ربما إلى الأبد
ضحكة قصيرة تتدفق من فمي إلى الداخل. تنزلق الدموع من عيني. قلبي يغرق.
الحياة تهتز وترتد! أتساءل عما إذا كنت سأقول عودي أم لا! أستطيع أن أرى لمحات من بداية حديثنا، بعد أن مرت سنوات طويلة:
"الشيب يملأ لحيتك، جميل". قالت ذلك وقد احمرت وجنتاها. شعرت بأنها أزهرت.
و"أنت هيّ هيّ لم تتغيري كثيراً"
"إشرب معي القهوة"
"لم لا". أجبتها وأنا مفتون في سيمفونية عينيها، سيمفونية كنت فيها أيضاً آلة موسيقية.
مر كل شيء بسرعة. نتفق، ونتصافح، ونكرر الجلسات، فنعود سوياً. نتجاهل الماضي وكل شيء نضعه في الخلف.
رأيت غرفتنا، ثوبها الحريري النازل عند طرف السرير، قميصي وسروالي في كومة الملابس بجانب النافذة، كما لو كنا ننغمس في بعضنا مثل أول مرة.
لدينا طفل وطفلة، الأول بعمر ثلاث سنوات، والثانية رائعة كأمها بعمر سنة واحدة. كانا خائفين!
أعتقد أننا كنا نتجادل مرة أخرى عن المنزل؟ نتجادل عن أشياء كثيرة كما لو أن السماء أطبقت على الأرض. هل سيكون الأمر معقداً إلى هذا الحد؟ هل ستراني كما لو كنت آذيتها من قبل؟
أستطيع أن أرى أن الانتظار قد انتهى اليوم، ذهبت نحوها مسروراً. كانت جالسة خلف طاولة في المقهى الذي اعتادت أن ترتاده، لم أكن أريد قطع لحظاتها مع الفنجان. تحب اقتناء الأكواب والفناجين كثيراً.
عدة أفكار تدور في عقلي، وكل ذرة من ذراتي الهشة تصرخ بقلق، بتردد. وكل خطوة أسير إليها أبدأ بالتوتر، توقفت، وضعت يدي في جيبي، عدت خطوتين وتراجعت، من دون أن أنظر إلى أي شيء، ثم عدت إلى مكاني، في الطاولة المعاكسة.
ربما كانت الاحتمالات أكثر تأكيداً من الحقيقة، مثل إشارة من السماء. ربما كانت العتمة التي تخاف الضوء أفضل من الضوء نفسه. ربما كان التردد ثابتاً أكثر من الهدوء.
رأيت أن الذنب يتسرب إلى أحشائي. هل يمكن أن أفعل شيئاً؟
ضحكة قصيرة تتدفق من فمي إلى الداخل. تنزلق الدموع من عيني. قلبي يغرق.
ما تبقى هو الأمل، الذي لا أريد أن أخسره، ولذا أنتظر، أما هي فكانت تنتظر أيضاً. ربما إلى الأبد.