السماء المفتوحة... هل تُستخدم شبكة الإنترنت الفضائي لخدمة المسيّرات المعادية؟
الدرون الإسرائيلي لا يحتاج اليوم لهوائيات ضخمة أو طائرات وسيطة لبثّ المعلومات. بات يكفيه أن يمرّ فوق أراضٍ خالية أو مأهولة، ليتصل بخدمة أقمار صناعية مفتوحة "بفضل القيّمين".
-
السماء ليست مفتوحة فقط للطيران… بل أيضاً للتجسس (أرشيف).
بينما كانت الحكومة اللبنانية تُعلن بفرح و"إنجاز تقني" توقيعها عقداً مع إحدى الشركات العالمية لتوفير الإنترنت الفضائي عبر شبكة Starlink أو أنظمة LEO للأقمار الصناعية، كانت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المعادية من طراز Hermes 900 تُحلّق في الأجواء اللبنانية، ترصد وتصوّر وتجمع بيانات استخبارية دقيقة عن البنية التحتية والمواقع الحيوية، وربما حتى عن الأفراد.
ما لم يُقل في المؤتمرات الصحفية، هو أنّ هذه الدرونات قادرة على استخدام الشبكات ذاتها – التي أدخلناها طوعاً إلى فضائنا – لتُرسل ما تلتقطه مباشرة إلى غرف العمليات العسكرية في "تل أبيب".
تحقيقٌ تقني أولي يشير إلى أنّ الدرونات من نوع Hermes 900 الإسرائيلية تستخدم نظامين رئيسيين لنقل البيانات:
1. الأقمار الصناعية العسكرية الخاصة بـ "إسرائيل" (SATCOM)
2. شبكات الإنترنت الفضائي من نوع LEO مثل Starlink، والتي تسمح ببثّ البيانات مباشرة من الدرون إلى محطات الاستقبال عبر شبكة "Mesh" فعّالة تغطي ارتفاعات تصل إلى 550 كم.
المخيف في الأمر أنّ طائرات Hermes لا تحتاج حتى إلى طيران على ارتفاعات شاهقة لتتمكّن من الاتصال بهذه الشبكات. بل، وفق تحليل صور متعدّدة، فإنّ بعض الرحلات تمّت على ارتفاعات قريبة نسبياً، ما يعني أنّ الاتصال بشبكة Starlink في تلك الحالات ليس فقط ممكناً، بل هو مُرجّح.
وهنا تُطرح علامات استفهام خطيرة:
- هل قامت الحكومة اللبنانية، عن قصد أو عن جهل، بتسهيل بنية تحتية رقمية يمكن للعدو استخدامها ضدّ مصلحة الدولة؟
- هل تمّ تحليل المخاطر السيبرانية والاستراتيجية قبل توقيع العقد مع شركة تقدّم خدماتها من دون رقابة محلية كافية؟
- من يراقب كيفيّة استخدام هذه الشبكات ضمن الأراضي اللبنانية؟ وهل هناك ضمانات حقيقية بعدم اختراقها عسكرياً؟
الدرون الإسرائيلي لا يحتاج اليوم لهوائيات ضخمة أو طائرات وسيطة لبثّ المعلومات. بات يكفيه أن يمرّ فوق أراضٍ خالية أو مأهولة، ليتصل بخدمة أقمار صناعية مفتوحة "بفضل القيّمين"، ويرسل آلاف الصور وبيانات الخرائط الحرارية والتقاطات الـSIGINT وCOMINT إلى غرفة عمليات معادية.
ما جرى في الجنوب اللبناني في السنوات الأخيرة يُثبت أنّ "إسرائيل" لا تضرب من دون عين، ولا تجمع من دون نيّة. والخطر التقني لا يقلّ فتكاً عن المدفع والصاروخ.
هل ندرك حجم الثغرة؟ أم سنبقى نُهلّل لكلّ ما يُسمّى "إنترنت سريع"، ولو كان ثمنه أمننا الوطني؟
السماء ليست مفتوحة فقط للطيران… بل أيضاً للتجسس.