يا غضب التاريخ… إن لم نواجه المشروع الإسرائيلي!
التاريخ لا يرحم المتقاعسين. وإذا كان الخجل يملأ وجوهنا اليوم، فعلينا أن نحوّله إلى غضب خلاّق، وإلى ثورة وعي وبناء.
-
التاريخ لا يرحم المتقاعسين.
ليست الهزيمة قدراً، ولا الضعف قدراً، ولا الصمت قدراً. فالأمة التي أنارت العالم بحضارة امتدت من الأندلس حتى تخوم الصين، قادرة اليوم أن تعود لتكتب تاريخها بمداد العزة لا بدموع الانكسار.
في غزة يموت الأطفال جوعاً وقهراً أمام أنظار العالم، وفي لبنان وسوريا تستبيح "إسرائيل" الأجواء، وتقصف يميناً وشمالاً من دون الاكتراث لأحد بينما تقف دولة جنوب أفريقيا – لا العواصم العربية – في ساحات القضاء الدولي، لتفضح نتنياهو ورغبته بتدمير المنطقة والسيطرة المطلقة عليها.
أي مفارقة أكبر من أن يتحرك الآخرون دفاعاً عن الحق، فيما أصحاب الحق غارقون في صراعاتهم الصغيرة وحساباتهم الضيّقة والخوض في نيران الفتنة التي لن تحقق شيئاً سوى تمزيق شعوبنا وأوطاننا إلى أشلاء؟
إن هذا العجز ليس إلا جرس إنذار: إمّا أن ننهض، أو نموت أحياءً على هوامش التاريخ. فالمعادلة أوضح من أن تُخفي الخلافات السياسية وضعف الرؤية والابتعاد عن جوهر ما نواجهه من مخاطر.
لذا، من الواجب علينا أن لا نبرّر ابتعادنا عن القضية الأساس، وهي الحفاظ والدفاع عن أوطاننا.
والعداء لأي حركة أو نظام يبرّر الصمت على الاحتلال والتجويع والانتهاك والتنكيل، إذ إن من يتغاضى عن جرائم "إسرائيل" أو يبرّرها، شريك صريح في الجريمة.
"إسرائيل" لم تعد تخفي مشروعها. قالها نتنياهو وبعض أعضاء حكومته بشكل واضح وصريح. حدودها لا تتوقف عند فلسطين، بل تمتد بخطوط أطماعها لتبتلع لبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية والكويت والعراق وتركيا أيضاً. الخرائط تُرسم بدمنا، والعرب مهدّدون بأن يُغرقوا مجدداً في وعود كاذبة كتلك التي باعوهم إياها بعد الحرب العالمية الأولى.
لكن، هل نقبل أن نكون محكومين بالهزيمة، مع أن النصر ليس مستحيلاً، إن أصبح مشروع أمة:
كلمة موحّدة تعيد اللحمة بين الشعوب، ونهضة فكرية تنقذ العقل العربي من الاستسلام واللا جدوى.
وتحالفات جديدة مع أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، وأصوات حرة في هذا العالم كفيلة على الأقل بأن توقف هذا المشروع قبل أن يبددنا جميعاً.
مع امتلاك مفاتيح المستقبل من علم وتكنولوجيا وذكاء اصطناعي، حتى لا نبقى أسرى استيراد القوة من الخارج.
إن التاريخ لا يرحم المتقاعسين. وإذا كان الخجل يملأ وجوهنا اليوم، فعلينا أن نحوّله إلى غضب خلاّق، وإلى ثورة وعي وبناء. فالأمة التي تستيقظ على خيبة متأخرة لا تموت ولا تُهزم، بل تخرج من المحنة أكثر صلابة، وأقدر على كتابة صفحة جديدة من صفحات العزّة والكرامة.