القضيـة الفلسـطينيـة: خلفياتـها التاريخيـة وتطوراتـها المعاصـرة

شهد الكفاح الفلسطيني المسلح فترة ذهبية بين عامي 1967-1970 إذ كانت حدود الأردن وفلسطين مفتوحة للعمل الفدائي، وازداد معدل عمليات المقاومة الفلسطينية شهرياً.

  • القضيـة الفلسـطينيـة: خلفياتـها التاريخيـة وتطوراتـها المعاصـرة
    القضيـة الفلسـطينيـة: خلفياتـها التاريخيـة وتطوراتـها المعاصـرة

العديد من الظروف والأسباب منذ بداية الألفية الثالثة، جعلت الوعي السياسي، وبالتالي الفاعلية السياسية لمعظم شعوب المشرق العربي في الحضيض. وفي الوقت الذي تدعم فيه العديد من شعوب الغرب قضايانا، نتخلّى نحن عن أنفسنا، فنشاهد ونسمع عن المجازر اليومية والدمار والإبادة الوحشية في غزة من غير أن تتعدى استجاباتنا " لايك" أو تعليقاً أو ما شابه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقد نتأثر حد البكاء لمشهد أمّ أو طفل في الأرض المحتلة ثم ننتقل في لحظات لننفعل ونتفاعل مع مباراة ما لا تعنينا في مكان ما من العالم، أو لنتابع مجريات منافسة فنية بين ممثلتين أو فنانتين، غير موقنين أنه لا انفكاك لنا من الجغرافيا ولا انفكاك من الدّم، وأننا مهما ابتعدنا وتفرقنا في أرجاء العالم، لا مناصّ من كوننا عرباً وأبناء وورثة هذه المنطقة بنقمتها ونعمها، بجنانها وجحيمها.

ولهذا، لنا وللأجيال العربية الفتيّة التي لا تعرف عن حيثيات القضية الفلسطينية، نقدّم هذه القراءة لكتاب "القضيـة الفلسـطينيـة: خلفياتـها التاريخيـة وتطوراتـها المعاصـرة"، على نيّة وواجب أن نستتبعها بقراءات أخرى أكثر إحاطة وشمولاً لجوانب وأبعاد هذه القضية العادلة، وعلى نيّة وواجب ولزوم أن نقرأ أكثر ونعرف أكثر ونحكي أكثر، عسى المعرفة والوعي يتحوّلان إلى أفعال مؤثرة على الأرض، وداعمة لصمود إخوتنا وأهلنا وأطفالنا في غزة.

في الفصلين الأول والثاني، يتحدث الكاتب عن أهمية فلسطين في الديانات المختلفة، ويؤكد أن أهل فلسطين الأصليين لم يغادروها طيلة الـ 4500 سنة الماضية إلى أن طرد الاحتلال الصهيوني عدداً كبيراً منهم قسراً عام 1948.

كما يعرض للتحوّلات السياسية التي حدثت في أوروبا إبّان الثورة الفرنسية، ونشوء الفكرة القومية والمشاعر الوطنية حيث اندمج يهود أوروبا الغربية واستطاعوا الارتقاء بأنفسهم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وكيف أخذت الدولة القومية في روسيا وأوروبا الشرقية منحىً آخر حيث توجد أغلبية يهود العالم، وبداية نشوء ما يعرف باللاسامية والمشكلة اليهودية. وصولاً إلى وعد بلفور عام 1917 وإقامة الكيان الغاصب وطرد الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948

الفصل الثالث: قضية فلسطين 1949-1967

ترافقت النكبة الفلسطينية عام 1948 مع جلاء الاستعمار عن معظم البلاد العربية والإسلامية. 

ومع استلام جمال عبد الناصر الحكم في مصر، علّق الفلسطينيون آمالهم على "قومية المعركة"، رغم أن كثيراً من الأنظمة "المستقلة" الأخرى سعت إلى ترسيخ نفوذها وهوياتها القطرية، بدلاً من السعي الحقيقي للوحدة.

كان الشعار في هذه المرحلة "الوحدة طريق التحرير" لكنه انتهى إلى الإحباط، بدءاً بفشل الوحدة السورية-المصرية 1958-1961، وانتهاءً بحالة الإفلاس والشعور العميق بالهزيمة إثر كارثة حرب 1967 وتضييع باقي فلسطين وسيناء والجولان.

على صعيد التنظيمات الوطنية، شهدت المنطقة مداً قومياً ويسارياً وتراجعاً لتيارات الإسلام السياسي.

وعلى الصعيد الرسمي، بقي العداء ضد الكيان الصهيوني طيلة هذه المدة، أما عملياً فقد اتجه الخط البياني للأنظمة العربية نحو ترسيخ الواقع بدلاً من تغييره أي " التسوية" وليس التحرير لأسباب عديدة جعلت الأنظمة تشعر بحالة عجز حقيقي، فانشغلوا بدغدغة عواطف الجماهير في الوقت الذي كان فيه الكيان الصهيوني "الغض" يشتد ويزداد قوة ورسوخاً.

أما ما تبقى من الأرض الفلسطينية فقد وضعت الحكومة الأردنية سيطرتها الدستورية على الضفة الغربية، وفي هذه المرحلة، برزت دعوات وعقدت المؤتمرات للوحدة مع الأردن، وقامت الحكومة الأردنية عام 1949 بعدة إجراءات للوحدة مثل تجنيس الفلسطينيين في الضفتين وانتخاب مجالس تمثيلية...إلخ

من جهة أخرى، وضعت الحكومة المصرية يدها على قطاع غزة (363 كم2)، وأصبحت صلاحيات حكومة عموم فلسطين محدودة جداً.

في29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956، بدأ العدوان الثلاثي على مصر بالتقاء مصالح إسرائيلية - بريطانية - فرنسية، ونتج عنه احتلال الصهاينة لقطاع غزة وسيناء.

استتبع هذه المرحلة ظهور حركات المقاومة الفلسطينية (فتح، القوميين العرب، منظمة التحرير الفلسطينية).

ثم كانت حرب حزيران/ يونيو في 1967، واستشهد فيها 10 آلاف مقاتل مصري وقرابة 7 آلاف مقاتل أردني و1000 مقاتل سوري. كما نتج عنها تشريد 330 ألف فلسطيني آخرين واحتلال باقي فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، إضافةً إلى سيناء ومرتفعات الجولان السوري.

الفصل الرابع: قضية فلسطين 1967-1987

حاولت الأنظمة العربية في هذه المرحلة استعادة ثقة الجماهير بعد حرب حزيران/ يونيو، فكان اجتماع القمة العربية في  الخرطوم في 29/8-1/9/1967، للزعماء العرب حيث أعلنوا أن "لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بالكيان الإسرائيلي". ودخلت مصر وسوريا في حرب استنزاف مع الكيان الإسرائيلي أشدّها في الفترة ما بين آب/ أغسطس 1968 - آب/ أغسطس 1970، وقد أسهمت إلى حد ما في إعادة الثقة ورفع المعنويات لدى الجيشين المصري والسوري. كما سُمح بالعمل الفدائي الفلسطيني الذي بنى قواعد قوية في الأردن ولبنان، وبرز خط الكفاح الشعبي المسلح وحرب العصابات، وتم قبول منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات عضواً مراقباً في الأمم المتحدة عام 1974، وأهم القرارات التي صدرت في هذه المرحلة القرار 3236 عام 1975 بعنوان " قرار حقوق الشعب الفلسطيني". 

أما الكفاح الفلسطيني المسلح فقد شهد فترة ذهبية بين عامي 1967-1970 إذ كانت حدود الأردن وفلسطين مفتوحة للعمل الفدائي، وازداد معدل عمليات المقاومة الفلسطينية شهرياً. ولكنه تراجع بعد ذلك إثر الخروج من الأردن ثم السقوط في مستنقع الحرب الأهلية في لبنان وإغلاق الحدود المصرية-السورية في وجه المقاومة الفلسطينية.

في السنوات اللاحقة، اجتاح العدو الإسرائيلي لبنان عدة مرات واغتال عدداً من قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، وكان اجتياح "الجيش" الصهيوني للبنان في صيف 1982 هو الأضخم والأعنف. 

وخاض الطرفان مواجهات قوية وقدمت المقاومة الفلسطينية تضحيات كبرى واستشهد في مذبحة صبرا وشاتيلا في 16 أيلول/ سبتمبر 1982 من اللبنانيين والفلسطينيين المدنيين أطفالاً ونساءً وشيوخاً نحو 3500 شخص.

الفصل الخامس: قضية فلسطين 1987-2000

تميزت هذه المرحلة ببدء انتفاضة الشعب الفلسطيني بجميع فئاته، بمواجهات شعبية واسعة وإضرابات ومقاطعة الإدارة المدنية الصهيونية وتنامي العمليات المسلحة.

أبرمت اتفاقية أوسلو عام 1993 كنهاية للانتفاضة التي أوقفت فاعلياتها وفقدت الكثير من جذوتها، رغم استمرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي في عملياتهما الجهادية.

وكانت حصيلة السنوات الست للانتفاضة بحسب الإحصائيات المسجلة استشهاد 1540 فلسطينياً، وبلغ عدد الجرحى 130 ألفاً واعتقل نحو 116 ألفاً لمدد مختلفة.

الفصل السادس: قضية فلسطين 2000-2011

يقدم هذا الفصل عرضاً موجزاً مع الأرقام لانتفاضة الأقصى عام 2000 التي اندلعت إثر زيارة زعيم حزب الليكود آرييل شارون لحرم المسجد الأقصى في 28 أيلول/ سبتمبر 2000 بمباركة من إيهود باراك رئيس حكومة الكيان الصهيوني للزيارة. ويقدم الكاتب إحصاءات عن الشهداء من المدنيين والجرحى والأسرى وحجم الدمار في الأرض المحتلة. كذلك التأثير الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي. 

استمرت الانتفاضة حتى عام 2005 تبع ذلك حرب تموز على لبنان 2006 والعدوان على غزة أواخر عام 2008 (الرصاص المصبوب)، وحملات أمطار الصيف والوهم المتبدد التي أدت إلى أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط". 

الفصل السابع: القضية الفلسطينية 2012-2021

يتابع الكاتب سرد تطورات القضية الفلسطينية فيقدم الإحصاءات عن أعداد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني والخارج وتوزعهم في العالم. كما ويقدم توثيقاً للعمليات العدوانية على القطاع من معركة حجارة السجيل عام 2012، ومعركة العصف المأكول عام 2014، وانتفاضة القدس 2015-2017، مسيرات العودة وكسر الحصار 2018-2019 ومعركة سيف القدس 2021. 

وصولاً إلى الظروف التي أثرت على حركات المقاومة ومسار التسوية والمصالحات مع اندلاع "ثورات الربيع العربي".

واليوم، وإذ تستمر الحرب على غزة بكل بربرية ووحشية العدو الصهيوني الغاصب، آنَ أن ندرك أنه لا سلام مع أعداء الحق والأرض، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأنه من العبث والتخاذل إثارة الأسئلة عن مسؤولية حماس عما حدث منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فجميعنا مسؤولون ولا براءة لنا من دماء الأطفال والمدنيين في غزة والأراضي الفلسطينية إلا بالوقوف بكل ما أوتينا صفاً واحداً إلى جانب المقاومة والكفاح الثوري حتى استرداد الحق السليب.