الحرب الناعمة أو حرب المعلومات ومواجهة التضليل والتلقين

هيَ الحربُ الناعمةُ. إجراءٌ خفيٌّ يتشكّلُ من عملياتٍ سياسيةٍ وثقافيةٍ واستخباريَّة تقومُ بها أمّةٌ ما أو جهةُ ما لإحداثِ التأثيرِ ولإجراءِ التغييراتِ المطلوبةِ في البلدِ المستهدف. على سبيلِ المثالِ يقولُ عميلٌ سابقٌ رفيعُ المستوى في الاستخباراتِ البريطانيةِ (MI6) إن استراتيجيةَ المخابراتِ السرّيةَ كانت تهدُفُ إلى بناءِ عَلاقاتٍ سرّيةٍ طويلةِ الأمدِ معَ الأشخاصِ المعقولينَ داخلَ الحركاتِ المتطرّفةِ ومِن ثـَمَّ، على مدى فترةٍ طويلةٍ، تقومُ الاستخباراتُ باستخدامِ تلك العَلاقاتِ لفصلِ المُعتدلينَ عنِ المتطرّفينَ وبالتالي "التأثيرُ على الوضعِ".

تيم أندرسون: أهمية الدعاية تزايدت الآن بسبب نوع الحرب الدائرة وقد أُطلق عليها إسم "حرب الجيل الرابع"

لعلَّ حربَ المعلوماتِ بما هي وسيلة ٌ لمكافحةِ ما يُسمَّى بالتمرّدِ أو counter-Insurgency \ COIN تقعُ في لُبِّ هذه الحربِ كما يرى الخبراءُ. وسوريا مثالٌ بارزٌ على ذلك حيث شهِدنا حرباً معلوماتيةً تُعَدُّ "جيلاً جديداً" من التطوّر، بعد تجرِبتِها في إيران في عام 2009. ومعَ تطوُّرِ استراتيجيةِ الولاياتِ المتحدةِ العسكريةِ باتجاهِ مكافحةِ ما يُسمَّى بالتمرُّد نرى اليومَ حربَ المعلوماتِ تأخذُ محوريّتها المركزيةَ في إطارِ COIN. ومعَ دمجِ تِقْنياتِ "ثورةِ الألوان" في عملِ COIN أيضاً، ربَّما ينبغي فَهْمُ حرب المعلومات بمعناها الموسَّعِ: منظمّاتِ حقوقِ الإنسانِ بالوكالةِ، واختيار ِالمساعداتِ الإنسانيةِ وبناءِ الديمقراطيةِ في عُمُقِ أهدافِ COIN؛ و زرعِ المجتمعاتِ المستهدفةِ بأحزابٍ سياسيةٍ ذاتِ توجُهٍ نحوَ حقوقِ الإنسان.

وفي سياقٍ متّصلٍ أعدَّتِ الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ برامجَ حاسوبية تقومُ بنشرٍ مكثّفٍ لمُنشئينَ كاذبينَ للتعليق ِعبرَ العديد ِمن المِنصّاتِ والهدفُ بحسَبِ المتابعينَ الخبراءِ هو التلاعبُ  بعواطف الناس.

البروفيسور الأسترالي "تيم أندرسون" المحاضرُ في الِاقتصادِ السياسي في جامعةِ سيدني التي أعفته من منصبه مؤخراً كمحاضر من الفئة الأولى بعد أن عمل في هذه الجامعة لأكثر من 20 سنة وذلك بسبب انتقاده للحرب الدعائية ضدّ سوريا والعراق وفلسطين, ومؤلّفُ كتابِ "مُجابهةُ بروباغندا الحربِ القذرةِ على سوريا" الذي نُشِرَ عامَ 2017 يُحدّثـُنا عن الحروبِ الدعائيةِ أو الحروبِ المعلوماتيةِ وسياقِ استخدامِ هذا المُصطلحِ وماذا عن سبلِ تحدِّي الأكاذيبِ وقولِ الحقيقةِ وكيف؟

" أعتقد أن أهمية الدعاية تزايدت الآن بسبب نوع الحرب الدائرة وقد أُطلق عليها إسم "حرب الجيل الرابع" وهي ترتكز بشكل أكبر على التلاعب النفسي والقوات غير النظامية النوع القديم من الحرب الذي يتواجه فيه جيشان قد جرى تهميشه في الحروب الأخيرة وأصبحت تُستخدم في الحروب الجيوش بالوكالة والمجموعات الإرهابية والحملات الدعائية وما شابه الهجمات العرضية والدعم العرضي من الحُلفاء الكبار لكن من دون مواجهةٍ مُباشرة ما بين جيوش رئيسية. لهذا السبب يقولون إن مراحل الحرب هي حرب الخنادق ولديك جيشان مُتصارعان ومن ثم تنتقلين إلى القوى غير النظامية والدعاية".

علينا أن نتجاوب مع بيئاتنا، إن كان هناك نقاش عام جارٍ علينا أن ننخرط بأسلوب استجابةٍ ما وهذا يعني أننا في حال وجود تلاعبات، ووجدنا أدلّة تثبت وجود تلاعبات، فإن علينا تقديمها لكن المُشكلة مع الدعاية هي أنها عمليةٌ مُستمرةٌ بشكل يومي وإن استجبنا ببساطة طوال الوقت بشكل دفاعي جداً للأكاذيب التي تُنشر عن حرب بعينها فأين هي المساحة لقول الحقيقة حول تاريخ ما يجري؟

الكاتب البريطاني "جوناثان ستيل"  في صحيفة "الغارديان" كتب مؤخّراً، "إن كان إنهاء الحرب في سوريا يعني تقبّل كون الأسد وروسيا قد انتصرا، فليكن!" هو عنوان مقالته حيث يؤكّد: "أن بريطانيا وفرنسا والولايات المُتحدة إلى جانب الملكيات الخليجية العربية كانوا متورّطين بشكل وثيق في الحرب الأهلية السورية مُنذ عسكرة الانتفاضة ضد الأسد في عام 2012 لقد ساعدوا وموّلوا الجماعات المُتمرّدة المُسلحة، بمن فيهم المُتطرّفون الجهاديون مُطالبين بوقف إطلاق النار كأداة لمُساعدة المُتمرّدين عوضاً عن المدنيين الذين يحكمونهم غالباً بطريقة وحشية". وأضاف ستيل "أن في إدلب توجد مجموعة "الخوذ البيضاء" الذين لا يزالون مُدرجين على جدول رواتب البريطانيين والفرنسيين والولايات المُتحدة الأميركية".

وعلى غرار ذلك يرى الأستاذ أندرسون أن الـ"بي بي سي" قبل 4 سنوات في عام 2014 قدّمت برنامجاً إذاعياً لمدّة ساعة قائلاً، "هل ندعم بالفعل القاعدة في سوريا؟"

وقد كانت تلك لحظة من الواقعية هناك لكن الأمر لم يستغرقهم طويلاً لإعادة التمسّك بأسطورتهم الرئيسية القائلة بأن أولئك ثوار وما زال يُشار إليهم هكذا، وإنها حرب أهلية ونظام وحشي وبأن الأسد راحل لا محالة، جرى استخدام لغة التنبؤ بالقول إن النظام سيسقط قبل سنوات عدّة مضت وأن تلك الكليشيهات التي ابتدعوها.

في وقت مُبكر من الصراع صامدة ولا تتلاشى بسهولة كبيرة، ولهذا السبب يعتقد أندرسون أنه حاول في السنوات الأخيرة التحدّث عن الأمر بطريقةٍ مُختلفة من دون استخدام المُصطلحات التي يستخدمونها إذ لاحظ أن التلفاز الروسي مثلاً قد تبنّى الكثير من تلك المُصطلحات "الحرب الأهلية" و"الثوار" إلخ... لأنهم يُريدون التوجّه إلى جمهور الولايات المُتحدة واعتقدوا أنه لن يستمع إليهم إن لم يستخدموا تلك المصطلحات، بيد أن تيم أندرسون متأكّد أن الأمر مُختلف وعلينا تقديم مُصطلحات أصيلة وحقيقية والتي تصف ما يحدث الآن ومن دون تحيّز.

 

 

ما هو الهدف النهائي لدعاية العدو اليوم؟

ترزح مُعظم هذه المنطقة تحت الحصار والاعتداء الإقتصادي سواء كانت عقوبات أم حصارات فعلية كما الحال في اليمن وفلسطين وإيران، لذا يشير المراقبون إلى أنه مشروع استعماري لأنه يحوي كُل ملامح المشروع الاستعماري مع بعض من اللغة الجديدة وأساليب خطاب جديدة، لأن الولايات المُتحدة بعكس الأوروبيين لم تعترف أبداً بأنها قوّة إمبريالية أو استعمارية حتى عندما تشتري الأمم فإنهم لا يعترفون أبداً بأنهم قوّة استعمارية. إنه مشروع استعماري وعدوان استعماري ضد تلك الدول، لكنه أيضاً حرب ثقافية. "الناتو الثقافي" والاجتياح الثقافي والهجوم الثقافي المُفاجئ. ما هي هذه التعابير؟ و ما المقصود منها في الصراعات الحالية؟ هناك عقيدةٌ عسكرية في الولايات المُتحدة المُسمّاة "الهيمنة الكاملة على الطيف" حيث أنهم لا يُريدون ببساطة بسط هيمنتهم العسكرية على المناطق التي يُريدون السيطرة عليها بل يُريدون السيطرة عليها اقتصادياً وثقافياً وإيديولوجياً عبر الإعلام، بالتالي لدينا وسائل إعلام استعمارية تُحافظ على الأساطير الأساسية للمشروع الاستعماري مدعومة بعدد من المنظمات غير الحكومية المدفوع لها التي جرى ابتكارها خصيصاً لتحقيق هدف المشروع الاستعماري، أو جرى استقطابها نحو هذا المشروع الاستعماري لذا وبحسب المتابعين فإن لدينا حركة ثقافية قوية جداً هدفها الأول هو إضعاف معنويات المقاومة. ثانياً، إضعاف عزيمة المقاومة المُعارضة للحرب ضمن القوى الاستعمارية.

 

 

قوّة الدعاية والتكرار تؤثّران في الناس كثيراً وتؤدّيان إلى تضليلهم

يَطرَحُ مُراقبونَ أكثرَ من سؤالٍ في ما يتعلَّقُ بمُجابهةِ بروباغندا الحرب: ما هي القيمةُ، إن وُجِدتْ، في الجدلِ معَ سَرْديّةٍ مُهيمِنةٍ؟ هلْ في الإمكانِ تقويضُ سرديةٍ كهذهِ من خلالِ اِستخدام ٍمُختلفٍ للغةِ ومن خلالِ فضْحِ افتراضاتِها؟ الأحزابُ السياسيةُ الغربية ُ تُخزّنُ الكثيرَ من وَحْداتِ الردِّ السريعِ المكلفةِ إنشاءَ سرديَّاتٍ هُجوميةٍ. الغاراتُ الخاطفةُ التي تعتمدُها إسرائيل في هجومِها على رسائلِ البريدِ الإلكتروني تهدُفُ إلى بناءِ سرديةٍ إضافة إلى تهميشِ وعزلِ نُقّادٍ. واليومَ وبشكلٍ مُتزايدٍ فإنَّ الكثيرَ من مراكزِ الأبحاثِ الغربيةِ تمنحُ لمَعاناً سياسياً لهذه العمليةِ. ولكن كيف يُمكننا مواجهةُ هذه القُوى؟ وكيف هو السبيلُ الأمثلُ لتسخيرِ كُلِّ أشكالِ وسائلِ الإعلامِ البديلةِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعي والتقاريرِ السياسيةِ إلى هذا المآل؟

لعلَّ اليومَ أكثرَ من قبل يتِمُ تخصيصُ أموالٍ ضخمةٍ للهجومِ الدعائيِّ ومنشؤها في الغالب من عواصمَ غربيةٍ مثلِ لُندن وواشنطن كما يرى مراقبون. حيث تم تخصيصُ ملايينِ الجنيهاتِ والدولاراتِ وإنفاقُها بشكلٍ رسميٍ وصريح، من أجل "مواجهةِ" أصواتِ شعوبِ روسيا والصين والعالمِ العربي وإيران وأميركا اللاتينية، أصواتٌ باتت تصل أخيراً إلى "الآخرين" في "الجنوبِ العالمي". ويكشف الخبراءُ في الأوساطِ الإعلاميةِ أنّ الغربَ يعرف كيف يذبَحُ الملايينَ، وكيف يتلاعبُ بالجماهيرِ. وحمَلاتُهُ الدعائيةُ كانت وما زالت دائماً شرسةً إذا كان منشَؤُها في الولايات المتحدة، أو لعلّها تنفَّذُ ببراعةٍ مكيافيلية وبفعاليةٍ حادةّ عندما تنطلقُ من المملكة المتحدة.

أندره فيلتشيك الكاتبُ والروائيُ الروسي هو باحثٌ يجولُ ويوثّقُ ما يجري في العالم ويعبّرُ عن ذلكَ من خلالِ أفكارِه السياسيةِ، هو شخصٌ قرَّرَ المشاركةَ واتخاذَ الخطواتِ العمليةِ والانضمامَ إلى النضالِ ضِدَ الإمبرياليةِ الغربيةِ والاستعمارِ الجديدِ في جميعِ مظاهرِهِ وتجلياتِهِ، فما هي أفكارُهُ حول الحملةِ المستمرةِ ضِدَ وسائلِ الإعلامِ المستقلّةِ والبديلة:

"أعتقد أن ما نختبره أو ما نشهده الآن هو فعلياً الخوف، يكاد يكون خوفاً غير عقلاني تُعاني منه وتشعر به مؤسّسة الدعاية الغربية لأن وسائل الإعلام مثل "الميادين" وهناك أيضاً "آر تي" و"سي جي تي إن" و"تيليسور" و"بريس تي في" تكتسب الجماهيرية والناس يتحوّلون من وسائل التلقين الإعلامية التقليدية مثل الـ"بي بي سي" والـ"سي إن إن" وغيرهما من المصادر نحو ما يُسمّى وسائل الإعلام المُستقلة التي لن تعود بعد الآن مُهمّشة، فهي هائلة فعلياً. والهجومات عليها هائلة، فهي أيديولوجية ولكنها أيضاً هجومات إلكترونية وهجومات ثقافية، بالرغم من ذلك فإننا ما زلنا نكتسب الأرضية والمُشاهدين والقُرّاء، هذا لأنه رُبما وحتى في الغرب لن يصدّق الناس بعد الآن ما يُقال لهم عن العالم عبر الشركات الإعلامية والفارق ما بين العالم العربي مثلاً والغرب هو أن الناس في العالم العربي لا يُصدّقونه ولم يُصدّقوه في السابق أبداً لكن لم يكن لديهم خيار آخر لأنه لم يكن لديهم "الميادين"، ولم تكن لديهم صحيفة "الأخبار" ولم تكن لديهم "بريس تي في" في الجوار بينما في الغرب كانوا يُصدّقون كُل شيء، لكن الغرب جُزءٌ من العالم المُلقنُ جداً والمتعصّب جداً".

أندره فلتشيك الصِحافيُّ الثائر يشرح مدى قوةِ تأثيرِ الأدواتِ الغربيةِ الإعلاميةِ في التلقينِ والتضليلِ وفعاليةِ حمَلاتِها الدعائية:

"هائلة جداً، أُنظري إلى ماهية كُل الصُحُف في أميركا اللاتينية وفي أفريقيا وفي جنوب شرق آسيا، أُنظري إلى القسم الأجنبي من تلك الصُحُف كُلها مُستقاة من "رويترز" و"إي إف بي" و"إي بي"، ليس هناك مُراسلون من تلك البُلدان لا وجود لوكالات من روسيا أو الصين أو من أميركا اللاتينية نفسها، لذا بشكل أساسي فإن هناك وابلاً مُستمراً ودورة مُستمرة للسردية نفسها السردية ليست جديدة إنها موجودة مُنذ 500 إلى 600 سنة، إنها سردية استعمارية استخدمتها المملكة المُتحدة وإسبانيا وفرنسا لتبرير نهب مُستعمراتها. البريطانيون هم الأفضل في هذا المجال، أعني مُقارنةً بهم فإن الوكالات والصُحُف الأميركية لهي بدائية وسوقية وخاصة محطّات التلفزة. البريطانيون يضعون الدعاية في كُل مكان على الإطلاق لا يضعونها فقط في الـ"بي بي سي" أو في صُحفهم ومجلاتهم أعني حتى في متاحفهم فإن هناك مُقدّمة لكُل شيء".

وفي سياق متصل وعن الأزمة في سوريا لعلّ البروفيسور الإسباني من أصول سورية بابلو صبّاغ الباحثُ في جامعةِ كمبلوتنسي في مدينةِ مدريد والمُحاضرُ في التاريخِ والعلاقاتِ الدَوليةِ والصِحافةِ الحربيةِ والدعائيَّةِ ومؤلّف كتاب "سوريا في المنظور" يقول:

"بشكل عام فإن وسائل الإعلام الغربية وبعض وسائل الإعلام العربية أيضاً والأوساط الأكاديمية قد ركّزت على الأزمة السورية في كونها أزمةً طائفية، بيد أن وجهة نظري مُختلفة تماماً. إنني أُسلّط الضوء على كونها مُشكلة غير طائفية، المُجتمع السوري هو مُجتمع مُتعدّد الأديان ولطالما كان كذلك وهو مفهوم يصعُبُ فهمه إلى حدٍ بعيد في العالم الغربي، إنهم لا يفهمونه لأنهم لم يحظوا أبداً بمُجتمعات كهذه. كما في سوريا وفي لبنان وفي مناطق أُخرى من المنطقة ككل في الغرب يدّعون أن المُجتمعات مُقسّمة إلى أغلبيات وأقليات وما يُطلقون عليه تسمية "الأقليات" من مُنطلق كميّ وحسب يجب أن تنصاع لرغبات "الأغلبيات" الأمور لا تسير على هذا النحو إنهم يضعون جانباً كُل التشابكات الاجتماعية ما بين المجموعات المُختلفة، تلك كانت مسألة مُهمة جداً، حيث إنني أردت الابتعاد عن تلك الفكرة الطائفية". ويضيف الأستاذ صباغ:

"المسألة الثانية، من وجهة نظري هي أن ما حدث في سوريا لم يكن حرباً أهلية كما ادّعى الإعلام عند الحديث عنها في محاولتهم لرسم أوجه تشابه مع الحرب الأهلية الإسبانية تماماً، وليس لدينا أيّ ظرف واحد في سوريا شبيه بما حدث في إسبانيا من عام 1936 حتى 1939، عندما نتحدّث عن حرب أهلية فإننا نحتاج إلى حكومتين على نحو لائق لا إلى حكومة مُفترضة أو خارج منطقة البلاد، لا! لحكومتين حقيقيتين لديهما جيشان حقيقيان مع إدارة حقيقية توفّر الخدمات للناس".

أما عن تقييمه للحرب الدعائية والتغطية الإعلامية والمُقاربة في ما يتعلّق بالصراع في سوريا، فبحسب البروفيسور بابلو صبّاغ أن المجموعات التي انتفضت في وجه الحكومة السورية كانت أنواعاً مُختلفة من المجموعات في عام 2011 والتي لا يُمكننا جمعها في سلةٍ واحدة. كان هناك الكثير من المجموعات التي لم تمتلك برامج عُنفية لكن وجهة نظره هي أن تلك المجموعات كانت ضعيفة من ناحية التنظيم واختُطفت من قِبل المجموعات القوية التي كان لديها بالفعل برامج عُنفية دموية، وكانت ذكية جداً باستخدامها للدعاية في البداية لأنها ركّزت على الدعاية للعالم الخارجي وفعلوا كُل ذلك ضمن إطار ما يسمّى "الربيع العربي"، بالتالي فقد التقطوا الزخم وفي الوقت المُناسب حشدوا المُجتمع المدني في بُلدان أُخرى والذي لم يعرف أي شيء عن سوريا ولم يفهمها جيداً، لكن ذلك كان إنجازاً في التقييم التقني للدعاية بحسب صبّاغ حيث استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي وركّزوا كُل المُشكلات في شخص واحد، وهو الرئيس السوري وهذه تقنية دعائية معروفةٌ تماماً عندما يكون لديكِ وضعٌ مُعقّد أو مُشكلة مُعقّدة مثل الحال السورية، فإنك تختزل كُل ذلك التعقيد في شخص واحد وفي تلك الحال فإن من السهولة بمكان حشد الرأي العام. ولكن في الوقت عينه عندما نتحدّث عن الدعاية فإن هذا النوع من الدعاية جيّد على المدى القصير.

"كانت سوريا تواجه عدواناً دولياً عالمياً كانت تتفاعل مع قوى ذات هيمنة من المنطقة ومن الخارج، حيث لا يُمكنك منافسة الصناعة الإعلامية الكبيرة المدعومة من حكومات دول قويةٍ جداً، بالتالي قرّرت الحكومة السورية تركيز جهودها أكثر على الدعاية الداخلية عوضاً عن الخارجية، لقد عرفوا أن من الصعوبة بمكان في ظلّ أزمةٍ كهذه أن يشرحوا للعالم الخارجي كُل تعقيدات المُجتمع المُتعدّد الاعتقادات والديانات والإثنيات في منطقةٍ حساسةٍ جداً من العالم، بالتالي قرّروا التركيز على نقل رسالة داخلية والرسالة كانت جيّدةً جداً، بينما كانت الدعاية الخارجية تقول إن كُل الحرب كانت خطأ الرئيس السوري بشّار الأسد، فإنهم لم يتحدّثوا عن بشّار الأسد الحكومة تحدّثت عن وحدة الشعب السوري وشدّدت على رسالة تعدّدية المُعتقدات والطوائف، وشدّدت على أن مَن يدعم هذا الأسلوب من الحياة في سوريا وهذا النوع من المُجتمع كان الدولة، وأن الدولة كانت مُمثلةً بالجيش بشكل رئيس".

لمن يريد أن يعرف أكثر تابعونا #من_الداخل

@ZeinabSaffar

@menaldakhil

Keywords: Tim Anderson, Pablo Sapag, AndreVltchek, War Propaganda, COIN, soft war, Disinformation, Misinformation,