قدري - عبد القادر - قويدر - قدورة

القادِرُ من أسماء الله الحُسنى، وهو القادر على ما يشاء، لا يعجزه شيء ولا يفوته مطلوب.

وقَدْري بِحَيثُ المَرْءِ يُغبَطُ دونهُ
سُمُوّاً ولكنْ فَوقَ قَدْرِكَ غِبطَتي
وكلُّ الوَرى أبناءُ آدَمَ غَيرَ أنّي 
حُزتُ صَحوَ الجَمعِ مِن بَينِ أُخوَتي

هذان البيتان من القصيدة التائيّة المعروفة بنظم السلوك لابن الفارض، أحد أشهر الشعراء المتصوّفين، ومطلعُها:

سقَتني حُمَيّا الحُبّ راحةُ مُقلتي 
وكأسي مُحَيّا مَن عنِ الحُسنِ جَلّتِ
فأوهَمتُ صَحبي أنّ شُربَ شرابِهم
بهِ سُرَّ سِرّي في انتِشائي بِنَظرَةِ 

ولِد ابن الفارض (1181 - 1235)، واسمه عُمر بن عليّ بن مرشد، بمصر لأب قدم من حماة بالشام وكان فقيهاً ميالاً إلى الزهد، وتولّى كتابة الفروض للنساء على الرجال، وأصحاب الفروض هم الورثة أصحاب الأنصبة المقدّرة. ولذلك لُقّب عُمر بابن الفارَض نسبة إلى اختصاص والده. نشأ عمر في بيئة علمية ولما شبّ اشتغل بالفقه الشافعي
ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد. سافر إلى مكة المكرّمة واعتزل في واد بعيد عنها حيث أمضى 15 سنة في عزلة، ونظم معظم أشعاره في الحب الإلهي. ثم عاد إلى مصر حيث أقبل عليه الناس وصار له أتباع إلى أن وافته المنية فدفن بجوار جبل المقطّم.

في البيتين أعلاه يشير الشاعر إلى قَدْره، أي قيمته وشرفه وعلوّ مكانته واغتباطه بهذه المنزلة وأن الناس جميعهم أبناء آدم وهم متساوون، إلا أنه حاز اليقظة والوعي دون سائرهم، وذلك بعبارة ذات دلالة خاصة عند المتصوّفة.
وقَدْرُ الرجلِ: شرفه وعظمته ومكانته وشأنه ومروءته وعزّته. ورجل كبير القَدْر: شريف، مبجّل، معظّم، مُكرّم، جليل الخطر، عظيم الشأن. من ذلك قول المتنبي (915 - 965):

على قَدْر أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المكارِمُ

ويشكو أبو المظفّر الأبيوردي (1067 - 1113) أهلَ زمانه وأنهم لم يقدّروه حقّ قَدْره فيقول:

لم يعرفِ الدهرُ قدري حينَ ضَيّعني
وكيفَ يَعرِفُ قَدْرَ اللؤلؤِ الصدفُ

واشتُقّ من القًدْرِ اسم العلم المذكّر قَدْري، وهو في الأصل قدريّ مضافاً إلى ياء النسبة المشدّدة، لكنها تُخفّف في النطق، مؤنثه قَدرِيّة. والقَدْرُ لغةً: القضاء والحُكم ومبلغ الشيء والطاقة والقوّة. ويُطلَق القَدْرُ على ما يحكم به الله من القضاء على عباده، وعلى تعلُّق الإرادة بالأشياء في أوقاتها.

وليلةُ القًدْرِ أفضلُ الليالي وفيها أنزِل القرآن الكريم وفيه سورة القَدْرِ: "إنّا أنزلناهُ في ليلةِ القَدْرِ،وما أدراكَ ما ليلةُ القَدْرِ، ليلةُ القَدْرِ خَيرٌ مِن ألفِ شَهرٍ..."، قيل سُمّيت ليلة القدْر من القَدْر وهو الشرف. وقيل: سمّيت بذلك لأن الله يقدر ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القابلة من أمر الحياة والموت والرزق وغيره ذلك. 

وقَدْرُ الشيءِ ومِقدارُه: مبلغه ونهايته. وقَدَر اللهُ الأمرَ: قضى وحكم به، وجعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة. والقَدْرُ هو كون الشيء مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نُقصان. وقَدَرتَ الشيءَ بالشيءِ: إذا قِسته به وجعلته على مقداره. ويأتي القَدْرُ بمعنى التقدير وهو بيان كمّية الشيء. وعليه قول ابن رشيق القَيرواني (999 - 1064):

قَدْرُ المُدامةِ فوقَ قدرِ الماءِ
فارغَبْ بِكأسِكَ عن سِوى الأكفاءِ

والقادر: ذو القُدرة، والقوي، والمتمكّن من الفعل بلا واسطة. واسم الفاعل من قَدَرَ، وقَدِرَ، على الشيء يقدُر، ويقدِر، قَدَراً وقَدْراً، فهو قادر والمفعول مقدور. قال الشريف الرضِيّ (970 - 1015) يحث على قتال العدوّ وأن إيقاع القادر العقوبةَ بالمذنب أفضل من الصفح عنه: 

لن تظفروا بِالعِزّ حتّى تصبغوا
ثوبَ المعالي بالنجيعِ المائرِ
لا تُخدَعنَّ فما عقوبةُ قادرٍ 
إلّا بِأحسنَ مِن تجاوُزِ قادرِ

وفي باب الغزل يقول البهاء زُهَير (1186 - 1258):

غيري على السُّلوانِ قادِرْ
وسِوايَ في العُشّاقِ غادِرْ
لي في الغرامِ سريرةٌ
واللهُ أعلمُ بِالسرائرْ

والقادِرُ من أسماء الله الحُسنى، وهو القادر على ما يشاء، لا يعجزه شيء ولا يفوته مطلوب. أما القادر من الناس فإن قُدرته مستعارة وهي عنده وديعة من الله. وعبد القادر اسم مركّب بالإضافة. والقدير من الأسماء الحسنى مبالغة القادر. وعليه قول محي الدين بن عربي (1165 - 1240):

ومَن يُنشئُ الأكوانَ بَدءاً و عَودةً
فذاكَ قديرٌ  والقديرُ هو اللهُ

ومن الأسماء المشتقة من القدرة: قُوَيدر، تصغير قادر. وقدّورة. وعُرف باسم عبد القادر عدد من المشاهير منهم الأمير عبد القادر الجزائري (1808 - 1883) الذي حارب المستعمر الفرنسي وانتهى منفياً في دمشق. 

والقادرية طريقة صوفية تُنسب إلى عبد القادر الجيلاني (1078 - 1166) وهو القائل:

أنا قادِريُّ الوقتِ عبدٌ لِقادرٍ
أُكَنّى بِمُحيِ الدين  والأصلُ جيلاني