تقدّم في تقنية العلاج بالأوكسجين في سوريا

العلاج بالأوكسجين "الذي يوصف بـ "الآمن البسيط من دون جراحة يعزز عمليات الشفاء الطبيعية بالجسم، ويقوم مفهومه على "الجمع بين زيادة الضغط الجوي حول المريض، وزيادة نسبة الأوكسجين المعطاة له.

  • الأوكسيجين بوابة الحياة وشفاء من الآلام
    الدكتور بسام الياس يجري اتصالاً مع المريض داخل الحجرة

أدرك الإنسان أهمية الأوكسجين في الحفاظ على حياته منذ عرف أنه لا يستطيع العيش بلا أوكسجين سوى لـ 3 دقائق فقط.

لكن اكتشافات استخدام الأوكسجين للعلاج الطبي طال انتظارها، ولم تبدأ سوى في الحرب العالمية الأولى عندما نفدت أدوية علاج الإصابات بسبب الأعمال العسكرية، فلجأ أحد الأطباء الألمان إلى استخدام "الأوزون" (O3) كمادة معقمة، مكافحة للبكتيريا، لمعالجة جرحى الحرب.

ولم يلبث الإنسان أن اكتشف أهمية العلاج بالأوكسجين العادي (O2)، فأجرى الأطباء عليه تجارب، وتوصّلوا إلى طرق لاستخدامه تحت ضغط عالٍ.

العلاج بالأوكسجين في سوريا

وبينما افتتح أحد المختصّين عيادة للعلاج بالأوزون، فإن العلاج بالأوكسجين العادي وصل إلى سوريا عن طريق القوات البحرية السورية ومشافي القوات المسلحة المركزية في البداية، حيث تم استخدامها للغطّاسين، والطيارين.

بعد ذلك تم استثمار العلاج بالقطاع الخاص في سوريا من خلال السوري علاء حسين في مركز "بوابة المستقبل" في طرطوس بإشراف أطباء مختصّين، وفي مقدّمهم الدكتور بسام الياس المتخصص بالعلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي. 

في حديث مع الياس، قال إن العلاج بالأوكسجين "الذي يوصف بـ "الآمن البسيط من دون جراحة يعزز عمليات الشفاء الطبيعية بالجسم، ويقوم مفهومه على "الجمع بين زيادة الضغط الجوي حول المريض، وزيادة نسبة الأوكسجين المعطاة له، ويتم هذا الإجراء ضمن حجرات خاصة مصمّمة لتتحمّل زيادة الضغط بداخلها".

ويتتبّع الياس بدايات العلاج، وتطوراته، فقد "بدأ في العالم لأول مرة في الولايات المتحدة الأميركية أوائل القرن العشرين عندما استخدم Orville Cunningham الأوكسجين النقي بنجاح لعلاج شخص يموت من الأنفلونزا، ثم طوّر غرفة الضغط العالي"، بحسب الياس. 

وقال إنه "تمت تجربة العلاج مرة أخرى في الأربعينيات عندما استخدمت البحرية الأميركية الأوكسجين عالي الضغط لعلاج الغوّاصين في أعماق البحار الذين يعانون من مرض تخفيف الضغط، وبحلول الستينيات، تم استخدام العلاج أيضاً لمكافحة التسمّم بأول أوكسيد الكربون".

ضروري لكلّ خلية

وإذا كان الأوكسجين ضرورياً للمخلوقات الحيّة، فهو ضروري لكل خلية في الجسم، وتنطلق عملية العلاج به في الظروف العادية بـ"نقل الأوكسجين إلى جميع أنحاء الجسم عن طريق خلايا الكريات الحمراء مع كمية صغيرة تذوب في البلازما" كما أفاد الياس.

وتابع إنه "عند تطبيق ضغط عالٍ مع إعطاء الأوكسجين النقي %100، تذوب كميات أكبر بكثير من الأوكسجين في البلازما حيث يصبح متاحاً بشكلٍ أكبر زيادة تركيزه في أنسجة وسوائل الجسم مثل البلازما، والسائل الدماغي الشوكي، والجهاز الليمفاوي، والمفاصل، والأنسجة كافة حتى التي تعاني من التلف، أو قلة التروية الدموية".

وقد يعتقد البعض أن العلاج بالأوكسجين سهل، وعملية بسيطة، لكنّ الياس يوضح أن التقنية حسّاسة ومعقّدة، وتحتاج لتخصص عالٍ ومعمّق، فهو "علم شديد التفرّعات، ودقيق جداً، وبحاجة لمعرفة فيزيولوجيا عمل الجسم بشكل دقيق ومفصّل، وهذا التخصص غير موجود في سوريا، والقليل من الأطباء يعرفون عن آلية العلاج وطريقة التأثير".

6 سنوات مضت على تطبيق التقنية في سوريا، تجربة كافية لمعرفة نتائجها الحسيّة في العلاج.

يفيد الياس أنّ "هناك مجموعة من الأمراض، والاضطرابات التي يعمل العلاج بالأوكسجين على تحسينها، بل والشفاء من بعضها، وهذا بعد الموافقة عليها من قبل "منظمة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)".

وقال: "نحن بدورنا خلال الفترة الماضية نجري إحصائيات، ونوثّق حالات، والنتائج كانت ممتازة، والأهم خلال هذه الفترة أنه تم نشر الوعي، والتعريف بهذا العلاج، وأصبح الأطباء والناس العاديون يعرفون ويتعرّفون إلى العلاج بالأوكسجين المضغوط".

ما هي الأمراض التي يشفي منها؟

وعدّد الياس بعض الأمراض التي تشفى مثل: نقص السمع المفاجئ الحديث، واللقوة المحيطية الحديثة، وإصابات الغطّاسين الحديثة، وحوادث الغرق، والتسمّم بأول أوكسيد الكربون، والسيانيد، ويعتبر علاجاً مساعداً ودائماً في اختلاطات الداء السكري، واعتلال الأعصاب، والقرحات السكريّة، والنّخرة الجافة الحديثة، وداء برتس، كذلك يساعد في تخفيف الألم الليفي العضلي "فيبرومياليجيا"، وفي حالات ذات العظم والنقي، والجروح التي لا تلتئم.

كما يساعد في صعوبات التعلّم، وتأخّر التطوّر المعرفي والحركي، واختلاطات نقص الأوكسجين عند الأطفال.

نطاق تطبيق التقنية طاول مروحة واسعة من الحالات، ويُنتظر إدراج العديد من الأمراض الأخرى التي لم يتم الاتفاق على علاجها بالأوكسجين بعد، وهي حالياً تحت الاختبار والدراسة، عالمياً، كما أوضح الياس، قائلاً إنه "تمت ملاحظة ذلك من خلال تطبيق هذا العلاج لأمراض ليست واردة سابقاً ضمن خطة العلاج، وكانت الاستجابة جيدة".

أبرز الحالات التي استجابت بفعالية للعلاج كانت مع الدكتور يوسف حسن الذي أفاد أنه تلقّى العلاج في مركز "بوابة المستقبل" في طرطوس، ما أبعدني عن عمل جراحي لـ"النخرة الجافة" وألمها بنسبة 80%.

"النخرة الجافة" عرّفها د.حسن بأنها تصيب الفخذ والمعصم، ونادراً الكاحل، فتسبّب آلاماً شديدة، تعالج بالجراحة عادةً، لكن بعد البحث والتقصي، وجدنا أن العلاج بالأوكسجين المضغوط هو أفضل الاستطبابات، فخضعت لبرنامج استغرقني 40 جلسة، في 40 يوماً، وفق وصفة الدكتور الياس في "بوابة المستقبل"، وبدأت ألمس تحسّناً منذ الجلسة الـ 20، وبنهاية الـ 40 جلسة تخلّصت من 80% من الآلام.

ودعا الدكتورحسن إلى توسيع دائرة المعرفة بالتقنية لما حقّقته من إفادة، مقترحاً نشر مفهوم التقنية، وإقامة محاضرات في مختلف الأنحاء لتعميم الفائدة، وترسيخ المزيد من القناعة لدى الأطباء حول فائدة العلاج بالأوكسجين.

نجاح التجربة في طرطوس شجّع على التوسّع بتكرار تجربتها في فرع آخر لـ"بوابة المستقبل" جرى افتتاحه في اللاذقية.

من جهة ثانية، انطلاقاً من تجربة "بوابة المستقبل"، والنجاح الذي حقّقته، بدأ القطاع الصناعي الوطني السوري، المعروف بمهارته، تجارب، واختبارات على تصنيع الحجرة التي يتم فيها العلاج، وهي حجرة تزيد قليلاً عن حجم الجسم، وتستوعب شخصاً واحداً، وهناك نموذج أكبر يستوعب أكثر من شخص.