يثير جدلاً وغضباً في الأردن.. ما قصة مهرجان جرش مع غزة؟
جدل وغضب في الأردن. هل تُقِيم وزارة الثقافة الأردنية مهرجان جرش للثقافة والفنون، أم تلغيه، بسبب العدوان على غزة؟
حتى الآن، لم تتخذ الجهات المعنية في الأردن قراراً نهائياً يتعلق بإقامة مهرجان جرش للثقافة والفنون، أو عدمها، أو حتى إقامته بصورة غير تقليدية، إلا أن تلميح وزيرة الثقافة، هيفاء النجار، إلى الموعد المقرر لبدء فعاليات المهرجان، كان كفيلاً بإثارة موجة متواصلة من الانتقادات والرفض منذ أيام .
وعلى رغم أن النجار عادت وتراجعت عن تحديد موعد انطلاق المهرجان، فإن حالة الغضب من فكرة إقامته، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، لم تتوقف، وهي آخذة في التصاعد، شعبياً وثقافياً، في الأردن.
وقالت النجار، في بيان، إن "إقامة مهرجان جرش لا يُعَدّ أولوية نتيجة للأوضاع المأسَوية التي يمر فيها الشعب الفلسطيني"، بعد أن كانت حددت تاريخ الـ24 من تموز/يوليو الجاري موعداً لانطلاق فعاليات الدورة الــ 38 من المهرجان السنوي.
المهرجان قائم على رغم الرفض
وفي الوقت الذي رفضت وزارة الثقافة الأردنية الإدلاء بأي تصريح، على رغم محاولات "الميادين الثقافية" المتكررة معرفة توجه الوزارة فيما يخص إقامة المهرجان، أو عدمها، كشفت مصادر مقربة من إدارة المهرجان، الذي ترأس هيفاء النجار لجنته العليا، أن قرار إقامة المهرجان تم اتخاذه فعلاً في الموعد المقرر، و"العمل يجري حالياً على قدم وساق داخل الوزارة على تهيئة موقع المهرجان في محافظة جرش، شمالي العاصمة عمّان".
مصادر "الميادين الثقافية" أكدت أيضاً أن الوزارة دعت عدداً من الفنانين العرب إلى إحياء ليالي المهرجان، وبينهم المطرب العراقي ماجد المهندس، والمغنية السورية أصالة نصري، والمغني المصري أحمد سعد.
وتوقف مهرجان جرش عدة مرات، منذ انطلاقه للمرة الأولى، عام 1981، وجاء التوقف الأول عام 1982 وتلاه عام 2006 بسبب العدوان والاجتياح الإسرائيليين للبنان، وفي العام 2008 توقف مجدداً بعد الاستعاضة منه بـ"مهرجان الأردن" الذي شمل حينها مدناً متعددة، منها جرش، لكن سرعان ما استعاد اسمه عام 2011.
وفي عام 2020 أجبرت جائحة "كورونا" السلطات الأردنية على إلغاء المهرجان الفني والثقافي الأشهر في البلاد، خوفاً من التداعيات الصحية على الجمهور، قبل أن يعود في العام التالي ضمن ضوابط وشروط صحية صارمة.
مطالبات بتغيير شكل المهرجان
بعد حديث النجار وتراجعها، صدر عدد من بيانات الرفض ومنشورات الاستنكار والاستهجان، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأكد الكثيرون أن التراجع ليس سوى محاولة لامتصاص غضب الشارع، كما يقول الشاب محمد سمارين، لافتاً إلى أن تصريح النجار لا يعني إلغاء دورة المهرجان هذا العام، "لأنها قالت إنه ليس أولوية، وهذا يعني أنه ربما تتغير الأولويات ويصبح المهرجان أولوية في الأيام المقبلة".
ورأى سمارين أن الأجدى بوزارة الثقافة الأردنية عدم طرح فكرة إقامة مهرجان غنائي في وقت "يُذبح الفلسطينيون بدم بارد"، وخصوصاً أن الأردن يُعَدّ الأكثر قرباً من الشعب الفلسطيني، ويتأثر سلباً أو إيجاباً بما يحدث فيه.
وأضاف الشاب الأردني أن "من غير المقبول إدارة الوزارة ظهرها لآلاف الأردنيين الذين يخرجون بصورة شبه يومية في مسيرات ووقفات احتجاجية أو تضامنية، وإقامة فعاليات فنية من المفترض أنها تهدف إلى الفرح والسرور".
في مقابل الموقف الشعبي، أثار طرح فكرة إقامة المهرجان جدلاً كبيراً داخل الوسطين الفني والثقافي، وجاء على شكل بيان موقع من عشرات الكتاب والفنانين، وفي مقدمتهم رئيس "رابطة الكتاب الأردنيين"، موفق محادين، تطالب وزارة الثقافة والنجار بــ "اتخاذ موقف ثابت وواضح لا يحتمل التأويل، فيما يتعلق بإلغاء نسخة هذا العام".
وأكد المحادين، في حديث خاص بـ"الميادين الثقافية"، أن أعضاء الرابطة، الذين يبلغ عددهم أكثر من 1000 كاتب وروائي، سيمتنعون عن المشاركة في المهرجان إذا أصرت وزارة الثقافة على إقامته بالصورة التقليدية، أو تحت شعار "ويستمر الفرح"، مطالباً بتحويل المهرجان، في دورته الحالية، إلى "حفل ثقافي تضامني مع الشعب الفلسطيني، ورفضاً لـ"حرب الإبادة التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي".
ووصف محادين إقامة مهرجان جرش، هذا العام، في شكله التقليدي، بأنه "يخالف التوجه الرسمي للأردن، والموقف الشعبي، من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية، فالشعبان الأردني والفلسطيني لطالما كانت قضاياهم المصيرية واحدة".
واقترح رئيس "رابطة الكتاب الأردنيين" أن يدعو المهرجان مجموعة من الفنانين العرب، المعروفين بتوجههم الغنائي الثوري المناصر للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن الأفضل هو تحويل فعاليات المهرجان برمته إلى فعاليات ثقافية وفنية تحكي قصة فلسطين في نكباتها ونكساتها، و"تقلب صفحات إجرام إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ عشرات العقود، حتى ما نراه اليوم من مجازر في قطاع غزة".