المواجهة في العراق

من دون إعلان مُسبق طار وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو في زيارة مفاجئة لبغداد بعد أن أظهرت معلومات استخبارية أميركية أن جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران تنشر صواريخ قرب قواعد للقوات الأميركية ، طلب خلالها وزير خارجية أميركا من كبار القادة العسكريين العراقيين أن يُحكِموا سيطرتهم على هذه الجماعات التي توسّع نفوذها في العراق، بعد أن أصبحت الآن تشكّل جزءاً من جهازه الأمني.

يتصاعد الحشد العسكري من قِبَل الولايات المتحدة لمواجهة "التهديدات" الإيرانية لمصالحها ومصالح الحلفاء في منطقة الخليج ، بداية من إرسال قاذفات أميركية من طراز B-52 إلى قاعدة العديد في قطر وإرسال حاملة الطائرات (أبراهام لينكولن) إلى الخليج، بينما على الجانب الآخر تتصاعد اللهجة "الكلامية" فقط للجانب الإيراني إن طهران مستعدّة لجميع السيناريوهات من "المواجهة إلى الدبلوماسية" وإن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمّل حرباً أخرى في الشرق الأوسط.

ومع هذا وذاك تتصاعد جبهات المواجهة "غير المباشرة" مع إيران ووكلائها بالمنطقة بتخريب أربع ناقلات نِفط عملاقة في ميناء الفُجيرة الإماراتي ، وكذلك تعرّض ناقلتي نفط سعوديتين لعمليات "تخريب" عندما كانتا راسيتين قبالة السواحل الإماراتية ، تعتقد الولايات المتحدة أن الدور الإيراني تمثّل في تشجيع مسلحين على القيام بمثل هذه الأفعال ، ولم يقتصر على مجرّد التلميح غير المباشر وإعلان وزير الطاقة السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، إن محطتي ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي تعرضتا لهجوم من طائرات من دون طيّار مُفخّخة.

لكن جبهة أخرى كانت على موعد مع الدخول في موجة تصاعد المواجهة غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة ، بعدما أمرت الخارجية الأميركية موظّفي حكومة الولايات المتحدة من غير العاملين في حالات الطوارئ بمغادرة العراق على الفور، سواء كانوا في السفارة الأميركية في بغداد أو في القنصلية الأميركية في إربيل ، وتبعتها دول أخرى مثل ألمانيا التي أعلن المتحدّث باسم وزارة الدفاع الألمانية، الأربعاء الماضي، إن بلاده ستعلّق عمليات التدريب العسكري في العراق بسبب تصاعد التوتّر في المنطقة ، وكذلك ذكرت وكالة الأنباء الهولندية إن حكومة البلاد علّقت عمل بعثتها في العراق التي تقدّم المساعدة للسلطات المحلية بسبب تهديد أمني.

ومن دون إعلان مُسبق طار وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو في زيارة مفاجئة لبغداد بعد أن أظهرت معلومات استخبارية أميركية أن جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران تنشر صواريخ قرب قواعد للقوات الأميركية ، طلب خلالها وزير خارجية أميركا من كبار القادة العسكريين العراقيين أن يُحكِموا سيطرتهم على هذه الجماعات التي توسّع نفوذها في العراق، بعد أن أصبحت الآن تشكّل جزءاً من جهازه الأمني. وإن لم يفعلوا فسترد الولايات المتحدة بقوّة وأنه في حال تعرّض أميركا للهجوم على الأرض العراقية فإنها سترد للدفاع عن نفسها من دون الرجوع إلى بغداد.

في الوقت الحالي يتواجد على الأراضي العراقية 5500 عسكري أميركي تقريباً بين مدرِّب ومختّص وفني ومستشار عسكري وأمني وقوات مهام خاصة، في عدّة معسكرات وقواعد منها؛ قاعدة بِلد وهي الأكبر والأهم حيث تحتوي على منشآت عسكرية متعدّدة بالإضافة إلى مدرج لطائرات فئة F16 وقاعدة التاجي وكركوك وقاعدة فكتوري "النصر" داخل حدود مطار بغداد الدولي ، وقاعدة عين الأسد" القادسية" في غرب الأنبار وهي بمثابة معسكر محصَّن لانطلاق العمليات الخاصة ، وكذلك قاعدة الحبانية" التقدم" فيها معسكرات ومنامات ومواقع للخزن ولطائرات المروحية ومدارس للتعليم الأمني ومقار للتحكّم والسيطرة.


من الطبيعي جداً ان تشعر الولايات المتحدة بالقلق على العسكريين الأميركان في العراق خاصة بعد التقارير الأخيرة ، وأن إدارة ترامب تعلم أن الحكومة العراقية ورئيس الوزراء العراقي غير قادرين على الحد أو تلجيم المليشيات الشيعية الموالية لإيران التي تفوق قدرتها العسكرية الجيش العراقي والقوي الأمنية العراقية.

ومما يزيد خطر واشنطن ما أكّدته مصادر إيرانية وعراقية في وقت سابق إضافة إلى مصادر غربية أخرى أن طهران قدّمت صواريخ باليستية لجماعات شيعية تقاتل بالوكالة عنها في العراق، وإنها تطوّر القدرة على صنع المزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط ولامتلاك وسيلة تمكّنها من ضرب خصومها في المنطقة بمثابة خطة بديلة في حال تعرّضت إيران للهجوم.