيكون توافقياً، وهذا الأمر لا يختلف فيه أحد، على اعتبار أنّ الفرقاء السياسيين تحدثوا عن ذلك، سواء أكان المنتظم السياسي السنّي أو الكردي، بل حتى الشيعي". وأكد البرزنجي أنه "لا يمكن أن تكون حكومة إلاّ من خلال التوافق"، على اعتبار أنه "أساس وسُنّة سياسيان، منذ بداية العملية السياسية إلى الآن".

وعن شخصية رئيس الوزارء الجديد عطفاً عما تقدَّم، أشار البرزنجي إلى أنها "واقعاً غير معروفة حتى الآن، لأن هناك معايير وُضعت من جانب الكتل السياسية من أجل اختيار رئيس الوزراء. وصرّح المنتظمون السياسيون بهذا الأمر، إن من جانب المنتظم الكردي، أو السُّني، أو الشيعي".

وأشار البرزنجي إلى أنّ هذا الأمر يخصّ المنتظم الشيعي، كمنتظم سياسي، وبالتالي فهو يقدّر هذه القضي"، على اعتبار أنّ "هناك صفقات سوف تتم على رئاستي الجمهورية والبرلمان".  

علاقة الحكومة المقبلة بالخارج

أمّا علاقة الحكومة الجديدة بالخارج، أي الدول الإقليمية المحيطة، والدول الأجنبية، فرأى البرزنجي أنّها يجب أن تكون "متزنة ومتوازنة"، موضحاً أنّ "القوات الأميركية ستبقى في العراق، وذلك عبر قوات استشارية، وليس هناك انسحاب بالكامل"، معرباً عن اعتقاده أنّ "هناك فقط مجرد تغيير في الصفة، لا أكثر".

وأشار البرزنجي إلى أنّ قوى المقاومة في العراق لا تزال عازمة على إخراج جميع القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، وخصوصاً الأميركية منها، وهي لا تقبل أن يتم تحويل الصفة "من وإلى"، حتى تكون هناك مصاديق ومواثيق بشأن إخراج كل هذه القوات.

شروط المقاومة العراقية

ووصف رئيس "منظمة ألوان"، في حديثه إلى الميادين نت، التصريحاتِ الأميركية السياسية،  بالإضافة إلى التصريحات العسكرية الأميركية، بصورة عامة، بأنها "مترنّحة بين الإثبات والنفي".

 وأضاف أنه حتى الآن لم يصدر أي تصريح عسكري أميركي بالانسحاب من العراق، وأنّ كل ما صدر عنها، حتى من القيادة الأميركية الوسطى، هو بقاء هذه القوات، وحتى بقاء الطائرات.

وشدّد البرزنجي على أنّ "المقاومة العراقية كانت وضعت عدة شروط، منها وأهمها عدم تحليق الطائرات الأجنبية فوق الأجواء العراقية، بالإضافة إلى انسحاب كل الطائرات الأميركية من القواعد العسكرية، وعدم بقاء حتى المستشارين الأميركيين في القواعد العسكرية في الأرض العراقية".

يشهد يوم العاشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل انتخابات برلمانية في العراق، تكتسب أهمية كبيرة وينتظر منها أن تؤسس لمرحلة جديدة في التحالفات السياسية. تفرد الميادين مساحة واسعة لهذه الانتخابات تحت عنوان "يا عراق الخير".

اخترنا لك