حدّثهم يا محمّد وأنت مرفوع كيف رأيت الله
لا موت لأهل غزة، هؤلاء ينبت فيهم المقاتل تلو المقاتل، كلما زفت شهيداً مشت خلفه آلاف الأرواح الباذلة. تلك التي "أنسنت" الموت في درب الجهاد، وشرّعت لفلسطين كل أسباب الحياة.
لا موت لأهل غزة. هكذا تُخبرنا مشهديّات الوافدين إلى موطئ دبابات المحتلّ. وهكذا تنبت سنابل الأرض من دماء المقبلين على الشهادة. لا موت لأهل غزة. ليس الرصاص ما يُطفئ أرواحاً هائجة للمقاومة، ولا رفع الجثث على الجرافات شواهد العدم. إنما الموت محشور في نفَس القاتل المقترب من الزناد مصوّباً رصاصه ناحية وجودهم وصدورهم.
لا موت لأهل غزة، هؤلاء ينبت فيهم المقاتل تلو المقاتل، كلما زفت شهيداً مشت خلفه آلاف الأرواح الباذلة. تلك التي "أنسنت" الموت في درب الجهاد، وشرّعت لفلسطين كل أسباب الحياة، إذ لا يُقابل الوحش بسلام يزعمونه خياراً يطفئ حرارة الغضب الدفين. هؤلاء حرّفوا صوغ السماء للعدالة، لم يدقّوا المسامير في نعش المسيح بل الخناجر، أعادوا صلبه آلاف المرات، رشقوا محمداً بالحجارة، وعابوه القتال.
لا موت لأهل غزة. "أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ" كيف يلوّح شهيد خانيونس اليوم، محمد علي الناعم، بيد الله مرفوعاً على أسنّة جرافة الاحتلال؟ أليس الشهيد يشبه بموته أسلافه، وكذا رُفع رأس الحسين على الرماح وظلّ شامخاً يطوف حوله كلّ أحرار العالم؟ "ألست الحسين بن علي وفاطمة؟/ لماذا الذهول؟/ تعلمت منك ثباتي وقوة حزني وحيداً/ وكم كنت يوم الطفوف وحيداً/ ولم يك أشمخ منك وأنت تدوس عليك الخيول/ من بعيد رأيت - ورأسك كان يحز - حريق الخيام/ على النار أسبلت جفنيك حلماً/ بكى الله فيك بصمت وتم الكتاب/ فدمعك كان ختام النزول (مظفر النواب)".
أليست دماء الأحرار في كل الأرض على الله عزيزة؟ أليست مشهديات غزة والمرفوعون فيها على أكتاف المشيّعين موصولة دماؤهم من الفرات إلى فلسطين من نهرها إلى البحر؟
أليس الظلم واحداً في أرض لا يعرف المفسدون فيها غير لغة البنادق والقتال والجهاد وبحبل الخلاص الموصول لا بالأرحام وحسب بل بالأرض المستباحة؟
حدّثهم يا محمد وأنت مرفوع على الأسنّة كيف رأيت الله، حدّثهم عن الموت الذي شاخ في خضرة الأرض التي روتها دماؤك المتساقطة. حدثهم عن ألق الأرض المحررة التي رأتها عيناك في بيت عدالة السماء. حدّثهم أن فلسطين لنا، وأنّا لها عائدون.