ازدياد حالات وفيات الرضّع جوعاً في غزة
والدة الرضيع أصابها الجفاف بسبب قلة الطعام والغذاء واضطرت لشرب المياه المالحة وانقطع لديها الحليب مع الوقت، وهو ما أثّر على قدرتها على ارضاع طفلها تدريجيًّا وأدى إلى إصابته بارتخاء وجفاف حاد، خاصة مع عدم توافر أية بدائل من حليب الأطفال الصناعي.
حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من مخاطر تصاعد ضحايا نهج التجويع الإسرائيلي لسكان قطاع غزة، لا سيما في صفوف الأطفال والمسنين، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضدهم.
وحذر المرصد في بيان له أمس الثلاثاء، من تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بالتزامن مع تدهور شديد الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.
توثيق حادثة وفاة رضيع جوعاً
و وثّق الأورومتوسطي وفاة الرضيع جمال محمود جمال الكفارنة من مواليد آب/أغسطس 2023 من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، من جرّاء الجوع بسبب عدم توفر الغذاء اللازم له ولوالدته.
وقالت سماح يوسف الكفارنة، وهي جدة الرضيع الضحية لفريق الأورومتوسطي إنهم نزحوا منذ الأيام الأولى للهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة إلى خيمة في ساحة مدرسة في بلدة جباليا، مشيرة إلى معاناتهم من نقص متزايد بأي إمدادات إنسانية.
اقرأ أيضاً: "الأورومتوسطي": العطش يغزو مدينة غزة وشمالها.. انعدام مياه الشرب كحكم الإعدام
وذكرت أن والدة الرضيع "جمال” أصابها الجفاف بسبب قلة الطعام والغذاء واضطرت لشرب المياه المالحة وانقطع لديها الحليب مع الوقت، وهو ما أثّر على قدرتها على ارضاع طفلها تدريجيًّا وأدى إلى إصابته بارتخاء وجفاف حاد، خاصة مع عدم توافر أية بدائل من حليب الأطفال الصناعي بسبب الحصار المفروض على القطاع، إلى أن “توفي جائعاً في أحضان والدته” في 18 من الشهر الجاري، بحسب جدته.
أكثر من حادثة وفاة بالجوع
وكان المرصد الأورومتوسطي قد تلقى إفادات بشأن حادثة أخرى حول وفاة الرضيع “براء الحداد” (عام ونصف) من سكان مدينة غزة، من جرّاء الجوع والجفاف يوم 30 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
كما أظهرت إفادات تلقاها الأورومتوسطي وفاة عدد من المسنين في مناطق متفرقة من قطاع غزة بفعل تداعيات معاناتهم من الجوع والجفاف، منهم “سميرة أبو بربر” (59 عامًا)، و”عصام النجار” (63 عامًا) و”جودة زيدان شاكر الآغا” (81 عاماً).
بعد وفاة رضيع جديد.. الأورومتوسطي يحذر من تزايد ضحايا نهج التجويع الإسرائيلي لسكان غزة https://t.co/IfGPxr5YBP
— المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) January 23, 2024
وسبق للمرصد الأورومتوسطي أن وثق عدة حالات وفاة بفعل الجوع بينهم الطفلة “جنى ديب قديح” (14 عاماً) والمريضة بالشلل الدماغي، والتي توفيت يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي في مدرسة “طيبة” في بلدة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة بفعل الجوع ونقص الأوكسجين اللازم لحالتها.
الاحتلال منع تنفيذ قرارات دولية
وجدد المرصد الأورومتوسطي التأكيد أن "إسرائيل" أفرغت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الذي صدر قبل شهر -بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة- من مضمونه وما تزال تستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأضاف أن "إسرائيل" حوّلت القرار المذكور إلى مجرد حبر على ورق، كبقية التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي، فيما ما يزال تجويع المدنيين في غزة يبلغ مستويات غير مسبوقة ويهدد باتساع رقعة انتشار الأمراض بفعل انعدام الأمن الغذائي.
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى في 22 من كانون أول/ديسمبر الماضي، قرارًا بتأييد 13 عضوًا وامتناع الولايات المتحدة وروسيا، يدعو إلى “اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.
وطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين “كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار يكون مسؤولاً عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والواردة من الدول التي ليست أطرافًا في النزاع، والتحقّق من طابعها الإنساني".
يُذكر أنّ الولايات المتحدة الأميركية أفشلت، في الـ8 من الشهر الجاري، تبنّي مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع لدواعٍ إنسانية وإدخال المساعدات، عبر استخدامها حق النقض "الفيتو"، في حين نال المشروع 13 صوتاً مؤيداً.
وأبرز الأورومتوسطي استمرار قيود "إسرائيل" الواسعة على إدخال الإمدادات الإنسانية إلى مناطق واسعة في قطاع غزة، لا سيما مدينة غزة وشمالها، وحصر توزيعها تقريبًا على مدينة أقصى جنوب قطاع غزة، في وقت تدفع فيه لنزوح إضافي لعشرات آلاف الفلسطينيين إلى المدينة.
ونبه إلى أن سلطات الاحتلال تصر على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي وتحذيرات الأمم المتحدة المتكررة على استخدام التجويع كأداة حرب في قطاع غزة والاستهداف المتعمد لعمال الإغاثة الذين لا ينبغي أن يكونوا هدفًا أبداً.
من نجا من القصف أصبح يموت جوعاً.. مناشدة صحافي من غزة يتحدث عن الوضع المأساوي في مناطق الشمال #غزة #فلسطين #الميادين_GO pic.twitter.com/pnxKlgwpnw
— Almayadeen Go الميادين (@almayadeengo) January 23, 2024
خطوات ضرورية لوقف المجاعة
وشدد على أن وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة ورفع القيود الإسرائيلية على حركة تدفق الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك تمكين المجال الإنساني لتقديم المساعدة المتعددة القطاعات هي خطوات أولى حيوية للقضاء على أي خطر للمجاعة.
وكان الأورومتوسطي نشر في 19 من الشهر الماضي نتائج دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1,200 شخص في غزة أجراها للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأظهرت النتائج أن أكثر من 71% من عينة الدراسة أفادوا بأنهم يعانون من مستويات حادة من الجوع، وأن 98% منهم قالوا إنهم يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء، بينما أفاد نحو 64% منهم بأنهم يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع.
اقرأ أيضاً: "شكراً على الأكفان والخيم"! مساعدات تثير سخط الفلسطينيين
وعلى وقع الضغوط الدولية، قيّدت "إسرائيل" إدخال إمدادات إنسانية من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، واقتصرت على معدل 100 شاحنة يومياً، وهي معدلات لا تقارن مع متوسط حمولة 500 شاحنة كانت تدخل لتلبية الاحتياجات الإنسانية إلى القطاع قبل السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
💢عاجل | المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان:
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 23, 2024
🔻نحذر من مخاطر تصاعد ضحايا سياسة التجويع الصهيوني لسكان قطاع غزة.
🔻وثّقنا وفاة عدد من الرضع والمسنين في مناطق متفرقة من غزة بفعل الجوع والجفاف وانعدام الأمن الغذائي.
🔻نؤكد تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بالتزامن…
القانون الدولي يحظر استخدام التجويع كسلاح
وأعاد الأورومتوسطي التذكير بأن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب. كما أن إسرائيل، وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإنها ملزمة وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم.
وشدد على أن تجويع المدنيين عمداً وحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية، يعتبر جريمة حرب، وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ودعا الأورومتوسطي إلى تحرك دولي حاسم لفرض وقف إطلاق النار في غزة، وتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته الدولية تجاه المدنيين في قطاع غزة، ومنع تدهور الوضع لحياة المدنيين بشكل أكبر عبر إتاحة الوصول العادل وغير المقيد من المواد الأساسية والإغاثية إلى القطاع بأكمله، وإتاحة الإمدادات الضرورية من الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود لتلبية احتياجات السكان.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى نحو 25,450 شهيدا، و63 ألف مصاب.