الإسلام السياسي وحكم الإعدام على متهمي مذبحة كرداسة

نعتقد أن الإسلام السياسي لا يمكن أن يأتي بخير، وأن المنهج السلفي هو المقدمة الأولى للقتل والنفي والمحاصرة، والتعصب الدموي، لأنه يتبع منهجاً وهابياً بفتاواه الدموية القاتلة، وهي الفتاوى التي طبقها داعش عندما تمّ سبي النساء وبيعهنّ في أسواق نخاسة معاصرة تعتبر عاراً على جبين البشرية، وعندما أحرقوا الطيار الكساسبة وعندما هدموا الأضرحة والكنائس وغيرها، ومن ثم نرى أن الفاشية الدينية تنتمي لميراث لا يمتّ لا للإسلام ولا لأي دين بصلة، وفي النهاية نردد الآية الكريمة "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، صدق الله العلي العظيم...

حكمت المحكمة على 183 متهماً بالإعدام ثم أعادت محكمة النقض القضية للمداولة من جديد فصُدر الحكم الأخير
أخيراً حكمت محكمة الجنايات بمدينة الجيزة يوم 2 تموز/يوليو 2017 بإعدام 20 متهماً في مذبحة قرية كرداسة بالجيزة، والسجن المشدد لعشرات آخرين، بعد أن كانت المحكمة الأولى قبل النقض حكمت على 183 متهماً بالإعدام ثم أعادت محكمة النقض القضية للمداولة من جديد فصدر الحكم الأخير، وكان الحكم الأول بالإعدام على العدد 183 على اعتبار أنهم هم الذين حرّضوا والذين جاؤوا بالأسلحة والمواد الكيميائية، ولكن يتم إسدال الستار على القضية المشينة التي روعت المصريين في وقتها، ويأتي الحكم بعد أربع سنوات من المداولات والتحقيقات والمرافعات، على أن الأمر له وجه آخر.

هناك حادثتان كانتا جديدتين على المجتمع المصري والمصريين، وهو القتل سحلاً وكيّاً وتعذيباً وضرباً بالأسلحة البيضاء، وهو ما لم يكن يعرفه الشعب المصري على الأقل في تاريخه المعاصر الحديث.


الحادثة الأولى عندما قام السلفيون الوهابيون في وقت حكم الإخوان المسلمين يوم 23 حزيران/يونيو 2013 والذي كان يوافق يوم 15 من شعبان ذكرى مولد الإمام المنتظر بقتل الشيخ حسن شحاته ومعه ثلاثة منتمين لمذهب أهل البيت كانوا في سبيلهم الاحتفال بمولد القائم الحجة، كان القتل بتحريض مباشر من الشيوخ الوهابيين ومعهم رئيس الدولة المعزول محمد مرسي، عندما وقف يوم 15 حزيران/يونيو 2013 في مؤتمر سمّي حينها "نصرة سوريا"، وقال لبيك يا سوريا عدة مرات، وأعلن على الملأ قطع العلاقات مع سوريا وأعلن أنه سيدرب الإرهابيين في مصر، وهو ما رفضه الجيش المصري، وهو أمر يبعدنا عمّا نريده الكتابة عنه، المهم أن الرئيس محمد مرسي هاجم الشيعة العلويين لأنهم كفّار على حد زعمه وهاجم الرئيس بشار الأسد علنا، وعندها وقف الشيخ الوهابي محمد حسان وقال إن الشيعة هم روافض أنجاس، وقال الشيخ الوهابي الآخر محمد عبد المقصود إنه يجب قتل الشيعة في كل مكان، وابتسم الرئيس ابتسامة الرضا.


ومن ثم وبعد ذاك المؤتمر بحوالي أسبوع حدثت المجزرة التي اهتز لها الوجدان المصري، وكانت سبباً من ضمن الأسباب في خروج المصريين يوم 30 حزيران/يونيو 2013، والتي كان من نتيجتها زوال الحكم الديني الفاشي، وعلّقنا وقتها وقلنا "اللهم إننا نبرأ إليك"، وطلبنا محاكمة محمد مرسي ومحمد حسان ومحمد عبد المقصود وغيرهم من كبار شيوخ الوهابية بتهمة التحريض على قتل حسن شحاتة ورفاقه، وجاء رد الفعل الشعبي جارفا، فقد هلعت قلوب المصريين، لأن الجريمة ليست من ضمن طبيعة الشعب المصري، يوجد القتل ثأراً أو بسبب خلافات، أما السحل والإحراق أو رمي مياه النار على الوجوه، فهو الجديد الذي أخاف ويخيف الشعب، على كل حال فقد حُكم على الفاعلين وعددهم 23 متهماً بالسجن المشدد، بأنه ضرب أفضى إلى الموت، ثم ظلت ذكرى مذبحة الشيخ حسن ورفاقه الثلاثة تدمي القلوب وتخيف الناس من مصير مشابه، إذا عاد التيار الديني المتأسلم للحكم مرة أخرى.


ثم تكررت الجريمة مرة أخرى، وهي التي صدر الحكم بإعدام فاعليها، أقصد جريمة القتل سحلا وتعذيبا وإحراقا على طريقة داعش، وذلك في 14 آب/ أغسطس 2013 ، بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، قام وهابيون إخوان سلفيون بمحاصرة قسم شرطة كرداسة في محافظة الجيزة وضربوه بالقذائف "آر بي جي" وقنابل المولوتوف وغيرها من الأسلحة التي لا توجد إلا عند القوات المسلحة أو رجال الشرطة، حتى تمكنوا من اقتحام القسم، وقاموا بقتل 17 ضابطا وشرطيا بالآلات الحادة... ثم سحلا وحرقا وتمثيلا بالجثث، وقتل بعض المدنيين الذين حالفهم الحظ التعس أن كانوا يمرون بجوار القسم أثناء المذبحة، ثم وصل الأمر أن قامت سيدة اسمها سامية شنن أن أعطتهم حامضاً مركزاً (ACID)، على أنه ماء عندما طلبوا الشراب قبيل الموت، فماتوا بالحامض قبل أن يموتوا سحلا وحرقا، وصور المذبحة موجودة على youtube، لمن أراد التعرف على توابع المذابح.


من هنا نعتقد أن الإسلام السياسي لا يمكن أن يأت بخير، وأن المنهج السلفي هو المقدمة الأولى للقتل والنفي والمحاصرة، والتعصب الدموي، لأنه يتبع منهجاً وهابياً بفتاواه الدموية القاتلة، وهي الفتاوى التي طبقها داعش عندما سبى النساء وباعهنّ في أسواق نخاسة معاصرة تعتبر عاراً على جبين البشرية، وعندما أحرقوا الطيار الكساسبة وعندما هدموا الأضرحة والكنائس وغيرها، ومن ثم نرى أن الفاشية الدينية تنتمي لميراث لا يمت لا للإسلام ولا لأي دين بصلة، وفي النهاية نردد الآية الكريمة "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، صدق الله العلي العظيم...