"بلومبرغ": اتفاق التجارة الأميركي - الأوروبي غير ملزم.. وتعرفة 15% بدءاً من أغسطس
وكالة "بلومبرغ" تنشر تفاصيل اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتقول إنه غير ملزم قانونياً، وتطرّق إلى التأثير على صادرات السيارات، وعن الاستثمارات الأوروبية المتعهّد بها في أميركا.
-
ترامب وفون دير لاين خلال الإعلان عن الاتفاق التجاري (أ ف ب)
نشرت وكالة "بلومبرغ"، اليوم الخميس، تقريراً يتحدث عن تفاصيل اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
وذكر التقرير، أنّ الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في 27 تموز/يوليو مستمد من بيان غير ملزم، لا يملك أي قوة قانونية.
وأضح التقرير أنه في الخطوة التالية من العملية، سيصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بياناً مشتركاً شاملاً، بحلول الأول من آب/أغسطس المقبل.
هذا البيان سيوسّع، بحسب "بلومبرغ"، العناصر التي تمّ التفاوض عليها بالفعل، ولكنه لن يكون له أي وزن قانوني، وعند ذلك، سيبدأ الجانبان التفاوض على اتفاقية تجارية ملزمة قانوناً. فيما لم يتّضح بعد الشكل الذي سوف تتخذه الاتفاقية النهائية، إلا أنّ التفاوض عليها قد يستغرق عدة أشهر، بحسب الوكالة.
ما الذي سيحدث الآن؟
في الأول من آب/أغسطس، ستُعدّل الولايات المتحدة معدل تعريفاتها الجمركية على جميع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى 15% تقريباً، بما في ذلك السيارات وقطع غيارها، وسيُطبّق هذا المعدل على نحو 70%، أي ما يعادل 380 مليار يورو (435 مليار دولار)، من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وفقاً لما صرّح به مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي لـ "بلومبرغ".
ولن يتمّ فرض أي رسوم أخرى فوق هذا المعدل، وسوف يتمّ تطبيق النسبة البالغة 15% على المنتجات القطاعية، مثل الأدوية، وأشباه الموصلات، حتى لو فرضت الولايات المتحدة رسوماً إضافية على تلك القطاعات في المستقبل.
وسيتمّ إعفاء عدد محدود من المنتجات من ضريبة الـ 15%، بينما ستظل السلع الخاضعة بالفعل لرسوم جمركية تتجاوز 15%، بموجب ما يُسمى بترتيبات "الدولة الأكثر رعاية"، خاضعة للضرائب بالمستويات نفسها.
كما أن الاتحاد الأوروبي لن يبدأ في تنفيذ الشروط التي وافق عليها، مثل خفض التعريفات الجمركية على المنتجات الأميركية، إلا بعد الموافقة على النص النهائي الملزم قانوناً، وفقاً لتصريحات المسؤول الأوروبي للوكالة.
لماذا قبل الاتحاد الأوروبي هذه الصفقة؟
مسؤولون في الاتحاد الأوروبي صرّحوا بأن المفاوضات لم تقتصر على التجارة فحسب، بل كانت لها آثار على أمن الاتحاد والحرب في أوكرانيا، وحتى إمدادات الطاقة، في وقت لا تزال أوروبا تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في دفاعها، بعد سنوات من نقص الاستثمار في الجيوش الوطنية. كما أنّ توجّه المنطقة نحو التوقّف التدريجي عن شراء الغاز الروسي زاد من اعتمادها على الولايات المتحدة كمصدر بديل للطاقة.
هل ترامب هو الفائز هنا؟
يشير تقرير "بلومبرغ" إلى أنّ المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي كانوا يتوقّعون اتفاقاً غير متكافئ، من شأنه أن يصبّ في مصلحة واشنطن، لكنّ السؤال الوحيد هو "إلى أي مدى".
وتابع التقرير أنّ شروط الاتفاقية لا شك أنها، كما أُعلن عنها، ستعزز تنافسية الصناعات الأميركية. ومع ذلك، يرى العديد من الاقتصاديين أن تكاليف الرسوم الجمركية عادةً ما يتحمّلها المستهلك النهائي، على الأقل في البداية، أي الأميركيون في هذه الحالة.
كما أورد تعليق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على اتفاقية التجارة، حين قال: "لكي تكون حراً، عليك أن تُهاب، لم نُخشَ بما فيه الكفاية"، مضيفاً عليه تصريح رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، الذي كان أكثر صراحةً: "إنه يومٌ أسود عندما يُقرّر تحالفٌ من الشعوب الحرة، المُتحدة لتأكيد قيمها والدفاع عن مصالحها، الخضوع".
كيف تؤثر اتفاقية التجارة على شركات صناعة السيارات؟
التقرير ذكر أن رسوماً جمركية، بنسبة 15%، ستُفرض على صادرات السيارات وقطع غيارها إلى الولايات المتحدة، وهي أقل من نسبة 27.5% التي فرضها ترامب سابقاً على هذا القطاع، مضيفاً أنه عند إتمام الصفقة، ستُعفى السيارات الأميركية من الرسوم الجمركية عند دخولها الاتحاد الأوروبي.
وصف فولفغانغ نيدرمارك، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات الألمانية، الاتفاق بأنه "تسوية غير كافية، تُرسل إشارة كارثية"، وتابع: "الاتحاد الأوروبي يقبل برسوم جمركية باهظة، وحتى فرض رسوم جمركية بنسبة 15% ستكون له عواقب وخيمة على الصناعة الألمانية الموجّهة نحو التصدير".
ماذا عن تعهّد الاتحاد الأوروبي بالاستثمار في الولايات المتحدة؟
في معرض الحديث عن تعهّد الاتحاد الأوروبي بالاستثمار في الولايات المتحدة، اعتبرت الوكالة أنه "من الصعب تصوّر كيف يمكن للاتحاد الأوروبي تحقيق هذه المشتريات الطموحة من الطاقة، خلال هذه الفترة، حيث بلغ إجمالي واردات الطاقة من الولايات المتحدة، أقل من 80 مليار دولار العام الماضي، وهو أقل بكثير من الوعد الذي قطعته فون دير لاين لترامب، في حين بلغ إجمالي صادرات الطاقة الأميركية ما يزيد قليلاً عن 330 مليار دولار في عام 2024".
إضافة إلى ذلك، لا يشتري الاتحاد الأوروبي الطاقة لدوله الأعضاء، ولا يمكنه أن يحدد الأماكن التي تشتري منها الشركات الأوروبية الطاقة، بحسب "بلومبرغ".
ويمثّل تعهد الاتحاد الأوروبي، باستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة إشكاليةً مماثلة، ويوضح هنا المسؤول الأوروبي أن "هذا الاستثمار ما هو إلا مجموع تعهّدات من الشركات، وليس هدفاً مُلزماً، إذ لا يستطيع الاتحاد الأوروبي الالتزام به".
وفي السياق، أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريراً، اليوم، قالت فيه إن أوروبا تعرّضت للابتزاز من الإدارة الأميركية، وإنها لا تستطيع خوض حرب تجارية لأنها غير موحّدة، معتبرة أن أكبر تكتل للتجارة الحرة متعددة الأطراف في العالم، فشل في الدفاع عن التجارة.