جمال حمدان .. مفكر "عبقرية المكان"
يقول حمدان: إن مصر فقدت ربع وزنها وثقلها ودورها ومجدها سنة 1948 بقيام "إسرائيل". وفقدت نصف وزنها بهزيمة 1967، ثم فقدت وزنها كله في كامب دايفيد.
تجاوز جمال حمدان النظرة التقليدية إلى الجغرافيا ونجح في جعلها مدخلاً إلى التفكير الاستراتيجي التاريخي والأنثروبولوجي والحضاري والسياسي.
ولد حمدان في قرية تاي بمحافظة القليوبية عام 1928. درس الجغرافيا في جامعة القاهرة، تخرج منها عام 1947. أرسلته الجامعة في بعثة إلى جامعة ريدنج البريطانية عام 1949، حيث حصل على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا عام 1953.
عين بعد عودته، مدرساً في جامعة القاهرة بقسم الجغرافيا، لكنه استقال عام 1963 احتجاجاً على الظلم الذي لحق به.
تفرغ حمدان للبحث العلمي، حيث قدم 79 بحثاً ومقالة و29 مؤلفاً أبرزها: "المدينة العربية"، "الاستعمار والتحرير في العالم العربي"، "اليهود أنثروبولوجيا". في الكتاب الأخير، يثبت حمدان أن يهود "إسرائيل" ليسوا أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين، بل هم في معظمهم ينتمون إلى أقوام الخزر الذين اعتنقوا اليهودية في القرن الثامن الميلادي.
أهم مؤلفاته هو "شخصية مصر" الذي سعى فيه إلى اكتشاف عبقرية المكان وفلسفته. يقول حمدان إن مصر فرعونية بالجد عربية بالأب، وإن شخصيتها ليست إلا جزءاً من شخصية الوطن العربي الكبير.
سئل محمد حسنين هيكل: هل أنت مفكر ثورة تموز/ يوليو 1952؟ فأجاب: جمال حمدان هو مفكر ثورة يوليو.
كان حمدان ذا رؤية استشرافية فقد توقع في كتابه "إستراتيجية الاستعمار والتحرير" عام 1968 انهيار الاتحاد السوفياتي.
قد يكون حمدان الشخصية العربية الأبرز التي بَحَثت في شؤون الكيان الإسرائيلي وحَلَّلت أوضاعه ومستقبله. توفي إثر حريق بشقته في ظروف غامضة عام 1993 واكتشف المقربون اختفاء مسودات كتب كان بصدد إنهائها، أبرزها كتاب ضخم عن اليهودية والصهيونية وانهيار "إسرائيل"، يقع في ألف صفحة. ولذا تعتقد عائلته أن الموساد الإسرائيلي هو مَن اغتاله.
يقول حمدان: إن مصر فقدت ربع وزنها وثقلها ودورها ومجدها سنة 1948 بقيام "إسرائيل". وفقدت نصف وزنها بهزيمة 1967، ثم فقدت وزنها كله في كامب دايفيد.
يعتقد حمدان أن بداية نهاية "إسرائيل" هي عندما تهزم أول مرة، ونهاية نهايتها ستكون عندما تطلب "إسرائيل" من أميركا مساعدتها فلا تقدر الأخيرة على ذلك.