الصراع الأميركي - الإيراني في المنطقة .. تفوّق واضح لطهران

تحقق إيران تقدّماً ملحوظاً على عدة جبهات في المنطقة فيما تبدو الولايات المتحدة بحالة تراجع أمام التحديات التي تهدد سياساتها.

تمكّنت إيران بتعاونها مع الجهات المراقبة للاتفاق النووي من قطع الطريق أمام رغبات إدارة ترامب
حقّقت إيران نقاطاً عدّة لصالحها في إطار الصراع القائم في المنطقة، لعلّ أبرزها ما حصل مؤخّراً من وصل للحدود السورية - الإيرانية، حيث تم تأمين الربط البرّي بين طهران وبيروت.

وتظهر أهمية تحقيق هذا الأمر جليّة إذا ما أمعنّا النظر في كل الجهود الأميركية التي بُذلت في شرق سوريا وغرب العراق، وذلك من أجل وضع تلك المنطقة الحدودية في أيدي عشائر عربية وقوات كردية حليفة لواشنطن.

النقطة الثانية التي حقّقتها إيران لصالحها هي صمود الاتفاق النووي، الذي أثبت متانته ومناعته أمام أية محاولات لإلغائه أو "تمزيقه" كما توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل دخوله إلى البيت الأبيض.

تمكّنت إيران بتعاونها مع كل الجهات المراقبة للاتفاق النووي من قطع الطريق أمام رغبات إدارة ترامب، وكذلك حماية الاتفاق الذي قدّم لها حتى الآن انفتاحاً جيّداً على الدول الأوروبية. وها هي الحكومة الإيرانية تنشر مؤخراً تقريراً رسمياً يشير إلى ارتفاع الصادرات الإيرانية إلى أوروبا خمسة أضعاف خلال الأشهر الأربعة من العام الفارسي الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، من 700 مليون دولار إلى 3،5 مليارات دولار.

ولا يُخفى على أحد أن إيران باتت تتمتّع بتأثر ونفوذ أوسع في المنطقة مما كانت عليه في السنوات الماضية، خاصة في العراق واليمن، حيث أن القوى المتقدّمة في هذين البلدين، كالحشد الشعبي وجماعة أنصار الله تجد نفسها بشكل طبيعي قريبة من مواقف إيران المواجهة لسياسة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

فالحشد الشعبي العراقي يحمّل الولايات المتحدة وحلفاءها مسؤولية ما تمكّن داعش من تحقيقه خلال عام 2014 عندما سيطر على مساحات هائلة من أرض العراق. أما جماعة أنصار الله اليمنية فهي في حال قتال مباشر مع السعودية، الحليفة الأولى للولايات المتحدة على المستوى العربي.

ويأتي كلام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA مايك بومبيو في حديثه لشبكة "أم أس أن بي سي"، ليؤكّد التقدّم الإيراني على مختلف جبهات المنطقة  في السنوات الأخيرة، مستخدماً تعبيراً صارخاً في هذا الإطار بقوله "إيران باتت في كل مكان في الشرق الأوسط".

في المقابل، لم تنجح الجهود التي بُذلت من أجل إنهاء الحلف بين إيران وسوريا، من خلال تغيير النظام في دمشق أو سياساته،الخارجية، بتحقيق أية نتيجة.

صمد النظام في سوريا بدعم مباشر من طهران وموسكو وحلفائه اللبنانيين والعراقيين، وصمدت معه الخيارات الإيرانية في المنطقة.

وها هو الجنرال قاسم سليماني يقول في تسجيل سُرّب مؤخراً إن وليّ العهد محمّد بن سلمان عرض بعد اندلاع المعارك في سوريا على مندوب سوري التقاه في الرياض  (هو علي مملوك على الأرجح) القضاء على داعش وجبهة النصرة مقابل أن تعلن دمشق موقفاً معادياً لإيران.

قال سليماني هذا الكلام ليُظهر أوّلاً أن بلاده هي أول المستهدفين من وراء ما يجري في سوريا، وليلفت ثانياً إلى أن هذه النقطة التي أراد السعوديون ومن خلفهم الأميركيون تسجيلها على حساب بلاده فشلت فشلاً ذريعاً.

هكذا تبدو إيران في حال تقدّم على جبهات عدّة، من دون أن تتراجع في أي مكان، في حين بات يغرق المحور المُعادي لها في المنطقة في خلافاته الداخلية التي بدأت تستحوذ على صدارة اهتماماته، قد لا يكون آخرها الأزمة المستعرة بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى.