لأهل الجنوب اللبناني "مهرجاناتهم": تمسّك بالأرض والبحر
قد يسأل البعض.. أين الرعاية الرسمية لمقوّمات الحياة في الجنوب الذي تحمّل عدواناً جهنمياً سافراً؟ ما الذي يضير لو تجمّع عددٌ من الفنانين والناشطين برعاية بعض الوزارات المعنية، وأطلقوا "مبادرةً رمزية في بقعة من بقاع جنوب لبنان.
-
نظّم الغواصون في المركز اللبناني للغوص حملة تنظيف الأعماق من الشِباك التالفة (غرافيك: ندين بدر الدين)
رسائل مع فحوى واضحة يرسلها أهل الجنوب اللبناني في دلالة على رفضهم ما تحاول مسيّرات ودبابات الاحتلال فرضه من واقعٍ صعب، مانعةً إياهم من العودة إلى أراضيهم وأرزاقهم ومنازلهم المدمرة.
كلٌّ من موقعه، يكافح اللبنانيون، خاصة الجنوبيون منهم، لتنفيذ وجه آخر من وجوه المقاومة، عبر ثقافة عشق أرضهم وبحرهم، والذود عنهما بسلاح الوعي والوحدة.
ولمدينة صور مهرجاناتها.. وللجنوب مهرجاناته!
يضج لبنان المهرجانات والاحتفالات الصيفية، وتكاد لا تغيب عن كبرياتها،الرعاية الرسمية من الصفّ الأول.. إنها ثقافة الحياة اللبنانية التي تنتفض من قلب الرماد، ولكن!
قد يسأل البعض.. أين الرعاية الرسمية لمقوّمات الحياة في الجنوب الذي تحمّل عدواناً جهنمياً سافراً؟ ما الذي يضير لو تجمّع عددٌ من الفنانين والناشطين برعاية بعض الوزارات المعنية، وأطلقوا "مبادرةً رمزية في بقعة من بقاع جنوب لبنان.
النائب اللبنانية عناية عز الدين قالتها بالفم الملآن في نشاطٍ بيئي نظّم منذ أيام في صثور، فطالبت باهتمام وحِثاثة،" بعض الوزارات أن تشبّك فيما بينها عبر خطة محلية تساهم لدعم المباردات الفردية، وهي لا تحتاج إلى مجتمع دولي ولا أمم متحدة ولا عصبة أمم ولا اتحاد أوروبي ولا أميركا ودول العالم!"
هذا هو سلاحهم..
إلى أن يتحقق هذا المنال... لا يلوي الجنوبيون على شيء.. هم مستمرون في "مهرجانات" العزّة والكرامة، "منرفض نحنا نموت.. قولولهن رح نبقى.. أرضك والبيوت والشعب الي عم يشقى، هو النا يا جنوب يا حبيبي يا جنوب"!
اقرأ أيضاً: بين نفق الناقورة و"كاريش".. ظهورنا محمية والخيارات مفتوحة (فيديو)
يرددها الأهلون مع الفنانة اللبنانية "جوليا" وهم يتصدون بصدورهم العارية لطائرات ورصاصات العدو بين منازلهم المنكوبة، وهم في غير وارد التخلي عن "سلاحهم" الناجع المزّنر بالصمود والبصيرة وطول الأناة وقوة الشكيمة..
وعلى جريّ عادته، آل ابن الجنوب مدير المركز اللبناني للغوص يوسف الجندي وغواصوه ورفاقه على أنفسهم إلاّ القيام بواجبهم الوطني والبيئي والاجتماعي.
فمن استكشاف بحر لبنان، خاصة قبالة بحر صور وصولاً إلى الناقورة المتاخمة لفلسطين المحتلة، عكف المركز اللبناني للغوص على سبر أغوار الأعماق، وإجراء الدراسات العلمية والبيئية، وتأبط لواء الحفاظ على الأسماك والمخلوقات البحرية، وإجراء حملات تنظيف أعماق البحار من النفايات والبلاستيك والشباك الممزقة، كذلك إجراء حملات نظافة للشاطىء وغيره..
من منّا لم يسمع بجهود الجندي ومركزه، فبعد عدوان تموز/ يوليو 2006 على لبنان، ساهم الجندي مع غواصيه في تنظيف الشاطىء اللبناني من مخلفات "الفيول أول" الذي سببته القطع الحربية الإسرائيلية، وأيضاً عبر قصفها لمعمل الجية الحراري، القريب من مدينة صيدا بوابة الجنوب اللبناني. ما أدى إلى تسرّب 15 ألف متر مكعب من الفيول إلى البحر، أصابت ما يقارب 150 كيلومتراً من شواطئ لبنان الساحلية الرملية والصخرية، وصولاً إلى الشواطئ السورية.
-
النائب عز الدين تتسلّم لوحة من أعماق بحر لبنان من الغوّاص الجندي
والجندي كان له الباع الطولى في تخليص شاطىء لبنان من النفايات البلاستيكية التي وضعتها السفن الإسرائيلية عام 2019، ويشرح أن الحملة انتهت يومها برفع نتائجها إلى مجلس النواب اللبناني بجهود النائب عن كتلة التنمية والتحرير د. عناية عز الدين، وانتهى بتقرير موثق معزز، أرسل في معرض الشكوى على العدو لدى الأمم المتحدة، وكان يومها فادي جريصاتي وزيراً للبيئة، وجبران باسيل وزيراً للخارجية.
عام 2021 أيضاً، كان للمركز اللبناني للغوص بإشراف الجندي دورٌ هام في تخليص الشاطىء من التلوّث بسبب حفر الآبار، بالإضافة إلى حملات نظافة الشاطىء والواجهة البحرية، كذلك جهود دائمة لإزالة الشباك البحرية العالقة من قعر البحر والتي تؤذي الأسماك والمخلوقات البحرية..
وبجهود متواصلة، ينظّم غواصو المركز اللبناني للغوص حملة تنظيف الأعماق من الشِباك التالفة التي يخلّفها الصيادون ويقذف بها في البحر من أماكن بعيدة.
في الإطار نفسه، ناشد المركز، الوزارات المعنية في البيئة والنقل والأشغال وغيرها من الوزارات والجمعيات البيئية، "إيلاء قعر البحر اللبناني أهمية قصوى، وعدم الاكتفاء بنظافة الشواطئ، وصرف الاموال الطائلة على ذلك".
ولا يجب أن نغفل الجهود التي قام بها المركز والغواصون وعدد من المتطوعين بإزالة الردميات التي تطايرات من الابنية التي تعرضت للقصف إلى عمق مياه البحر، وذلك بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
حملة سنوية
ويوم الأحد الماضي قامت الحملة البيئية السنوية بتنظيف قاع بحر صور بالتوازي مع يوم نظافة الواجهة البحرية في صور.
وبرعاية وحضور رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائب الدكتورة عناية عز الدين و بالتعاون مع بلدية صور و محمية شاطئ صور الطبيعية وجمعية انماء القدرات في الريف وعدد من المؤسسات السياحية والإعلامية ، أطلق المركز اللبناني للغوص الحملة البيئية السنوية لتنظيف قاع بحر صور بالتوازي مع يوم نظافة الواجهة البحرية في صور.
وكانت بالمناسبة كلمة للنائب الدكتورة عناية عز الدين دعت فيها الوزارات المعنية إلى التوجه نحو الجنوب لملاقاة المبادرات المحلية التي تطلقها جهات أهلية وبلدية وكشفية،مؤكدة أهمية وضع خطط حكومية ذات طابع محلي تساهم في دعم هذه المبادرات.
-
من الحملة البيئية
عز الدين: المطلوب من الحكومة القيام بواجباتها كاملة تجاه الجنوب
عز الدين شددت على أن التحديات التي تواجه الجنوب تتطلب إجراءات سريعة وفعالة من قبل الوزارات المعنية، بما يساهم في التخفيف من الأزمات البيئية والاجتماعية.
كما أكدت على ضرورة إعادة الاعتبار إلى دور الدولة في الرعاية والحماية، مشيرة إلى أن رئيس مجلس النواب دولة الرئيس نبيه بري يعمل بالتنسيق مع الرئيسين جوزيف عون عون ونواف سلام من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، وتحرير الأراضي المحتلة، وإطلاق عملية إعادة الإعمار. وشددت في المقابل على أن المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة أن تقوم بواجباتها كاملة تجاه الجنوب وأهله.
وخلال كلمتها، دعت عز الدين إلى اعتماد حلول عميقة وطويلة الأمد للقضايا البيئية والوطنية، بعيدة عن الحلول الظرفية أو السطحية، وإلى مقاربات جديدة وغير تقليدية للنظر في دور السياحة بشكلٍ عام وفي مدينة صور تحديداً وربطها بأبعاد اقتصادية وزراعية وصناعية تخدم التنمية المحلية وتحريك الاقتصاد وتنشيط الأسواق في المدينة.
الجندي: نؤ تمسكنا بهذه الرسالة الهادفة.
الجندي: نتمسّك بهذه الرسالة الهادفة
كما كانت كلمة بالمناسبة للمهندس دبوق شكر فيها الجميع على جهودهم ومشاركتهم جميعاً، مؤكداً أن هذه تتمة للمبادرات التي بدأتها "مطاعم الجواد" وهي إصرار وتأكيد على حبنا لبلدنا ليكون أفضل دائماً وهي تعبير عن روح المقاومة وإرادة الناس "ويداً بيد نصل الى النتيجة المرجوة".
تلاها كلمة للجندي حيّا فيها الجميع على مشاركتهم، مشيداً بدور النائب الدكتورة عناية عز الدين الراعي الرسمي لجميع الأنشطة البيئية، وذكر بعض المحطات التي تسبب تلوث المياه ومنها ما يقوم به العدو الإسرائيلي من رمي نفايات في المياه الإقليمية، وختم بالتأكيد على التمسّك بهذه الرسالة الهادفة التي تقوم حماية وحفظ صور.
بعدها انطلق الغواصون بالمراكب للبدء بتنظيف قاع البحر .