التجربة النازية في فلسطين وتكرار التاريخ لنفسه

ما خطاب وزير مالية المستعمرة بتسلئيل سموتريتش الذي أعلن فيه عن رغبته بحرق قرية حوارة الفلسطينية، إلا كشف عن أنياب الصهيونازية التي تحكم الكيان الإسرائيلي.

  • التجربة النازية في فلسطين وتكرار التاريخ لنفسه
    التجربة النازية في فلسطين وتكرار التاريخ لنفسه

قضى هتلر منتحراً بين أحضان عشيقته ولم ينل من شخصه المنتصرون، بعد أن باءت خططه العرقية الفوقية التوسعية بالفشل، بيد أن أفكاره لم تمت معه، بل ازدادت انتشاراً واستثماراً على أيدي الحركة الصهيونية بصفتها مولوداً شرعياً للبيئة الأوروبية الاستعمارية؛ التي أنتجت للعالم فكرة التفوّق العرقي وصولاً إلى النازية ووليدتها الصهيونية. 

فالصهيونية لا تنفك، تُظهر يوماً تلو الآخر مدى تشبّعها من الفكر النازي الذي عمل على توظيف العلوم كافة لهندسة المجتمع الألماني وتنقيته من ذوي الإعاقة والغرباء؛ لتكوين أمة ألمانية خالصة كالأمة اليهودية المزعومة التي ما زالت الحركة الصهيونية تعمل على تكوينها، فكلا الأيديولوجيتين تسعيان إلى إقامة كيان "نقي عرقياً"؛ بما يمهّد لممارسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق "الغرباء" في كلا الكيانين.

يُظهر قانون العودة الصهيوني مدى التقارب لدعوة هتلر إلى "ألمانيا نقية"، حيث يعطي القانون كلّ يهودي حقاً حصرياً بالهجرة إلى فلسطين والحصول على جنسية الكيان "اليهودي النقي"، وفي هذا الكيان السادي تظهر السمات ذاتها التي اتسم بها جنود النازية أثناء ملاحقتهم للدخلاء والغرباء عن المجتمع الجرماني النقي، من اليهود وغيرهم، فلا حرمة للبيوت، ولا رحمة للعزّل، ولا إنسانية مع غير الجرماني، كما هو الحال مع من هو غير صهيوني، فتشييء الإنسان خطوة قد سبقت بناء معسكرات الإبادة، التي قضى فيها الملايين من بني الإنسان حرقاً.

وما خطاب وزير مالية المستعمرة بتسلئيل سموتريتش الذي أعلن فيه عن رغبته بحرق قرية حوارة الفلسطينية، إلا كشف عن أنياب الصهيونازية التي تحكم هذا الكيان، فالحرق مستساغ ومرغوب لدى المستعمرين الذين استمتعوا مسبقاً بحرق الطفل محمد أبو خضير وعائلة دوابشة، وترقيم البشر فنّ تتقنه أجهزة أمن المستعمر تمهيداً للقتل الجماعي المنظّم في أزقة شوارع المدن الفلسطينية.

إضافة إلى إسقاط التكتيكات التي استخدمها النازيون ضد المقاومة اليهودية في "غيتو" وارسو، على "غيتوات" اللاجئين الفلسطينيين، عدا عن إحاطة الفلسطينيين "بالكوراسيلّا" المعروفة "بالمعّاطة"، وتوجد بكثرة على الحواجز كما في السجون بعد أن جيء بها من المعسكرات النازية إلى المعسكرات الصهيونية.

واقتداء بالأم النازية، لجأ المستعمر الصهيوني إلى صناعة جماعة وظيفية كجماعة الكابو اليهودية التي تماهت مع النازيين داخل معسكرات الإبادة، حتى أضحت جلاداً ثانياً يجلد ابن جلدته؛ ليفرَّ بنفسه وعائلته وامتيازاته، بيد أن كابو الصهيونية قد أصبحت دويلة على ورق، ومعسكر إبادتها قد أصبح وطناً كاملاً يمتد على مساحة 27 ألف كم2، فيه ما فيه من الغرباء (الغوييم)، المستباحة أجسادهم، والرخيصة دماؤهم، حتى أصبحوا وجهة للتجارب العسكرية بشتى أنواعها.

إذاً فليس مستغرباً على مجتمع المستعمرة عدم اكتراثه بما يمارسه أبناؤه من سادية وإجرام يتجسّد بالحرق والتنكيل والتمثيل بالآخر، فالشعب الألماني كان يغض الطرف عن ممارسات أبنائه طالما يتعلق الأمر بالآخر، كما هو الحال في مجتمع الكيان الصهيوني الذي يحارب مظاهر التعدّي على ديمقراطية كيانه الإثنوقراطي، بينما يتجاهل تلك الدماء التي تسيل مُذ أن قام كيانه على الإبادة والتطهير العرقي. 

لذلك فلا داعي لأن تحصر كلمة "نازي" للإشارة إلى النازيين الألمان، وإنما يصلح استخدامها للإشارة إلى كلّ من يفكّر بطريقة نازية ويسلك سلوكاً نازياً، سواء أكان ألمانياً أم صهيونياً.