شولتس يلتقط أنفاسه بعد فوزه بانتخابات ولاية ساكسونيا السفلى
الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني بقيادة المستشار أولاف شولتس يفوز في انتخابات ولاية ساكسونيا السفلى، متجنّباً هزيمة جديدة بعد نكستين مدوّيتين في مواجهة يمين الوسط.
فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، الأحد، في انتخابات محلية في ولاية ساكسونيا السفلى، ما منح زعيمه المستشار أولاف شولتس متنفساً في توقيت تسجّل شعبيته تراجعاً في خضم أزمة الطاقة.
وأشارت تقديرات قنوات تلفزيونية رسمية إلى نيل الاشتراكيين الديمقراطيين 33% من الأصوات في انتخابات ثاني أكبر ولاية في ألمانيا، علماً أنّهم يديرونها منذ العام 2013 ضمن ائتلاف، متقدّمين على الحزب المحافظ الذي كانت تتزعمه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، والذي نال، بحسب التقديرات، نحو 28% من الأصوات.
وفي خضم نقمةٍ شعبيةٍ متزايدة على الصعيد الوطني، استفاد حزب شولتس من الشعبية الواسعة لرئيس الحكومة المحلية في ولاية ساكسونيا السفلى، شتيفان فايل، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ومكّن هذا الفوز شولتس من تجنّب هزيمة جديدة بعد نكستين مدوّيتين في مواجهة يمين الوسط في الربيع الماضي في استحقاقين انتخابيين محليين في ولايتي شمال الراين فستفاليا (غرب) وشلسفيغ هولشتاين (شمال).
"استفتاء" بشأن شولتس
وفي هذا السياق، صرّح خبير العلوم السياسية الألماني كارل رودولف كوره لقناة "زد. دي. أف" بأنّ هذه الانتخابات "بالغة الأهمية" لشولتس، وهي بمنزلة "استفتاء في سياسة حكومته" حيال الحرب الدائرة في أوكرانيا والأزمة النفطية.
لكنّ نتائج الحزب تعكس تراجعاً مقارنةً بانتخابات العام 2017، حين نال 36.9% من الأصوات، وتعكس كذلك تراجع شعبية المحافظين مقارنةً بالاستحقاق نفسه الذي أجري في العام 2017، إذ نالوا حينها 33.6% من الأصوات.
ويبدو أنّ المستفيد الأكبر هو اليمين المتطرف، الذي سعى لاستغلال الإحباط الشعبي والقلق الذي تثيره مشاكل الإمدادات النفطية وارتفاع الأسعار. هذا الاختراق الذي حقّقه له رمزية كبيرة، إذ عادةً ما تكون القاعدة الحزبية متجذّرةً في شرق البلاد، وشعبيته ضعيفة في بقية الأنحاء.
ونال حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف 11.5% من الأصوات، وفق تقديرات القناتين، أي نحو ضعف النتيجة التي حقّقها عام 2017.
وينادي قادة الحزب بالتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشددين على أنّ ألمانيا لا يمكنها أن تستغني عن الغاز الروسي. وجمع الحزب آلاف المناصرين خلال تظاهرة ضد ارتفاع الأسعار في برلين السبت الماضي.
اقرأ أيضاً: ألمانيا: تظاهرات لليمين المتطرف احتجاجاً على سياسات أولاف شولتس
كذلك، حقّق حزب الخضر المنضوي في ائتلاف حكومي مع شولتس تقدماً كبيراً بنيله أكثر من 14% على الأقل من الأصوات، أي بزيادة تتخطى 5% مقارنةً بالاستحقاق الماضي.
ومن حيث عدد المقاعد في البرلمان المحلي، يمكن للاشتراكيين الديمقراطيين والخضر عددياً تشكيل غالبية جديدة تحل محل الائتلاف القائم حالياً بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين.
التضخم والركود.. معضلة شولتس
وتشكّل نتائج الولاية متنفساً لشولتس الذي يتعرّض لانتقادات كثيرة في ألمانيا، على خلفية سياسته لدعم أوكرانيا التي تعتبر "محدودة"، والمخاوف المتزايدة للرأي العام بشأن التضخم، والتخوّف من نزاع نووي في أوروبا.
على الصعيد الوطني، تراجعت شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي في نيات التصويت إلى ما دون عتبة 20%، وتسجل شعبية شولتس تدهوراً.
وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى تسارع التضخم الذي بلغ 10% في أيلول/سبتمبر، وهو معّدل غير مسبوق منذ 70 عاماً في ألمانيا. وإضافة إلى تراجع القدرة الشرائية والركود المتوقع العام المقبل، تخشى أكبر قوة اقتصادية في أوروبا انهيار قطاعها الصناعي.
وحاول المستشار الرد على الانتقادات بإعلان خطة كبرى بموارد مالية قدرها 200 مليار يورو للحد من ارتفاع أسعار الغاز، لكن شركاء البلاد الأوروبيين انتقدوا خطّته هذه.
وبرلين متّهمة بالعمل أحادياً لتحقيق مصالحها الخاصة وتجاهل التضامن الأوروبي. ويبدو أنّ شولتس مقبل على معضلة، إذ تكبّد الحزب الليبرالي المنضوي بدوره في الائتلاف الحكومي هزيمة انتخابية جديدة في ولاية ساكسونيا السفلى (5% من الأصوات)، ما يعيد إطلاق النقاش في صفوفه إزاء جدوى مشاركته في حكومة يسارية بغالبيتها.
اقرأ أيضاً: الحكومة الألمانية: توقعات بالركود والتضخم عام 2023