هل استطاعت موسكو ضم أنقرة إلى حراكها السياسي

الذي يؤكّد التنسيق ما بين الأميركي والتركي في تحقيق الأهداف هو تصريحات المسؤولين الأميركيين بمنع استخدام السلاح الأميركي بوجه الجيش التركي من الطرف الكردي ومنع أية مؤازرة ودعم عسكري كردي في المناطق الشرقية للتوجّه إلى عفرين.

أردوغان: تركيا لها مهمة في الشرق اﻷوسط ونحن من رؤساء مشروعي الشرق اﻷوسط الكبير وشمال إفريقيا ونحن نقوم بهذه المهمة

هل استطاعت موسكو ضم التركي إلى حراكها السياسي؟ وهل يبدو تحوّل تركيا جدياً سيما بعد خذلان الأميركي له وتفضيل الكرد عليه؟ كما يبدو ويظهر للمراقب القائم بهذا الإخراج جملة من الأسئلة تطرح في ذهن المتابعين لما يحصل في الساحة السورية في ظل التطوّرات والتناقضات الاقليمية والدولية يدفع فاتورتها الشعب والدولة في سوريا، هنا لابد من الإشارة إلى ما نُشِر في جريدة الزمان التركية تاريخ 14كانون الأول/ديسمبر 2017، عما قاله نجم الدين أربكان مُعلّم أردوغان في مؤتمر خاص عُقِد عام 2007 في مركز أبحاث الاقتصاد والاجتماع في تركيا مفاده "إن أردوغان حصل عام 2002 على منصب رئاسة مشروع إسرائيل الكبرى، وكذلك مشروع الشرق الأوسط الكبير من الرئيس الأميركي الأسبق بوش الإبن، وبعد ذلك حصل على ميدالية الشجاعة اليهودية من اللوبي اليهودي في أميركا"، كذلك قال أربكان في حوار صحفي مع جريدة Die welt أحد أشهر الصحف اﻷلمانية خلال فترة رئاسته لحزب السعادة عام 2010 عن رئيس الوزراء في ذلك الوقت أردوغان ورئيس الجمهورية السابق عبدالله جول "هنالك بعض القوى الخارجية جاءت بهم إلى السلطة وهي التي تتحكّم في النظام العالمي وتتبنّى سياسات عرقية وتتميّز بتوجّهاتها الصهيونية والامبريالية وتحوّل اﻷشخاص إلى عبيد الغرب".                                                       

وفي تصريحات ﻷردوغان تؤكّد بما لايدع للشك أقوال ومزاعم أربكان في لقاء جماهيري له في مدينة ديار بكر قوله "المدينة تتمتع بمكانة خاصة عندي فأنا أرى أنها من الممكن أن تكون نجماً في إطار مشروع الشرق اﻷوسط الكبير لأميركا، وأن تركيا لها مهمة في الشرق اﻷوسط ونحن من رؤساء مشروعي الشرق اﻷوسط الكبير وشمال إفريقيا ونحن نقوم بهذه المهمة".

القاعدة اﻷساسية التي يستند إليها مشروع الشرق اﻷوسط الكبير هي تقسيم الدولة في المنطقة إلى دويلات صغيرة عرقية و طائفية، فشل تحقيق مشروعهم عبر أدواتهم اﻹرهابية من داعش والنصرة ومن لفّ لفيفهم من هذه العصابات، تدخّل اﻷصيل بعد فشل الوكيل من هنا كان العدوان اﻷميركي والتركي على السيادة الوطنية السورية باحتلال جزء من اﻷرض وبمؤازرة بعض العصابات اﻹرهابية والقيادات الكردية الحالمة بالانفصال عن الوطن اﻷم.                                            

أردوغان وحزب العدالة والتنمية كانا ومازالا الداعم اﻷول لهذه العصابات وتركيا المعبر الرئيس لدخول تلك العصابات التكفيرية إلى سوريا، كان آخر هذه الاعترافات ما قاله مسؤولان في الاستخبارات التركية – أرهان بكجين – وأيدن كونيل – يعترفان بدعم أنقرة للنصرة وداعش. وأشارت الاعترافات إلى فتح تركيا حدودها لعناصر جبهة النصرة وتنظيم داعش، وتقديم كافة أشكال الدعم اللوجستية العسكرية السياسية والدبلوماسية وكانت الأوامر تصدر من القيادة العليا للدولة وبأوامر من الرئيس الحالي أردوغان.

منذ بداية هذه الحرب الظالمة على سوريا كان الحلم التركي وضمن المخطّط لمشروع التقسيم هو إنشاء شريط محتل تحت مُسمّى مناطق آمنة بعمق 30 كم على طول الحدود السورية التركية يمتد غرباً وصولاً إلى البحر المتوسّط.

صمود الشعب والدولة السورية ووقوف الأصدقاء في المحافل الدولية حال دون تحقيق ذلك، سلوك وممارسات بعض القيادات الكردية الانعزالية والانفصالية في عفرين والمناطق الشرقية لسوريا أعطى المبرّرات لأردوغان بشنّ عدوان على الأراضي السورية وبضوء أخضر واتفاق أميركي دولي وبدعم حلف الناتو، يقول نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوز داغ إن "عملية غصن الزيتون ستتواصل حتى يتم تطهير مدينة عفرين في شمالي سوريا من جميع الإرهابيين، وستعمل تركيا على إنشاء منطقة آمنة يمكن فيها لسكان المنطقة من الكرد والتركمان والعرب العيش بحرية". كما أنه بلقاء عقده في اسطنبول قال فيه إن "هناك إرادة لإنشاء منطقة آمنة في الجانب السوري من الحدود من أجل ضمان أمن المدنيين على طريق الحدود"، إلا أنه لم يحدّد عُمق هذه المنطقة وقال "إن الظروف ستحدّد ذلك".

الذي يؤكّد التنسيق ما بين الأميركي والتركي في تحقيق الأهداف هو تصريحات المسؤولين الأميركيين بمنع استخدام السلاح الأميركي بوجه الجيش التركي من الطرف الكردي ومنع أية مؤازرة ودعم عسكري كردي في المناطق الشرقية للتوجّه إلى عفرين.

وأما عن تصريحات أردوغان بأنه لن يفعل شيئاً في المناطق الشرقية حيث تتواجد القوات الأميركية حسب توزّع الأدوار حيث تشير المعلومات واستناداً إلى المهام الموكلة إلى أردوغان، وحسب الاتفاق أنه في عام 2011 وقّع وزيرا الخارجية الفرنسي آلان جوبيه والتركي أحمد داوود أوغلو اتفاقاً لإنشاء كيان كردي شمال سوريا، وقد وافق أردوغان على ذلك بشرط ترحيل الكرد إلى هذه الدويلة المزعومة، وهذا يتوافق مع سياسات الإدارة الأميركية بتحقيق ذلك مع دويلة طائفية لداعش شرقي سوريا وغرب العراق.