بعد وقف النار في غزة.. ماذا عن "اليوم التالي" إسرائيلياً؟

بغضّ النظر عن تفاخر بايدن فيما حققته "إسرائيل" من "إنجازات"، بدعم أميركي، لا شكّ في أن اليوم التالي إسرائيلياً سيكون محفوفاً بالانقسامات، وستظهر حقائق كثيرة أخفاها عن الجمهور الإعلامُ الإسرائيلي.

0:00
  • اليوم التالي إسرائيلياً سيكون محفوفاً بالانقسامات.
    اليوم التالي إسرائيلياً سيكون محفوفاً بالانقسامات.

أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس، مؤكداً أن الاتفاق هو نفسه الذي وضعه على الطاولة في أيار/مايو الماضي.

ومن أجل كسب الاعتراف والفضل بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، ومبرّراً التأخير في التوصل إلى صفقة تبادل، يقول: "هذا هو اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمته في الربيع الماضي. لم يكن الطريق إلى هذه الصفقة سهلاً. لقد وصلت إلى هذه النقطة بسبب الضغوط التي فرضتها إسرائيل على حماس، بدعم من الولايات المتحدة".

وفي تكرار لكل المزاعم والأكاذيب، التي أطلقها كل من بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، يعيد بايدن سبب التأخير في عقد الصفقة إلى رفض حماس، على الرغم من أن الحركة كانت أعلنت مراراً موافقتها عليها، وعلى الرغم من أن الإعلام الإسرائيلي والمسؤولين الإسرائيليين كانوا أكدوا أن نتنياهو كان يؤخر حصول الصفقة للحصول على مكاسب شخصية، ولإرضاء اليمين الإسرائيلي.

وبغضّ النظر عن تفاخر بايدن فيما حققته "إسرائيل" من "إنجازات"، بدعم أميركي، لا شكّ في أن اليوم التالي إسرائيلياً سيكون محفوفاً بالانقسامات، وستظهر حقائق كثيرة أخفاها عن الجمهور الإعلامُ الإسرائيلي والمستويان العسكري والسياسي الإسرائيليان.

وهذا ما توقعه الجنرال المتقاعد إسحق بريك، الذي حذر من استمرار الحرب، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه "بار كوخبا العصر الحديث"، والذي سيقود "إسرائيل" إلى كارثة، تماماً كما فعل بار كوخبا، الذي قُتل مئات الآلاف من اليهود تحت قيادته، وذهب من بقي منهم إلى المنفى.

ولعل قصة بار كوخبا وتمرده على السلطات الرومانية نموذج عمّا يمكن أن يكون عليه الاستنزاف المكلف إسرائيلياً. وتشير القصص التاريخية اليهودية إلى أن بار كوخبا هو "ابن النجم"، وفقاً لسفر العدد 24:17 ("يخرج نجم من يعقوب")، وهو الذي رآه البعض بأنه " شخصية مسيانية"، لكنه ساهم في انقسام الطائفة اليهودية، فبعضها أيد تمرده، وبعضها الآخر لم يؤيده. 

بدأ بار كوخبا الحرب كصراع عصابات ضد روما في عام 132 بعد الميلاد. ووفقاً لبعض المصادر التاريخية، قُتل 580 ألف يهودي في عمليات حرب شاملة في جميع أنحاء البلاد، ودُمر نحو 50 مدينة محصنة و985 قرية. أما عدد الذين لقوا حتفهم بسبب المجاعة والمرض والحرائق فغير معلوم.

وانطلاقاً من درس بار كوخبا، يقول إسحق بريك إن "إسرائيل" دخلت حرب استنزاف دمرت الاقتصاد وعلاقات "إسرائيل" الدولية، والأمن الوطني، من دون تحقيق الأهداف، كالقضاء على حماس أو حزب الله، أو عودة الأسرى.

وقد يكون ما قاله بريك متوافقاً مع التقرير الذي نشرته "يديعوت أحرونوت" بشأن استنزاف شديد تعانيه الوحدات القتالية الإسرائيلية المشاركة في القتال في جبهات متعددة منذ 15 شهراً، وغياب الالتزام، وظهور تصدعات، وتراجع كبير في مستوى الانضباط العسكري داخل الجيش، بالإضافة إلى تدهور ملحوظ في التزام معايير السلامة والانضباط العسكري.

وبحسب الصحيفة، فإن الأسباب الجوهرية وراء هذا التراجع في مستوى الانضباط العسكري تعود إلى عاملين رئيسين:

- الإرهاق المتزايد والناجم عن طول فترة العمليات العسكرية في مختلف الجبهات.

- النقص الحاد في القوى البشرية للجيش الإسرائيلي، بحيث تجاوزت الخسائر البشرية -بحسب التقرير- 10 آلاف جندي بين قتيل وجريح، منذ بداية المعارك في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وعليه، بلا شكّ، ستشكّل الحروب، التي خاضتها "إسرائيل"، واقعاً جديداً، يبدو مؤجلاً اليوم إلى حين الانتهاء من تلك الحروب، وانكشاف كل ما تمّ التعمية عليه، أو طمسه، تحت عنوان "لا صوت يعلو فوق صوت الحرب والتخلص من التهديد الوجودي".

بالإضافة إلى الأزمات السياسية، التي كانت استعرت قبل هجوم حماس على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، سيكون أمام الإسرائيليين مجموعة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وأمام "الجيش" الإسرائيلي الكثير من العمل لتقويم الأداء والاستفادة من العِبَر، والقيام بتحقيقات داخلية بشأن الإخفاق، عملياتياً واستخبارياً، في الـ7 من أكتوبر، وبشأن دروس حروب الاستنزاف، التي خاضتها "إسرائيل" في كل من غزة ولبنان، وتأثير تلك الحروب في سمعتها الدولية وشرعيتها العالمية.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.