الاتفاق الإثيوبي الإثيوبي وأسئلة المستقبل

على الرغم من الترحيب الإقليمي والدولي بالاتفاق الإثيوبي الّذي أكّد أهلية الاتحاد الأفريقي لحلّ النزاعات والصراعات الأفريقية، تبرز أسئلة سيجيب عنها الزمن وقدرة الطرفين على تنفيذ ما اتفقا عليه.

  • الاتفاق الإثيوبي الإثيوبي وأسئلة المستقبل
    الاتفاق الإثيوبي الإثيوبي وأسئلة المستقبل

مطلع هذا الشهر، أبرمت الحكومة الإثيوبية اتفاقاً مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي يُنتظر أن يطوي صفحة الحرب التي امتدت عامين كاملين بين إقليم تيغراي والحكومة المركزية في إثيوبيا.

تضمّن هذا الاتفاق 12 بنداً مرتبطاً بأمن الطرفين. ومن أبرز هذه البنود: وقف الأعمال العدائية بينهما، واستئناف تقديم المساعدات الإنسانية لإقليم تيغراي، واستعادة الخدمات الأساسية للإقليم، ونزع السلاح بصورة منهجية ومنظمة، واستعادة القانون والنظام الدستوري فيه عبر التمسك بدستور جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفيدرالي، وسحب القوات الأجنبية. وشمل الاتفاق أيضاً تشكيل إطار عمل لتسوية الخلافات السياسية، وإطار آخر لوضع سياسة العدالة الانتقالية لضمان المساءلة والمصالحة.

تمّ هذا الاتفاق في بريتوريا في جنوب أفريقيا برعاية الاتحاد الأفريقي، الذي أوكل مهمة رئاسة لجنة الوساطة بين الطرفين إلى الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، وبمشاركة حميدة من الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، إلى جانب فوموزيل ملالمبو؛ نائبة رئيس جمهورية جنوب أفريقيا السابقة.

من ينظر إلى هذا الاتفاق يلحظ أنه تأسّس على قاعدة رابح رابح، إذ ربح الطرفان عودة السلام إلى إثيوبيا بعد عامين على الحرب التي راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى ومئات الآلاف من النازحين واللاجئين، ويلحظ كذلك أنه خاطب أساس المشكلة التي أدت إلى هذه الحرب، وهو تخلي الحكومة الإثيوبية عن فكرة الفيدرالية الإثنية التي تأسس عليها الحكم على المستوى الإقليمي، ومنحها كلّ إثنية حقّ حكم إقليمها من جهة، وفكرة الشراكة الإثنية على مستوى الحكم الاتحادي من جهة أخرى.

ومثلما حققت نصوص الاتفاق هدف الحكومة الإثيوبية في تعزيز السلام عبر تجريد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من سلاحها، فإنّ الاتفاق حقَّق للأخيرة أهدافاً ظلَّت تسعى لها طوال فترة الحرب، مثل سحب القوات الأريترية وقوات إثنية الأمهرة وقوات الإثنيات الأخرى التي تعاونت مع الحكومة في الصراع مع تيغراي، إلى جانب تحقيق أهداف أخرى ورد ذكرها آنفاً.

وعلى الرغم من الترحيب الإقليمي والدولي بهذا الاتفاق الَّذي أكّد أهلية الاتحاد الأفريقي لحلّ النزاعات والصراعات الأفريقية، تبرز أسئلة سيجيب عنها الزمن وقدرة الطرفين على تنفيذ ما اتفقا عليه.

السؤال الأول من هذه الأسئلة يتّصل بدولة أريتريا التي شارك نظام الحكم فيها في هذه الحرب، ومدى التزامها هذا الاتفاق، وخصوصاً أنها شاركت في هذه الحرب، كما زعم نظامها، لحماية النظام من خطر تيغراي، ولهدف لم يُعلن عنه، ويتصل بأطماعها الإقليمية وبمشروع كونفيدرالية القرن الأفريقي، وكيفية تصرف إثيوبيا مع أريتريا في حال عدم سحب قواتها من إقليم تيغراي واعترافها بهذا الاتفاق.

أما السؤال الثاني، فهو يدور حول مدى قدرة الحكومة الإثيوبية ورغبتها في التزام تطبيق دستور جمهورية إثيوبيا الاتحادية لعام 1996، وبشكل خاصّ فيما يتعلق بحقّ الأقاليم في حكم ذاتها بذاتها، وحقّها في المشاركة في السلطة الاتحادية وفق معادلة منصفة، وكيفية تعاطيها مع الحقّ الَّذي منحه هذا الدستور لتلك الأقاليم في تقرير مصيرها، إما بالبقاء ضمن دولة إثيوبيا الموحدة، وإما بالانفصال عنها وتأسيس دويلات جديدة في ظل وجود نزعات انفصالية عند بعض الإثنيات والأقاليم، ومن بينها إقليم تيغراي.