ترامب للروس: لا تحاسبوني على ما فعله الكونغرس

يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال تصريحات إدارته أن لا يدفع ثمن قرار الكونغرس ضد روسيا، البلد الذي يريد أن يتعاون معه في ملفات كثيرة، مثل سوريا وكوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي.

هل سيستمر الروس في التعاون مع رئيس يظهر يوماً بعد يومٍ أنه ضعيف داخليّاً؟
لم تكن ساعات قد مرّت على إقرار الكونغرس الأميركي عقوبات جديدة ضد روسيا، حتى صدرت انتقادات واضحة لهذه العقوبات من كل من وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

من جهته، أطلق رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف تصريحات شجب فيها بشدة قرار العقوبات الجديدة، ليسارع ترامب بالمقابل بتأكيده أن توقيعه لقرار الكونغرس يأتي لرغبته فقط بالحفاظ على الوحدة الوطنية، وذلك بعدما أشار إلى أن العقوبات ستضرّ بكل الجهود التي يمكن أن ينتج عنها تحسن ملموس في العلاقات مع موسكو.

لم يكتفِ سيد البيت الأبيض بذلك، بل رأى أن العلاقات بين بلاده وروسيا قد انخفضت إلى "حد الخطورة".

بناء على كل ما سبق، ظهر المشهد السياسي بين أكبر قوّتَيْن في العالم كالآتي:

أوّلاً، قرار الكونغرس يحرم ترامب فرصة قيامه بتحفيف العقوبات المفروضة على موسكو، وقد أتى بنتيجة 419 صوتاً مقابل 3 معارضين. هكذا تم وضع سقف ما لما يمكن للبيت الأبيض أن يفعله لتحسين وضعه مع الكرملين.

ثانياً، لم يكن يرغب ترامب أبداً بعقوبات جديدة على بلد أراد أن يحسّن معه العلاقات الثنائية ليكون شريكه في ملفات عالمية عدة، وهو ما أعلنه منذ ما قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة. وهذه الملفات، تبدأ بسوريا وتمرُّ بكوريا الشمالية لتصل إلى قضية بحر الصين الجنوبي حيث يستعر الصراع على إحدى أهم الطرق التجارية في العالم.

ثالثاُ، بين زيادة حدة المواجهة الداخلية التي يخوضها ترامب منذ دخوله إلى البيت الأبيض (استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين على خلفية قضية التواصل مع الروس، اتهام صهر ترامب بالتواصل مع الروس، إقالة مدير مكتب التحقيقات جيمس كومي وكل ما رافقها من جدل، التلويح بالعزل من قبل الديمقراطيين، فشل الإدارة في تمرير قانون رعاية صحية جديد) وبين الوقوف عند خاطر الروس وحمايتهم من عقوبات جديدة، اختار ترامب الخيار الأول، وهو ما يعكس ضعف ترامب داخليّاً واستعداده للتضحية بما يبنيه مع نظيره بوتين عندما يرى أن سلطته الداخلية باتت تهتز.

للتذكير فقط، الرئيس سابق باراك أوباما الذي لجأ إلى كل السبل الدبلوماسية الممكنة للوصول إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، هدد باستخدام حقه الدستوري بنقض أي قرار من الكونغرس يفرض عقوبات جديدة على إيران تعرّض الاتفاق للخطر. لكن ترامب لم يفعل ذلك مع روسيا. ربما الإحصاءات التي ينشرها تباعا موقع مجلّة نيوزويك عن تراجع شعبية ترامب في الآونة الأخيرة توضح شيئاً من الفرق بين وضع ترامب ووضع أوباما بخصوص القدرة على الدفاع عن خيارات سياسية مهمة.

رابعاً، تصريحات الإدارة الأميركية بعد العقوبات الجديدة من الواضح أنها محاولة لاسترضاء الكرملين والتخفيف من غضبه، والقول بأن الإدارة لا يجب أن تتحمل مسؤولية ما يفعله الكونغرس.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل سيستمر الروس في التعاون مع رئيس يظهر يوماً بعد يومٍ أنه ضعيف داخليّاً؟ أم سيعتبرون أنفسهم في حِلّ من مساعدة من لا يقف في وجه المزيد من الحصار الذي يُفرض عليهم والذي وصفه ميدفيديف بالحرب التجارية الكاملة؟؟