حفر الأرض في غزة هرباً من البرد!

بعد تدمير طائرات الاحتلال لمنزل أبو عبيد، النازح من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حاصرته ظروف الشتاء القاسية وتوقف عن العمل، فلجأ إلى حفر باطن الأرض لتوسعة خيمة عائلته التي كانت ضيّقة للغاية.

0:00
  • حفر الأرض في غزة هرباً من البرد
    حفر الأرض في غزة هرباً من البرد

بأدوات بسيطة، اضطر نازح فلسطيني للحفر في الأرض لتوفير مأوى يحمي أسرته المكونة من 10 أفراد من الطقس البارد والرياح القوية، بالإضافة إلى توفير مساحة إضافية لزيادة حرية الحركة داخل خيمته الصغيرة.

ففي مواجهة البرد والمطر في الشتاء، خطرت لرب العائلة الفلسطيني تيسير عبيد (38) الذي لجأ مع أسرته إلى دير البلح وسط قطاع غزة، فكرة الحفر في الأرض.

وحفر الرجل في التربة الطينية في المخيم الذي نزحت إليه عائلته بسبب العدوان الإسرائيلي، حفرة مربعة بعمق مترين تقريباً، غطاها بقماش مشمّع مشدود فوق إطار خشبي.

يقول رب الأسرة "من الضيق فكرت أن أحفر في التراب حتى أتوسّع".

ويضيف تيسير من داخل الملجأ المرتجل، فيما أطفاله يلعبون على أرجوحة صغيرة ثبتها على لوح يشكل إطاراً للقماش المشمّع، "بالفعل حفرت 90 سنتم وشعرت بتوسّع نوعاً ما".

وتابع "ثم فكرت أن أعمّق الحفرة، وبالفعل عمقت الحفرة ونزلت إلى متر وثمانين سنتم، وكانت الأمور نوعا ما مريحة".

وأضاف "لو كان لدي خيارات غير ذلك،  لما كنت أعيش في حفرة أو جورة أشبه بالقبر".

تيسير ملأ أكياس طحين قديمة بالرمل وكدّسها على المدخل لمنع تسرب الوحل إلى الداخل، وقال "غير التعب والوقت والجهد الذي تطلبه مني وانا أحفر، قضيت فترة أحاول إقناع أولادي وعائلتي أن يتعايشوا فيه،  طبعا ليس لدينا خيار أفضل من ذلك".

نموت من البرد

حفر رب الأسرة بعض الدرجات في الأرض للنزول إلى الملجأ، وأقام ما يشبه مدخنة يحرق فيها بعض الأوراق أو الكرتون على أمل تدفئة الجو قليلاً، بدون أن ينجح في ذلك حقاً.

أمام الموقد، يفرك الأطفال أيديهم محاولين إيجاد بعض الدفء.

ويأمل عبيد أيضاً في توفير حماية أفضل من الغارات الإسرائيلية لعائلته التي فرت من القتال في شمال قطاع غزة، لكنه يخشى ألا يصمد الملجأ أمام غارة قريبة، ويقول "لو وقع انفجار حولنا وانهالت التربة، بدل أن يصير مأوى لي، سيصبح قبراً لي".

ونزح تقريباً جميع سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة بسبب العدوان والمجازر الإسرائيلية، وأشار مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2024 إلى أن 66% من مباني القطاع تضررت.

حصار مطبق

وهرباً من القتال والقصف الإسرائيلي، اضطر الكثير من المدنيين للجوء إلى مخيمات مكتظة، معظمها في وسط غزة وجنوبها.

وفي القطاع الذي تفرض عليه "إسرائيل" حصاراً مطبقاً، باتت مواد البناء نادرة، ويضطر النازحون إلى استخدام ما يتاح لهم لارتجال ملاجئ موقتة وسط ظروف صحية كارثية.

وأشارت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الخميس الماضي إلى أن 8 أطفال حديثي الولادة استشهدوا بسبب انخفاض حرارة اجسامهم فيما استشهد 74 طفلاً منذ بداية هذا العام بسبب "ظروف الشتاء القاسية".

اقرأ أيضاً:  قطاع غزة: وفاة طفلة رضيعة بسبب البرد في مواصي خان يونس

وقالت المتحدثة باسم الأونروا لويز واتريدج "نبدأ هذا العام الجديد بأهوال العام الماضي نفسها. ليس هناك أي تقدّم ولا أي عزاء. الأطفال يموتون برداً".