إيلاريون و"الرفاق".. كيف استحضر المطران حرّاس القدس؟
استحضر "حارس القدس" أو شخصيّة المطران كبوجي شخصيات عربية وعالمية نُشرت صورها في مواقع التواصل تحت وسم #حارس_القدس، وكان لها دور فعّال ومواقف وطنية في القضية الفلسطينية.
هذه ليست داراً في فلسطين فحسب، هذه الشاهد والحارس ومرج العينين.
كلّ الَّذين يبيتون على حلم العودة، تصحو عنهم أمّ محمّد في دارها المحاذية للمسجد الأقصى. تدخل إلى مطبخها، وتقف خلف المجلى الذي تمسح فيه الأواني، فتنجلي لمعتها من شمس القبّة المذهّبة. شُبّاك أمّ محمد. هذا ليس تفصيلاً عابراً، أن تقف امرأة في مطبخها. هكذا بهذه "البساطة". تُعدّ الطعام فيما يحاذيها خلف النافذة بيت المقدس. تُلقي عليه نظرات وادعة طوال اليوم وفي عشيّات التضرّع وسكن القلب، نظرات تحرس الحرم فيما تتمتم أدعية حميمة ليحميه من السيّاف والسجّان. شبّاك يقابل قبّة الصّخرة.
منزل أم محمد في #القدس pic.twitter.com/6RZYoTYyP1
— hanaa mahamed (@HanaaMahamed) May 7, 2020
تتحدث أم محمّد عن رغبتها العميقة في البقاء في دارها، وألّا تغادرها لأيّ سبب، فيما يتربّص جنود الاحتلال بالدار ويضيّقون عليها، لكنّها رغم ذلك، تقول إنها تحمي بيتها العامر في القدس، بشبّاك من مطبخها الصغير. تنظر إليه كأنه الأفق أو شمس منفردة أشعّتها على أيامها. بيت يحاذي المسجد والقبّة، وذكريات الراحلين والعابرين والوافدين والمتلهفين، وكل من تمنّي له نفسه أن يحظى بنظرة إلى زهرة المدائن.
وما أشبه أم محمّد بأم عطا! شخصية المرأة المقدسية في مسلسل "حارس القدس"؛ تلك التي جسّدت دور المرأة الفلسطينية التي تأبى التخلّي عن دارها في فلسطين، لئلا يتمادى الاحتلال الإسرائيلي في تعدّيه على وطنها الصغير في وطنها الكبير المسلوب.
هذه الحارسة لبيتها، والواهبة مفتاحه لمن يكمل الطريق، استطاعت والمطران إيلاريون كبوجي، بسيرة نضاله ومقاومته الطويلة، المليئة بالمواقف الوطنية والإنسانية، أن يستحضرا في المسلسل الذي تعرضه "الميادين" في أيام شهر رمضان، فكرة "حرّاس القدس"، بدءاً من "بساطة" بيت أم محمّد، وفتنة نظرها من الشباك إلى مساحة المسجد الأقصى، وعينيها الحارستين للهويّة والتاريخ والذكرى، إلى آخر مناضل ورجل دين ومثقف وسياسيّ ومقاوم مسلّح ومشتبك.
استحضر "حارس القدس" أو شخصيّة المطران كبوجي شخصيات عربية وعالمية نُشرت صورها في مواقع التواصل تحت وسم #حارس_القدس، وكان لها دور فعّال ومواقف وطنية في القضية الفلسطينية.
"كان المطران كبوجي مولعا بشخصية السيد الإمام الخميني (ره) ومن مريديه ومحبا للشعب الإيراني وقائد الثورة الإسلامية في إيران وكانت هذه المحبة من صميم قلبه"
— Hasan Sharafeddine (@H_Sharafeddine) April 28, 2020
صور للمطران كبوجي مع الامام الخميني والسيد الخامنئي في لقاءات جمعتهم في إيران كانت فحواها القضية الفلسطينية.#حارس_القدس pic.twitter.com/2oxQX7GfH7
"إيلاريون"، ومعناه الحارس، لم يقتصر فقط على المطران، بل تعداه أيضاً إلى رموز نذكر منها مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة، ورجل الدين السعودي نمر النمر الذي أعدمته السلطات السعودية بسبب مواقفه المناهضة للمملكة، وقيادات يمنية وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته، ومؤسس حركة المحرومين في لبنان السيد موسى الصدر، والفريق الشهيد قاسم سليماني، والمرشد الإيراني السيد علي خامنئي، والزعيم الكوبي فيديل كاسترو.
الصمت لم يعد ينفع الحياد نوع من أنواع التواطؤ #حارس_القدس pic.twitter.com/U3vxsUMCvo
— Saed Alazzeh (@CheSaed) May 8, 2020
كما نذكر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي يعود اهتمامه بفلسطين إلى فترة مبكرة جداً من حياته العسكرية والسياسية، فبعد صدور قرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، تشكلت لديه قناعة مفادها "أن ما يحدث فى مصر وما يحدث فى فلسطين هو جزء من مخطط استعماري يستهدف الأمة العربية كلها"، وبالتالي فالصراع معها ليس صراع حدود بل وجود.
وكانت حرب فلسطين السبب المباشر الأول للثورة في مصر. هذه حقيقة لا يمكن نفيها، لأنها كانت جزءاً من يوميات جمال عبد الناصر في حرب فلسطين. كتبها بخطّ يده، ونشرت بعد ذلك.
لم يستثنِ عبد الناصر في خطبه الدول العربية المتواطئة مع "إسرائيل" بشكل مباشر وغير مباشر، فقال في العام 1966 متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية: "هل تستطيع الرجعية الحاكمة في السعودية أن تقمع الآمال المشروعة والأحلام الجياشة في صدور الآلاف من شباب شبه الجزيرة العربية؟ أبداً! (...) ولاحظنا في الفترة الأخيرة تعاوناً بين الرجعية العربية وقوى الاستعمار، وأن هناك تعاوناً وتضامناً بينهم للعمل ضد القومية العربية وقوى الثورة والتحرر العربي.. وصفقات السلاح المشبوهة التي تستهدف العرب ولا تستهدف أعداء العرب، فالذي يسلح "إسرائيل" نفسه من يسلح السعودية والدول الرجعية الموجودة في المنطقة. وأنا لا أتصور بأي حال من الأحوال أن تحارب السعودية في فلسطين وفيها قاعدة أميركية وبريطانية".
«يوم وفاة جمال عبد الناصر في 28 أيلول/سبتمبر عام 1970 توجه المطران ايلاريون كبوتشي إلى جميع الأساقفة في القدس طالبًا منهم رفع الأعلام السود فوق مقارهم، وقرع الأجراس في أثناء جنازته».#حارس_القدس pic.twitter.com/39ehpEqQ7r
— عباس محمد الزين (@AbbasAlzein) May 3, 2020
واستحضر وسم #حارس_القدس أيضاً صوراً للسيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي عرف في خطبه حول القدس كيف يُعيد ترتيب الأولويات في المشهد العربي العام، إذ كان يدرك خطورة نسيان القضية بالتقادم، وصولاً إلى قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول "صفقة القرن".
حُرَّاس القدس وكلّ محور المُقاومة.❤#حارس_القدس pic.twitter.com/loltaHKOOo
— هادِي 🇵🇸 (@h__adi) May 9, 2020
ترتيب أولويات الصراع لدى القادة يختلف بينها وبين الناس العاديين، لأن الأخيرين لا يملكون السلطة والقرار، لكن السيد نصر الله لا يخاطب القادة ولا الرؤساء ولا السياسيين وزعماء الأحزاب الذي تخاذلوا، بل يخاطب الناس العاديين.
ليس هذا فحسب، بل يراهن عليهم، ويضع كل الأمل فيهم بالتغيير وإعلاء الصوت "بأضعف الإيمان". يعرف قدرة الشعوب على التأثير، لأنها تحكي انطلاقاً من إيمان شخصي بالقضية، لا من مصالح ومهادنة أطراف آخرين، فمصلحة الشعوب في فلسطين فردية بالدرجة الأولى. هي الحرية المنسحبة على الحكومات العربية الراضخ بعضها لـ"سلام" مع "إسرائيل"، والكرامة الشخصية والتاريخ المشترك والحق والعودة.
أنا إيماني يقول لي: "أن الإلتزام معه هو بداية الطريق إلى الله، والله هو الحق. | #حارس_القدس pic.twitter.com/F1Jv7PWu7R
— Hiba البنّي (@hiba429) May 11, 2020
السيد نصر الله الذي غرق في تاريخ هذا الشعب المقاوم، وكان من مؤسّسي المقاومة في لبنان، التي كان هدفها الأول والأخير تحرير كل شبر من لبنان وصولاً إلى فلسطين، يجيب السائل عمّا إذا كنّا سنصلي في القدس يوماً: "لديّ يقين بذلك".