قتلة أطفال الفلسطينيين.. تفضحهم شهادات أطباء شرفاء

أساتذتنا الّذين علمونا في مدارس المخيمات ضخّوا المعلومات التي تعرّفنا بفلسطين وتاريخها وأهمية جغرافيتها.. وأننا نحن جيل التحرير والعودة، وأننا يجب أن لا ننسى.. وهكذا، ونحن نكبر، كان وعينا بقضيتنا ودورنا يكبر معنا.. وتكبر أحلامنا بالتحرير والعودة.

0:00
  • عدونا يعمل على قطع نسل عرب فلسطين، فماذا يريد؟
    عدونا يعمل على قطع نسل عرب فلسطين، فماذا يريد؟

راهن مؤسسو الكيان الصهيوني بعد احتلال مدن وقرى فلسطينيّة وإعلان (دولتهم) التي كانت مؤسساتها جاهزة برعاية بريطانيا (المنتدبة) على فلسطين رهاناً برهن على جهلهم بتاريخ فلسطين وانتسابها وموقعها في قلب الوطن العربي الكبير الذي يربط بين المشرق والمغرب العربي بين آسيا العربية وأفريقيا العربية، وأطلقوا مقولتهم المطمئنة لأنفسهم كلصوص: الكبار سيموتون والصغار سينسون!

اطمأن مؤسسو الكيان الصهيوني وهم يرون من شُرّدوا وباتوا تحت الخيام إلى أن مقولتهم بمنزلة حكم مُبرم على شعب الخيام، وخصوصاً أن اسم فلسطين بعد إعلان اسم الكيان مقترناً بصفة (دولة) قد حُذف بتواطؤ (عربي) رسمي، وبتقاسم أرض فلسطين، وبتحويل الفلسطينيين إلى رهائن في أماكن متباعدة متنافرة متصارعة أنهكت الفلسطينيين ويأستهم وواصلت الكذب المفضوح عليهم...

مبكراً جداً افتضحت مخططات العدو الصهيوني والدول العربية المتنافرة المستهدفة للفلسطينيين ودورهم في تحرير وطنهم ورفض اللجوء، فعمل الفلسطينيون على زرع فلسطين في نفوس أبنائهم وبناتهم، بتعريفهم بنسبهم بمخاطبتهم أفراداً وجماعات تحت الخيام وفي المدارس التي بدأوا رحلتهم التعليمية فيها تحت الأمطار التي تخترقها، فسقوف الخيام لا تحمي من برد الشتاء أو شدّة حرارة الصيف.

عرفنا مبكراً، نحن جيل النكبة الأوّل من أي القرى أو المدن نحن، ولماذا نحن تحت الخيام، ومن الذين شردنا، من هم ومن أين جاءوا، ومن تآمر، ومن تواطأ، ومن يعمل على أن ينسينا وطننا بالقوة والتخويف أو الشراء.

أدى الآباء والأمهات والأجداد والجدات دوراً عظيماً بتعريفنا بقرانا وبحقولنا، بتيننا وزيتوننا وقمحنا وشعيرنا وبالبرتقال الذي كان يأتي لأهلنا من مدننا الفلسطينية الساحلية، وبأن الإنكليز حلفاء (لليهود)، وهم سلّحوا ودرّبوا أعداءنا ومكّنوهم من الاستحواذ على قرانا ومدننا، وأن بعض مدن وقرى فلسطين ما زالت عربيّة فلسطينيّة، وكان يجب أن تتواصل مقاتلة اليهود الغزاة حتى يطردهم شعبنا مع الإنكليز.. فلا نبقى لاجئين تحت الخيام.

أساتذتنا الّذين علمونا في مدارس المخيمات ضخّوا المعلومات التي تعرّفنا بفلسطين وتاريخها وأهمية جغرافيتها.. وأننا نحن جيل التحرير والعودة، وأننا يجب أن لا ننسى.. وهكذا، ونحن نكبر، كان وعينا بقضيتنا ودورنا يكبر معنا.. وتكبر أحلامنا بالتحرير والعودة.

نعم، مات كثيرون من جيل الكبار، ولكن الصغار جيلنا، والأجيال التي تلاحقت، لم ينسوا. وحيثما توجهوا إلى العمل في بلاد العرب كأساتذة وموظفين مهندسين وإداريين، كان همهم الدائم الذي حرصوا على ضخّه في العقول والنفوس والضمائر الوعي بعروبة فلسطين كقضية جامعة الانتصار لها هو طريق وحدة ونهوض العرب كأمة ترفض الاحتلال، والإقليمية وكل مستتبعاتها التي هي سر ضعف الأمة وتفككها وتبعيتها.. ومن قبل ومن بعد: دولة الكيان الصهيوني خطر داهم على كل الوطن العربي القريب منها والبعيد عنها، فالخطر واصل إليها لا محالة. 

 لجأ الصهاينة إلى قتل أطفال الفلسطينيين عندما اكتشفوا أن مقولتهم بأن الصغار سينسون كانت مجرّد وهم. قرروا قتل الأطفال لردعهم بجرائم مفتعلة تخيفهم وتدفع ذويهم إلى ردعهم حرصاً عليهم، وطالت جرائم الاحتلال الصهيوني أطفال لبنان مع تصاعد المقاومة اللبنانية والفلسطينيّة.. نسأل: من ينسى مذبحة بحر البقر في مصر التي حصدت أرواح الأطفال وهم في صفوفهم يتلقون التعليم، وذلك إمعاناً في تيئيس مصر التي كانت تخوض حرب الاستنزاف رداً على هزيمة حزيران؟!

أصيب الكيان الصهيوني وقادة كيانه وجيشه بالجنون وفقدان التوازن بعد انفجار (طوفان الأقصى) الصاعق، فجيشهم وكيانهم اعتاد الحروب الخاطفة المطمئنة لمجتمعه اللمم من كل أركان الدنيا، والتي تدور على (أراضي) الآخرين، والذين يُهزمون بسرعة، وينتشون بانتصاراتهم التي لا تكلفهم سوى القليل من الخسائر وتوسّع كيانهم في أراضٍ جديدة.

في الحرب التي فاجأت جيشه بعد فجر 7 تشرين الأوّل 2023 ووجهت إلى رأسه لطمات هزّته وبددت ثقة مجتمعه وأيقظته على حرب ما بعد الطوفان المختلفة عن الحروب السابقة، ومع خساراته المتلاحقة، لجأ إلى تدمير البيوت والبنايات والأحياء ومدن قطاع غزّة. وعندما يئس "جيش" الانتصارات السريعة الرخيصة التكلفة، أسقط صواريخه وقذائف دباباته على رؤوس من باتوا يعيشون في العراء من نساء وأطفال وكهول يعجزون عن التنقل طلباً للسلامة، وصبّ جنونه على الأطفال وأمهاتهم، ولم يكن مستغرباً أن نرى جثة أم وهي تحتضن طفلها أو طفلتها ويموتان معاً...

لم يكتفِ العدو بالصواريخ والقنابل الأميركية المُدرة، فلجأ إلى (سلاح) التجويع المقصود والعقابي الذي استهدف الأطفال بمنع حليب الأطفال عنهم وحرمانهم من الدواء ومطاردة الأطباء لحرمان الأطفال من العلاج، بعدما يئس من ركونه إلى أن أطفال الفلسطينيين سينسون، فاكتشف أنهم يقاومون لتحرير فلسطين جيلاً بعد جيل، فقرر قتلهم قبل أن يكبروا ويعرفوا أنهم ينتسبون إلى فلسطين، فيكون خيارهم الحتمي هو المقاومة حتى التحرير التام.

قبل أيّام، دوّت تصريحات طبيب يهودي أميركي عنده ضمير هو الدكتور مارك برلموتر الذي زار قطاع غزة. وبعد مغادرته، صرّح لفضائية أميركية هي "سي ب س" بما يلي: "لدينا مستندات تثبت قتل الأطفال عمداً". وأضاف: "لم أشاهد في حياتي أطفالاً مُقطعين ومُصابين كما شاهدت في قطاع غزة. الجيش قنص أطفالاً بصورة متعمدة".

وأضاف مؤكداً: "رأيت أطفالاً استهدفوا برصاص قناصة حتى الموت. الجيش قنص أطفالاً بصورة متعمدة. ولدينا مستندات تثبت حالات الاستهداف الممنهج لقتل الأطفال. لقد شاهدت في أسبوع واحد أكثر مما شاهدت في حياتي كلها".

هذا بعض ما جاء في شهادة الدكتور اليهودي الأميركي الذي عنده ضمير. لذا، أزعج "جيش" الاحتلال والقادة الصهاينة، فردوا بمواصلة قتل الأطفال والمزيد من التجويع والحرمان من الدواء.

ينكر قادة الكيان الصهيوني اللمم أن الفلسطينيين ليسوا شعباً. من قبل، أنكرت غولدا مائير أن الفلسطينيين شعب. أمّا هم، اليهود الصهاينة، فيدّعون أنهم كانوا في فلسطين قبل 2000 سنة، وأنهم وعدوا بأرض فلسطين، فما العمل مع هؤلاء الأدعياء، ومن زرعوهم في أرضنا، ومن يسلحونهم، ومن يحرسون لهم الحدود، ومن يُطبعون معهم استرضاء لأميركا؟!

لقد تابعت تصريحات ذلك الطبيب الأميركي اليهودي النزيه مارك برلموتر التي أثارت ضجّة فضحت وحشية جيش العدو وتعمده قتل أطفال الفلسطينيين وإبادتهم عمداً من قناصته. ولو لم يكن يهودياً، لما انزعج جيش الكيان وقادة الكيان من تصريحاته، والذي يضاعف رد الفعل عليه أنه أميركي!

هذا بعض مما صرّح به الطبيب الأميركي اليهودي الذي يملك ضميراً مهنيّاً وإنسانيّاً، فبماذا ردّ الناطق بلسان "جيش" الكيان الصهيوني: نحن لا نستهدف الأطفال في المعارك، ونرفض هذه الادعاءات! وواصلوا التدمير وقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم.. وهذه الجرائم البشعة غير مسبوقة في كل الحروب التي عرفتها البشريّة من قبل.

عدونا يعمل على قطع نسل عرب فلسطين، فماذا يريد؟ وعلى ماذا يعمل حكّام دول يفترض أنها عربيّة بفرحهم بمذبحة تستهدف كل عرب فلسطين، وفي مقدمتهم الأطفال، قتلاً بالقنص وتجويعاً وحرماناً من الدواء والحليب، بهدف القضاء على نسلهم وعلى الأمهات اللواتي ينجبنهم؟!

نحن نعرف الجواب. وبقي أن يعرفه كل عربي و(مسلم) وإنسان في هذا العالم الذي يشهد المذبحة. ولا بُدّ من أن يكون شعار كل شرفاء العالم: فلسطين من النهر إلى البحر، فالكيان يجب أن ينتهي حتى تنتهي شروره على العالم.  

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.