رئاسيات فرنسا 2022: الثقافة تحضر لدى مرشحين وتغيب لدى الأغلبية

في قلب الحملات الرئاسية لا تكاد تلحظ البرامج الثقافية كخطة متكاملة بأهداف واضحة، بينما يكافح المثقفون والمؤسسات الثقافية للحصول على مساحة في برنامج هذا المرشح أو ذاك.

  • رئاسيات فرنسا 2022: الثقافة تحضر لدى مرشحين وتغيب لدى الأغلبية
    رئاسيات فرنسا 2022: الثقافة تحضر لدى مرشحين وتغيب لدى الأغلبية

إذا كانت الثقافة نادراً ما تكون في قلب الحملات الانتخابية، فإن الحرب في أوكرانيا ووباء "كورونا" قد حجباها هذه المرة تقريباً لدى بعض المرشحين، بالرغم من أنها تعتبر قطاعاً اقتصادياً قوياً، وحضرت في خطب ومقابلات عدد آخر.

ففي خضم الأزمات وتداعياتها والخوف الذي يعم فرنسا من المجهول المخيّم على أوروبا، لا يمكن تخيل مرشح في معرض تشكيلي أو أمسية شعرية أو مهرجاناً موسيقياً. فقط الوعود بدعم الثقافة ترد في مواقف وتغريدات مرشحين معينين كل لخدمة أيديولوجيته وتوجهاته السياسية.

جان مارك دومونتيه، المقرب من إيمانويل ماكرون، والمالك لعدة مسارح في فرنسا له رأي آخر: "علينا أن نرى كيف تتطور الأمور ، لكن لا يُستبعد أن يجري الرئيس المرشح جولة ثقافية في الأيام المقبلة".

في قلب الحملات الرئاسية لا تكاد تلحظ البرامج الثقافية كخطة متكاملة بأهداف واضحة، بينما يكافح المثقفون والمؤسسات الثقافية للحصول على مساحة في برنامج هذا المرشح أو ذاك أملاً في الحصول على ما يعزز النشاط الثقافي بما هو تراث فرنسي عريق.

رئيس الجمهورية، كغيره من المرشحين، يدعو الفرنسيين إلى اتخاذ تدابير حول التوظيف والقوة الشرائية والأمن، ونادراً ما تتعلق مداخلاته بمستقبل المتاحف أو تعليم الفن في المدرسة.

"في التجمعات والاجتماعات العامة، نشعر أن حرية التعبير أو مكان الفنانين والروابط الاجتماعية التي ينشئونها هي قضايا أساسية"، هذا ما تؤكده كارين رولاند، وهي مساعدة ثقافية لمرشحة الحزب الإشتراكي آن هيدالغو، وتضيف: "لكن يبدو أن وسائل الإعلام لا تدرك ذلك وتتجاهل مستقبل السياسة الثقافية أو الإبداع".

على الرغم من اللامبالاة المفترضة يؤكد كزافيه برتران من حزب "الجمهوريون" أن "الثقافة تظل موضوعاً أساسياً"يتيح لنا الحديث عن قطاع اقتصادي قوي في بلادنا، ومعالجة مسألة الهوية الفرنسية من منظور الوحدة وليس من منظور الانقسام"، ويوضح السناتور الجمهوري لوري داركوس أن "هناك مكانة مناسبة لدينا للثقافة، وبيكريس لديها تراث جيد وسجل ثقافي".

عندما نشر المرشح المتطرف أريك زيمور مقترحاته حول الثقافة كانت أكثر حضوراً لجهة الميزانية المقترحة (3 مليارات يورو)، لكن خصومه والمحللين يرون في البعد الثقافي لزيمور خطراً لأنه يختزل الثقافة بحماية الهوية الفرنسية العنصرية.

لم يخف زيمور كما مارين لوبان رغبتهما في خصخصة التلفزيون والردايو الرسميين بإعتبار أنهما يتوقعان أن يشكلا منصة لليسار أو "مقاعد أيديولوجية يسارية". الفكرة، من ناحية أخرى، جعلت اليسار يرتجف، بدءاً من المرشح اليساري جان لوك ميلونشون، الذي دعا إلى مضاعفة ميزانية الدولة للثقافة والإعلام 3 مرات (من 7 إلى 24 مليار يورو، أو 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي).

ميلونشون أعرب عن أسفه لغياب الثقافة عن المناقشات، وكتب على تويتر: "نتحدث عن الأمن والهجرة. لكننا نواجه صعوبة في طرح مواضيع أخرى. أريد أن تتألق فرنسا من خلال ثقافتها (...) البشر كائنات ثقافية". وإدراكاً منه لأهمية الثقافة يستعد ميلونشون لتقديم "كتيب الثقافة الموضوعية".

في كل الأحوال فإن ما نتج عن أزمة أوكرانيا وتداعياتها الثقافية لا سيما حملة إقتلاع الثقافة الروسية من باريس وأوروبا، أظهر كم هي الثقافة مهمة كسلاح في الصراع الدولي. وعليه تأمل مؤسسات ثقافية فرنسية زيادة حضور البعد الثقافي في حملات المرشحين من هنا إلى 10 نيسان/أبريل المقبل موعد أول دورة للإنتخابات الرئاسية.