الخطة متعدّدة السنوات لـ "جيش" الاحتلال: تركيز على "الدفاع"
الخطة متعددة السنوات لقوات الاحتلال تأتي كجزء من مهام رئيس هيئة الأركان الذي يُطلب منه إعداد خطة لمدة 5 سنوات؛ تهدف إلى تطوير قدرات القوات للتعاطي مع التهديدات المحيطة.
تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الفترة الماضية ملامح الخطة الجديدة متعدّدة السنوات لـ "جيش" الاحتلال الإسرائيلي المعروفة باسم "معالوت"، والتي ترتكز كما قال رئيس هيئة الأركان "هيرتسي هليفي" على مبدأ التعامل مع الحرب متعدّدة الجبهات باعتبارها الخطر الجديد الذي يمكن أن يواجه "الجيش"، وسط حاجة ماسة لمعالجة أربعة مستويات من التهديدات.
ومن المعروف أنّ الخطة متعددة السنوات لقوات الاحتلال تأتي كجزء من مهام رئيس هيئة الأركان الذي يُطلب منه إعداد خطة لمدة 5 سنوات؛ تهدف إلى تطوير قدرات القوات للتعاطي مع التهديدات المحيطة بكيان الاحتلال مع تكييف الوسائل والإمكانيات التي تخصصها الحكومة لهذه الخطة.
وخلال الأشهر الماضية بدأ فريق من هيئة الأركان بتكليف من "هليفي" الإعداد للخطة متعدّدة السنوات تحت مسمّى "خطة معالوت"، والتي تحمل دلالات بمعنى "عملية التسلّق في صعود مستمر، خطوة بخطوة، إلى قمم ومرتفعات جديدة"، أو بمعنى آخر، أعلى درجات التفوّق العسكري أمام "أعداء إسرائيل" عبر مستويات متعدّدة، لتحسين الوضع الداخلي "للجيش" والتعامل مع المخاطر المتنامية، ويستعد هليفي خلال الفترة القريبة لعرض خطته على المستوى السياسي لإقرارها وإدخالها حيّز التنفيذ في العام 2025.
وتعتمد الخطة على مبدأ تحقيق التفوّق أمام أعداء الكيان عبر امتلاك أسلحة ووسائل قتالية ودفاعية نوعية، كما تتبنّى رؤية تعزيز وتطوير استخدام منظومات الذكاء الاصطناعي في مجال حماية المعابر البرية وإدارتها، وتقليص الاعتماد على العنصر البشري أو تشغيل جنود من الجيش النظامي في المعابر البرية.
بشكل عام، فإنّ الخطط متعددة السنوات لـ "جيش" الاحتلال ترتكز على استراتيجيته القائمة على عدّة مبادئ أساسية يجب تحقيقها، وهي الردع والإنذار والدفاع والحسم، وفي الخطة الأخيرة التي تمّ الإعلان عن ملامحها مؤخراً يتجلّى مبدأ الدفاع بشكل واضح؛ وذلك في ظل تنامي المخاطر المحيطة بكيان الاحتلال، ورغبة "الجيش" في سدّ الثغرات الخطيرة على المستويين الداخلي والخارجي، باستخدام أدوات دفاعية جيدة في منظومات الدفاع الجوي، وتعزيز الحدود وحماية الجبهة الداخلية.
الخطة الجديدة لقوات الاحتلال تأتي استكمالاً لخطة "جدعون" التي وضعها "غادي أيزنكوت"، وخطة "تنوفا" التي وضعها "أفيف كوخافي"، وأخيراً "معالوت" لهيرتسي هليفي. لكن بقراءة واقع "جيش" الاحتلال خلال الخطط الماضية نجد أنّ تلك الخطط لم تنجح في مواجهة التحديات، فالمقاومة ومشروعها في المنطقة استطاعا تجاوز هذه الخطط وإفشالها، فمن عجز تأثير "المعركة بين الحروب"، وصولاً إلى الفشل الذريع في الاختبار العملي في العام 2021 في معركة "سيف القدس" مع قطاع غزة.
الخطة الجديدة ترتكز على أربعة مستويات حدّدها "هليفي" مؤخّراً بناء على المخاطر التي تنامت خلال السنوات الأخيرة وهي كالآتي:
المستوى الأول يتناول الوضع الداخلي في كيان الاحتلال "الشعب والجيش"، ويسعى لمعالجة الخلل الكبير الذي نتج خلال السنوات الأخيرة بفعل الخلافات السياسية التي زادت حدتها في العام 2023 بشكل واضح، حيث وصل رفض الخدمة إلى أعداد كبيرة في أسلحة رئيسية في "الجيش" مثل الاحتياط والطيران والبحرية، وهذا أمر له تأثير كبير على قدرات "الجيش".
يدرك هليفي خطورة وتأثيرات الخلافات الداخلية، وقد حاول عند عرضه ملامح الخطة استعطاف مختلف الأطراف داخل كيان الاحتلال بوصفه أنّ "الجيش" بحاجة إلى الصالحين لمواصلة الخدمة المجدية، وأنّ الجودة البشرية جزء أساسي من قوة "جيش شعب إسرائيل".
وتشمل الخطة تحسين وضع المجنّدين في "الجيش"، وتقديم إغراءات لهم، أولاً عبر إقناعهم بأنّهم بعيدون عن الخطر في ظل التطور الكبير والتكنلوجي الذي يستخدمه "الجيش"، ومن ناحية ثانية تحسين بيئة العمل في المواقع العسكرية وقواعد التدريب التابعة للألوية الرئيسية "الناحل" و"كفير" و"جفعاتي".
والمستوى الثاني يتناول إيران والمجالات المتعددة، وهنا يقصد هليفي إيجاد وسيلة لمواجهة التغييرات في وضع ومكانة وقدرات إيران العسكرية، إضافة إلى التعامل مع التغيّرات التي فرضها محور المقاومة في البيئة المحيطة بدولة الاحتلال، والتعامل مع الحرب متعددة الجبهات التي باتت أمراً حتمياً يمكن أن يقع في المرحلة المقبلة؛ ما يتطلّب تعزيز جاهزية قوات الاحتلال للتعامل مع المخاطر متعدّدة المجالات، سواء كانت عسكرية أو أمنية أو سيبرانية.
وتضع الخطة قضية تعزيز جاهزية "الجيش" لمواجهة التهديد الإيراني ومتعدّد المجالات سواء كان البرنامج النووي أو الاستعداد العسكري بعيد المدى، وكذلك المجال القريب المتمثّل في تموضعها وحلفائها في المنطقة، أو السيبراني الذي بات خطراً لا يتوقّف، وهنا تشمل الخطة تصوّرات لا تختلف كثيراً عن السياسة السابقة في التعامل مع الخطر الإيراني على كيان الاحتلال، لكنها بدرجة أساسية تقوم على المحافظة على جاهزية عالية، نظراً لأنّ المخاطر متعددة المستويات قد تنفجر في أيّ لحظة.
أمّا المستوى الثالث فيتناول الواقع الأمني عبر تطوير قدرات "الجيش" ليكون على جاهزية دائمة وسريعة للتعامل مع التهديد الإيراني والتهديد متعدد الجبهات، والذي يحتاج أن تكون لدى "الجيش" قدرات عالية في تجميع وتنسيق قواته ميدانياً ومعلوماتياً كي تكون استجابته عالية للدفاع والهجوم في آن واحد.
وهنا قد تكون كلّ تدريبات قوات لاحتلال خلال الفترة المقبلة على سيناريو"الدفاع" والهجوم المتزامن، بحيث يكون هناك جهد كبير لدى القوات في تحصين المجالات البرية والجوية والبحرية باستخدام أدوات ووسائل متطورة، فيما تضع الخطة بنداً مهمّاً لزيادة القوة العسكرية
"للجيش" عبر زيادة قوة سلاح الطيران الحربي والمُسيّر والصواريخ الموجّهة، وأن تكون قوة "الجيش" مرتبطة بزخم ناري قادر على التأثير في المعركة، وهذا أيضاً يتطلّب زيادة عدد الطائرات وحمولتها من الصواريخ، ولهذا تنص الخطة على شراء سرب رابع من المقاتلات الحربية من طراز "F35".
وفي المستوى الرابع جاء تركيز الخطة الجديدة على المناورة وحماية الحدود لتحقيق مهمة الحماية "للدولة"، وهذا المستوى سيأخذ عدّة مسارات، أبرزها تعزيز المناطق الحدودية، وتطوير الجدر والموانع البرية أمام أيّ توغّل يمكن أن تنفّذه قوات "لادولانية" مثل حزب الله وحماس، ووضع خطط وأدوات دفاعية تمنع تلك القوات من إحداث تغيير على الأرض. وهنا يتخصص قوات الاحتلال 200 مليون شيكل (52 مليون دولار) سنوياً لتطوير الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، والإشراف على دمج التكنولوجيا في جميع الأذرع والأسلحة، خصوصاً فيما يتعلق بجمع المعلومات ووسائل المراقبة.
وفي المسار الآخر منها تطوير الأدوات الدفاعية، وزيادة عدد المنظومات التي تعمل في هذا المجال، وخاصة على الجبهات الأكثر خطورة وقابلية للاشتعال، وهنا سيتدرّب "الجيش" على تطوير ومعالجة المعلومات بين الدفاع والهجوم باستخدام الذكاء الصناعي، بحيث تعمل القوات الهجومية بالتزامن مع تصدّي المنظومات الدفاعية لضرب مصادر المخاطر. وهذا المفهوم أكثر تطوّراً عمّا كان منصوصاً عليه في خطة "تنوفا" بعنوان "تكثيف قدرة الوحدات والتشكيلات والعناصر المختلفة على الفتك، من حيث النطاق والدقة".
وبحسب الخطة، فإنّ قوات الاحتلال ستنشر منظومة الاعتراض باستخدام الليزر، عبر نشر 4 منظومات منها على الحدود مع قطاع غزة نهاية عام 2025، وعلى الحدود مع لبنان في نهاية 2027.