الميادين تحاور رئيس كوبا: علاقة هافانا بالعالم العربي ومواجهتها الحصار الأميركي (ج 3)

في الجزء الثالث والأخير، من مقابلة الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، مع شبكة الميادين الإعلامية، تحدّث عن علاقة كوبا بالعالم العربي، وتطرّق إلى حياة فيدل كاسترو، وشقيقه راؤول، ودورهما، بالإضافة إلى علاقته بعائلته وزوجته.

  • الميادين تحاور رئيس كوبا: علاقة هافانا بالعالم العربي ومواجهتها للحصار الأميركي (الجزء الثالث)
    الميادين تحاور رئيس كوبا: علاقة هافانا بالعالم العربي ومواجهتها الحصار الأميركي (ج 3)

استكمل الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، في الجزء الثالث من حواره مع رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسان بن جدو، حديثه عن علاقة كوبا بالعالم العربي، القائمة على الاحترام والفهم للخصوصيات التاريخية والثقافية لكل بلد.

وتطرّق الرئيس الكوبي، في هذا الجزء، إلى جملة أمور خاصة بكوبا، منها انتخابات أعضاء مجلس النواب المقبلة، وخاض في الحديث عن قائد الثورة الكوبية، فيدل كاسترو، وشقيقه راؤول، كما تحدّث عن علاقته بعائلته وزوجته، واختتم حواره بتوجيه رسالةٍ من كوبا إلى قناة الميادين وفريقها. 

اقرأ أيضاً: الميادين تحاوِر رئيس كوبا: علاقة هافانا مع محيطها والعالم (الجزء الثاني)

 عن علاقة كوبا بالعالم العربي: الجزائر نموذجاً 

بعد أن أكّد دياز كانيل، في الجزء السابق، أنّ العلاقات جيّدة جداً بدول العالم العربي، وأنّ بلاده تعمل على تعميق مفهوم هذه العلاقات وتوسيعها، أشار الرئيس الكوبي إلى أنّ بلاده بدأت تكوين مجموعة من التقييمات والمشاعر تجاه العالم العربي، وتجاه مجموعة من الدول الأخرى، خلال جولة بدأت من الجزائر، العام الماضي.

وأضاف دياز كانيل أنّ "تلك الجولة كانت مواتية وضرورية، لأنّها سمحت باستعادة العلاقة المباشرة بمجموعة من البلدان، التي لم نتمكن من تعزيز العلاقات بها بسبب أعوام الجائحة، بحيث كانت العلاقة افتراضية تقريباً". 

وفيما يخصّ بدء الجولة من الجزائر، قال: "كان من المهم جداً أن أزور الجزائر. فأنا أنتمي إلى جيل نشأ وترعرع، وهو يسمع عن الثورة الجزائرية، وعن العلاقة الوثيقة القائمة بين الثورة الجزائرية وقادتها والثورة الكوبية، منذ وقت طويل، بشأن زيارات فيدل للجزائر، وعلاقته بالقادة الجزائريين. ولم تكن الفرصة أُتيحت لنا لزيارة هذا البلد الشقيق، قبل هذا الوقت".

وفي تفاصيل تلك الزيارة، أشار الرئيس الكوبي إلى أنّ "الجزائر رحّبت بالوفد الكوبي بطريقة أخوية للغاية، بحيث طرح الرئيس الجزائري، ومعه الحكومة، مجموعة كاملة من مشاريع التعاون مع كوبا، ورحّبنا بها كثيراً، بالإضافة إلى أنّ الزيارة شكّلت فرصةً في التعرّف إلى تاريخ ذلك البلد وثقافته، والفهم الخالص لعلاقة الأخوة تلك، التي تربط كوبا بالشعب الجزائري الشقيق".

ولفت إلى أنّ "أول مهمة صحية أممية لكوبا في الخارج كانت في الجزائر تحديداً، وذلك في الأعوام الأولى للثورة، إذ سافر الأطباء الأوائل إلى الجزائر، ليولد التعاون الكوبي في مجال الصحة مع شعوب أخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية"، مؤكّداً أنّ ذلك "يُعَدّ علامة فارقة في تلك العلاقة المحفوظة في الذاكرة التاريخية لكل من كوبا والجزائر".

فلسطين: القضية التي تدافع عنها كوبا في كل الأوقات

وفي سياق حديثه عن القضية الفلسطينية، شدّد الرئيس الكوبي على أنّ "فلسطين هي القضية التي تدافع عنها كوبا في كل الأوقات".

وأضاف: "نحن دافعنا دائماً عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة ضد الظلم الذي يُمارَس بحقه، وبسبب الطريقة التي حُرم بها من أرضه، وغير ذلك من الممارسات الإجرامية، والكثير من العنف الممارَس ضدّه، بهدف تضييع حقوق الشعب الفلسطيني".

وأكّد أنّ كوبا "تدافع عن حق قيام الدولة الفلسطينية وفق حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس، وتدافع أيضاً عن الحق في الحصول على كل الضمانات لعودة اللاجئين الفلسطينيين (إلى فلسطين) الموجودين في أجزاء أخرى من العالم". 

وفيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، قال الرئيس الكوبي إن "لديّ تجربة شخصية في الدفاع عنه. فعندما كنت وزيراً للتعليم العالي، حضرت مؤتمراً بشأن التعليم العالي، عقدته اليونسكو في ذلك الوقت، وهو مؤتمر عالمي بشأن التعليم العالي. وفي الخطاب الذي ألقيته باسم الحكومة الكوبية، دافعت عن حق فلسطين في الانضمام إلى اليونسكو، والاعتراف بها من جانب تلك الهيئة الدولية".

وأكمل دياز كانيل قائلاً: "يومئذ، لم أكن من أوائل المتحدثين، لكن خطاب كوبا كان أول من رفع الصوت دفاعاً عن فلسطين، ومطالباً بالاعتراف بها من اليونسكو. وأذكر تلك الواقعة بارتياح، بحيث ما إن أنهيت خطابي، وعدت إلى مقعدي، وإذ بممثلي مختلف دول العالم الداعمة لفلسطين، يأتون ليشكروني على مواقف كوبا في الدفاع عن الشعب الفلسطيني".

وأوضح أنّ "الاعتراف حدث ليس بسبب موقف كوبا فحسب، بطبيعة الحال، بل أيضاً بسبب مواقف الدول الصديقة الأخرى، الأمر الذي عزز الاعتراف بفلسطين من جانب اليونسكو. وبعد صدور ذلك القرار، الكل يعلم كيف سحبت حكومة الولايات المتحدة دعمها لليونسكو، وكيف شنت أيضاً هجومها عليها بسبب قرارها ضم فلسطين، عضواً فيها".

وتابع دياز كانيل: "أنا أحتفظ بتلك الذكرى كمساهمة قمت بها باسم بلدي، في سياق العلاقات بفلسطين. واستقبلت أيضاً القادة الفلسطينيين الحاليين، وأجرينا محادثات وحواراً في سياق علاقة متجذرة، وهذا هو شعورنا تجاه كل الحركات التحررية التي تدافع عن استقلال الشعوب وسيادتها وحقها في تقرير مصيرها، وخصوصاً تجاه حزب الله في لبنان، الذي دافع مع قادته عن قضايا الاستقلال، وتقرير المصير، وسيادة الشعب اللبناني".

وفي السياق، وصف الرئيس الكوبي الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بأنّه "زعيم عرف كيف يقود حركة تدافع عن قضايا الشعب اللبناني".  

فيدل كاسترو: كوبا لديها التزام كبير بشأن إرثه

وفي معرض حديثه عن قائد الثورة الكوبية، فيدل كاسترو، عبّر دياز كانيل عن افتقاده إيّاه، قائلاً: "أفتقده، وأعتقد أنني سأفتقده دائماً، كما سيفتقده كل الشعب الكوبي".

ووفقاً له، كان "فيدل قائداً غير عادي، فهو قاد الثورة الكوبية من أجل كرامة كوبا وشعبها، وقدّم إرثاً إليهما، وإلى أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي". 

وأردف قائلاً: "أنا أؤمن بأنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى العالم أجمع فيما يتعلق بمبادئ العملية الثورية الحقيقية، التي تدافع عن حقوق الشعب، وعن العدالة الاجتماعية التي تجسد الإنجازات الاجتماعية العميقة، من دون الاستسلام في وجه المحاولات المزعزعة للاستقرار، وفي وجه السياسة الإمبريالية العدوانية ضد كوبا، وسط ظروف الحصار الظالم".

وأعرب الرئيس الكوبي عن اعتقاده أنّ "كل لحظة تاريخية للثورة كانت محطة من محطات الإرث الذي سطّره فيدل في التاريخ"، مشيراً إلى أنّه يدرس فيدل باستمرار، وفي اللحظات الصعبة والمعقَّدة، يكون سؤاله الأول دائماً: ماذا كان سيفعل فيدل في لحظة كهذه؟".

وشدّد على أنّ "كوبا لديها التزام كبير بشأن إرثه، والتزام كبير باستمرارية الثورة الكوبية، والتزام كبير تجاه الشعب الكوبي". 

راؤول كاستور: كوبي أصيل وثوري عميق

وعن شقيق فيدل، راؤول كاسترو، تحدّث الرئيس الكوبي، مؤكّداً أنّ "راؤول هو كوبي أصيل، وثوري عميق، وهو جنرال الجيش المحبوب". 

وقال إنّ راؤول "لطالما كان مرشدًا وأباً في الوقت نفسه. ولديه القدرة على الاستماع، ويعطي رأيه أيضاً في الوقت الملائم بحزم وصدق وإخلاص، في أمر ما يراه خاطئاً، أو لا يطبَّق بصورة جيدة. ولديه كل السلطة وكل الإقرار منا، ومن سائر القيادات في البلاد، ومن الشعب عموماً، ليعبّر عن مشاعره وقناعاته وأفكاره، سواء في إطار خاص، أو في إطار علني".

وأضاف أنّ "راؤول لطالما كان الرجل الثاني المثالي، وبذل، إلى جانب فيدل، كل ما في وسعه للامتثال لتوجيهات فيدل. وقام بذلك بصورة جيدة، فكان قدوة في ذلك، بحيث لم يتطلع قطّ إلى أن أن يصبح الرجل الأول. وبهذه الطريقة أدار الوزارة الأكثر كفاءة على الإطلاق في الثورة الكوبية، أي وزارة القوات المسلحة الثورية. إنّها القوات المسلحة للشعب الكوبي، والتي وُلدت من صفوف هذا الشعب، وهي من إنجازات الثورة الكوبية".

وأوضح دياز كانيل أنّ "القوات المسلحة مدينة  لشعبها، وعناصرها لا يشاركون في مهمات الدفاع عن الوطن فحسب، بل أيضاً يساهمون في عدد من المهمات، التي تتعلق بالاقتصاد وبمصالح الشعب الكوبي".

وأضاف الرئيس الكوبي "أنّها مؤسسة تتميز بالحزم والصرامة، وطوّرت في صفوفها الفكر العلمي والمبتكر أيضاً، بحس تنظيمي هائل، وذلك مذ أُسست الجبهة الثانية في سييرا مايسترا بتوجيهات من  فيدل".

وبشأن شغله منصب الرئاسة الكوبية، بيّن دياز كانيل أنّ "راؤول، عندما أتاه الدور ليواصل العمل بإرث فيدل، جسّد استمرارية له على رأس البلاد، وفعل ذلك بتماسك هائل، وبأمانة ووفاء للثورة ولفيدل".

وأشار إلى أنّه "قام بتغيير أشياء كثيرة، ومهّد الطريق للتحولات التي اقترحناها أيضاً في هذه الأوقات"، واصفاً إياه بـ "الشخص الجريء، والقادر على التفكير في حل مشاكل البلاد، بذكاء وفهم عميقين". 

كما أنّ "الأمر الآخر، الذي يثير الإعجاب براؤول، هو الشعور بالألفة الذي يزرعه بمن يحيط به، سواء في أوقات العمل، أو في العلاقة الشخصية، وتعامله بتواضع مع الجميع"، بحسب دياز كانيل.  

وأفاد دياز كانيل بأنّ "راؤول أمضى وقتاً طويلاً في إعداد الكوادر واختبارها، الأمر الذي ساعد الأجيال الجديدة اليوم لتكون مشبعة ومنغمسة في تحمّل المسؤوليات الرئيسة للبلاد، في الحزب والحكومة والدولة، وفي مجال الأعمال التجارية والمؤسسات والإدارة العامة، من دون أي تعقيدات أو عراقيل في إطار عملية عضوية طبيعية، وهذا الأمر لم تتميز به عمليات ثورية أخرى". 

انتخابات أعضاء مجلس النواب ودوره كرئيس كوبا

وتطرّق الرئيس الكوبي، في حواره مع الميادين، إلى الحديث عن انتخابات أعضاء مجلس النواب، المقرَّرة في الـ 26 من الشهر الجاري، قائلاً إنّ "هناك حالياً مشاورات مع الشعب، وتُعقَد لقاءات المرشحين للمقاعد النيابية مع المواطنين، وذلك قبل موعد التصويت من جانب الشعب لاختيار نوابه".

وأوضح أنّه "كي تنتخب رئيساً، يجب أولاً أن يتم انتخابك نائباً. لذلك، فإنّ الأمر يتعلق كثيراً بما يقرره الناس، وما إذا كانوا يرون، أو لا، الشروط التي يريدونها في كل واحد منا لنصبح أولاً نواباً. وإذا أصبحنا نواباً فإنّ الجمعية الوطنية يجب أن تصوّت لاحقاً لانتخاب رئيس للبلاد. لذلك، يتوقف كل شيء على تقدير الشعب أولاً، ثم تقدير الجمعية الوطنية التي تمثل هذا الشعب".

وبشأن رضاه عن دوره كرئيس لكوبا، قال دياز كانيل: "أعتقد أنّني كرّست نفسي للعملية الثورية. وقبل كل شيء، أشعر بثقل مسؤولية منصب الرئاسة داخل الثورة الكوبية على كاهلي، لأنّ ما لن أسمح به لنفسي على الإطلاق هو خيانة الثورة الكوبية، أو ألّا أكون قادراً على تحقيق استمرارية إرث الثورة الكوبية. وهذه فكرة تلاحقني كل يوم، وتجبرني على تحسين أدائي، بل أيضاً تتحداني لأتعمّق أكثر على أساس رؤية نقدية غير مكتفية وغير راضية بالحد الذي نحققه، وفوق كل شيء الإحساس كثيراً بتطلعات شعبنا". 

وأضاف: "أشعر بالتزام كبير تجاه هذا الشعب. لا يمكنك الالتزام تجاه الثورة إذا لم يكن لديك التزام تجاه الشعب. ولا يمكنك التحدث عن الاستمرارية إذا لم يكن هناك التزام تجاه الشعب، كما أنه لا يمكنك الحديث عن المحافظة على إرث فيدل وراؤول إذا لم يكن لديك التزام تجاه الناس".

وتابع: "لقد عشنا أوقاتاً صعبة. كان علينا أن نواجه مجموعة من الأحداث والمحن، ولديّ كثير من حالات عدم الرضا، وانتقدت نفسي في الدورة الأخيرة للجمعية الوطنية للسلطة الشعبية، في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، وكان نقداً ذاتياً علنياً، بسبب عدم تمكّني من حلّ المشكلات التي تواجهها البلاد حالياً، وهي مشكلات معقدة جداً، وتؤثر في الحياة اليومية للمواطنين". 

وأردف قائلاً: "صحيحٌ أنّني لا أعُدّ نفسي مسؤولاً عن هذه المشاكل، فالأمر يتعلق بأكثر من أخطائنا وأوجُه قصورنا، أضف الى ذلك الحصار المشدد المفروض علينا وكل مفاعيله، لكنني أشعر بعدم الرضا بسبب عدم تمكننا من تعزيز مجموعة من الإجراءات لتكون أكثر كفاءة وأكثر فعالية في حلّ هذه المشاكل". 

كوبا قادرة على مقاومة الحصار وتجاوزه

وأعرب الرئيس الكوبي عن اقتناعه بأنّ "الحصار لن يخفَّف، لكن لدى كوبا كل القدرة، ليس على مقاومته فحسب، بل على تجاوزه أيضاً. فبفضل الموهبة والجهد والذكاء والعمل، فإن تنمية البلاد ستتقدّم".

وأكّد دياز كانيل أنّ "الأولوية الأولى، في هذه العملية، هي الدفاع عن الوطن، والدفاع عن البلاد، والدفاع عن الثورة. ونفترض أن كلّ ذلك يتكامل فيما بينه في كل ما نقوم به لتحقيق المنعة، عسكرياً وأيديولوجياً واقتصادياً، والتي من خلالها يمكن الاستمرار في تعميق مفاعيل الإنجازات الاجتماعية للثورة، ومواجهة حملة التخريب الهائلة، سياسياً وأيديولوجياً، والتي شنتها إدارة الولايات المتحدة ضد المجتمع الكوبيّ، بحكمة وموهبة وذكاء". 

وأكمل الرئيس الكوبي أنّ "من الأولويات الدفاع عن الدستور الجديد الذي أقرّته كوبا قبل بضعة أعوام، ومن الالتزامات أيضاً أن تتم الموافقة، في أقصر وقت ممكن، على كلّ القوانين، التي تدعم مواد الدستور الجديد".

وتحدّث دياز كانيل عن البرامج ذات المفاعيل الاجتماعية، والتي تدعمها وتشجعها كوبا، وتشكّل جزءاً من تطلعات الناس. ومن هذه البرامج برنامج لتمكين المرأة، وبرنامج ضد التمييز، في جميع أشكاله، ولا سيما التمييز العنصري، وبرنامج ضد الاستعمار الثقافي، وضد ما تبثّه المنصّات التي تعمل من أجل عودة الرأسمالية والنيوليبرالية، وتحاول فرض المفاهيم الإمبريالية، وبرامج اجتماعية في الأحياء، حيث يوجد أشخاص وعائلات يعيشون في ظل أوضاع هشة".

وبيّن الرئيس الكوبي أنّه تم إنشاء 3 ركائز أساسية في إدارة الحزب، وفي إدارة الحكومة للعمل على هذه البرامج، إحداها هي العلم والابتكار، واللجوء إلى البحث العلميّ. أمّا الركيزة الثانية، فهي التحول الرقميّ للمجتمع الكوبيّ، والتي تعني تغييراً في العقلية أيضاً". 

وأشار إلى أنّ الركيزة الثالثة "هي التواصل الاجتماعيّ، أي كيف نتواصل، وكيف يمكننا انطلاقاً من الحقيقة تقديم المحتوى الخاص بنا، وكيف يمكننا مواجهة الحملة والهجمة الإعلاميتين الهائلتين، اللتين تشنّهما الإمبريالية، التي تركز على صناعة الترفيه، مستفيدة من سيطرتها على وسائل التواصل الاجتماعيّ، وعلى شبكة الإنترنت، فتنتج باستمرار محتوىً فاسداً ومبتذلاً". 

عن عائلته وزوجته: تربطنا علاقة قوية جداً

بالتطرق إلى حياته العائلية، بالتوازي مع كونه رئيساً لكوبا، صرّح الرئيس الكوبي بأنّه يكرّس مكانةً أساسيةً للعائلة، إذ "لا يمكن القيام بمهمّات قيادية بهذا التعقيد من دون الاعتماد على دعم الأسرة، ومن دون وجود مساحة للعائلة". 

وأضاف دياز كانيل: "نحن عائلة مترابطة جداً، وأوقاتنا الأفضل هي التي نُمضيها معاً. لذلك، لدينا تقليد نحافظ عليه قدر الإمكان، وهو أن نلتقي على الأقل أيام الأحد كعائلة". 

وفي الحديث عن زوجته ليز، أكّد أنّه تربطه بها "علاقة قوية جداً، أي علاقة حبّ حقيقي"، معرباً عن اعتقاده أنّ "ليز هي مركز العائلة إلى حدّ ما، فهي الشخص الذي يهتمّ بمشاكل الجميع، الأصدقاء، الأبناء، الأحفاد، ولديها القدرة على الوصول إلى الجميع وتعويض غياباتنا". 

لكنّ ليز أيضاً "صديقة ورفيقة في النضال، تحمل أفكاراً ثورية، ولديها حسّ نقديّ للغاية لكل ما يتمّ القيام به، وهي ذات بصيرة ثاقبة للغاية، سواء في عملها المهنيّ، أو في التقييمات التي تقوم بها لعملي وللأشياء التي نقوم بها أيضاً"، وفق الريس الكوبي. 

وتابع: "لذلك، فإنّ الساعات التي نتشارك فيها ليست من وحي العاطفة فحسب، بل هي لنناقش ونفكّر ونحلّل ونخرج باقتراحات وخطط. وبالنسبة إلي، كلّ هذه أمور تؤثّر فيّ في الحياة، لأنّ هناك منظوراً آخر للأمور التي نقترحها في السياسة والاقتصاد، ويجب التعاطي معها أيضاً من منظور ثقافي".

وأضاف أنّ "ليز تساهم كثيراً أيضاً من خلال صدق مشاعرها وعمق عاطفتها واحترامها معايير الآخر، الأمر الذي ساهم أيضاً في أن أكون أفضل كإنسان وأيضاً كمسؤول، فهي تساعد على تقدير التباينات في الرأي، بصورة أفضل، بسبب امتلاكها الصبر على الاستماع إلى الآخر".

وأكَد، في السياق، أنّ "أفضل وقت يخصّصه المرء هو الوقت الذي يخصّصه للعائلة، وأيضاً الوقت المخصص للشعب، ومن الممكن دائماً إيجاد مساحة للمشاركة كعائلة".  

رسالة من الرئيس الكوبي إلى الميادين: شكراً على مهنيتكم العالية ودعم كوبا

وفي ختام حواره، وجّه دياز كانيل رسالة إلى كوبا، داعياً إياها إلى عدم التخلي أبداً عن التزامها الدفاع دائماً وأبداً عن سيادة الشعوب واستقلالها وحقّها في تقرير المصير، وحقّها في أرضها، وألاّ تغيّر قناعاتها بأنّ عالماً أفضل هو أمر ممكن، وأنّ علينا جميعاً أن نجعله ممكناً من خلال نضالنا المستمرّ.

وفي رسالته إلى الإعلام الحرّ، قال الرئيس الكوبي إنّ "هذا الإعلام يجب أن يدافع عن حقيقة الشعوب، وعن جذور الشعوب، وعن هوية الشعوب، وأن يستخدم هذا الإعلام المنصّات لإنتاج محتوى تحرّري حقيقيّ، يساهم في تطوّر الإنسان، ومحتوى مناهض للاستعمار، ومحتوى مناهض للابتذال والتفاهة". 

كما توجه الرئيس الكوبي، في رسالةٍ إلى قناة الميادين وفريقها، وأيضاً إلى مديرة الميادين إسبانول، وفيقة إبراهيم، أعرب خلالها عن شكره العميق لكلّ التعاطف الذي تظهره الميادين دائماً تجاه كوبا، وللطريقة التي تتعامل بها مع القضيّة الكوبيّة، كأنّها قضيّتها.

كما شكر الرئيس الكوبي الميادين على الدعم الذي قدّمته إلى الشعب الكوبي في أصعب الأوقات، عندما خرجت للدفاع عن الحقيقة بشأن كوبا، "في حين أنّ الدفاع عن كوبا له ثمنه".

وأضاف، في رسالته إلى الميادين: "شكراً أيضاً للمهنية العالية التي تعملون بها؛ هذه الاحترافية التي لم تنقلوا من خلالها واقع كوبا والعالم فحسب، وإنما أيضاً نقلتم إلينا رؤية العالم العربي، قيمه وثقافته وتاريخه وقضاياه. واليوم، في هذا الوقت بالذات، أشكركم على الفرصة التي منحتموها لنا لنكون في إحدى مساحاتكم، في هذا الحوار الخاص معكم، وأن نتبادل الآراء والأفكار. أعتقد أن كلّ هذا له علاقة كبيرة بحقيقة، مفادها أنّ العالم العربيّ وكوبا شعبان شقيقان، فنحن أمّتان شقيقتان، وسنقاتل دائماً حتى النصر".

كذلك، شكر الميادين على السلسلة الوثائقية الجميلة، "إنيغما"، التي قادت مجدداً إلى الدخول بعمق أكبر إلى إرث الثورة الكوبية، التي تمت معالجتها في السلسلة، بصورة جيدة". 

اقرأ أيضاً: الميادين تحاوِر رئيس كوبا: عن استمرارية الثورة وتحدياتها (الجزء الأول)

اخترنا لك