في ليلة اقتحام المسجد القبلي.. عَاقبوهم بمثل ما عُوقبتم به

مهما كانت المبررات، ليس هناك مبرر مقنع لعملية الاقتحام هذه سوى أنها تنمّ أيضاً عن عبث الصهاينة بالمقدّسات الإسلامية واستخفافهم بالدين الإسلامي.

  • مرابطون يرددون هتافات في المسجد الأقصى بالقدس 5 نيسان/ أبريل 2023 (أ ف ب).
    مرابطون يرددون هتافات في المسجد الأقصى في القدس 5 نيسان/ أبريل 2023 (أ ف ب).

يبدو أنَّ الاحتلال الصهيوني مصرٌّ على مواصلة جرائمه البشعة، وخصوصاً بعدما وافق الكنيست الصّهيوني على تشكيل الحرس الوطني بزعامة بن غفير المتطرف، رغم معارضة أوروبا وأميركا وكلّ المجتمع الدولي لما يفعله "جيش" الاحتلال.

ويبدو كذلك أنه متعطّش للجريمة كلما سنحت الفرصة لارتكابها من دون وجود أيِّ رادع يردعه، فما قام به في رحاب المسجد الأقصى جريمة بشعة ينبغي التصدي لها بكل السبل والوسائل حتى لا تتكرر، فما معنى أن تُقدم قوة صهيونية مع سبق الإصرار والترصد على اقتحام المسجد القبلي، وتُخرج المعتكفين منه بالقوة، وتعتدي على الأبرياء والمصلين بالضرب المبرح من دون وجه حق، ومن دون مراعاة لحقوق الرجال والنساء الذين يتعبدون داخله؟

إقدام هذه القوة على هذا الفعل يعدّ تعدّياً سافراً على المسجد الأقصى المبارك، وجريمة بشعة بحق المعتكفين الذين لا يحملون سلاحاً ولا حجارة، بل كانوا يعبدون الله تعالى. وما قامت به هذه القوّة الصهيونية، بإيعاز من قياداتها المتطرفة، ليس إلا إرهاباً وجرماً كبيراً بحق الإنسانية أولاً، ثم بحقّ المسلمين، لا ينبغي السكوت عنه أو تجاوزه من دون إفهام هذه القوة وغيرها بأن عليها احترام من كان داخل المسجد الأقصى من المصلين.

كيف تقوم هذه القوة بإفزاعهم وإرهابهم بهذه الطريقة الوحشية المنفّرة، كأنها تحارب جيشاً مدجّجاً بالسلاح! لقد دخلت بلباسها العسكري وسلاحها الناري وهراواتها وعصيها لتفزع مصلّين آمنين داخل المسجد القبلي وتروّعهم في ظلمات الليل الساكن، وتُحدث إرباكاً في صفوفهم، وتقطع عنهم عباداتهم وتواصلهم بالله العظيم، فهل ذلك من فعل العباد العاقلين؟

إنه فعلٌ مجنون ينمّ عن شخصيات مضطربة، مثل ابن غفير وغيره، ممن أصدروا الأوامر بالاقتحام في ليلة رمضانية جميلة، فماذا سيفعل في العشر الأواخر منه، حينما تتدفق جموع المصلين نحو المسجد الأقصى المبارك وتكسر شوكة المحتل الصهيوني؟ 

مهما كانت المبررات، ليس هناك مبرر مقنع لعملية الاقتحام هذه سوى أنها تنمّ أيضاً عن عبث الصهاينة بالمقدّسات الإسلامية واستخفافهم بالدين الإسلامي، لكن من يوقف هذه الأعمال الاستفزازية الصهيونية التي تستمر في كل مرة، والتي لم تضع الدول الكبرى حدّاً لها؟ ومن يوقف هذا العبث الذي تقوم به هذه القوات ضد مُسالمين وشعب أعزل يتعبّد في بيت الله الحرام؟

هذا العمل الشنيع دانته كلّ الأطراف في العالم، المسلمة وغير المسلمة، وأصدرت بيانات مختلفة تدين اقتحام الأماكن المقدسة، وتطالب باحترامها وعدم تدنيسها في أيِّ حال من الأحوال، واحترام من فيها من المتعبّدين، كما أن المسلمين مطالبون في كل مكان باحترام الشرائع الأخرى، هذا ما يجب أن يكون في العلاقات بين الشرائع السماوية، لكن الإسلام أباح أن يعاقب المسلم غيره بمثل ما عوقب به بنصِّ الآية الكريمة: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ}. 

إنَّ الصهيونية حركة مدمّرة وعبثية تدعو إلى الفوضى، وتنهج نهج الاعتداء السافر بالقوة الغاشمة، ولا تعرف معنى السلام، لأنها متعطشة دوماً إلى الدماء، ولا تعرف معنى احترام المقدسات، لأنها حركة بعيدة عن الروحانيات، وكلها عبث وتطرّف وانتهاكات وفوضى عارمة.

الشعب الفلسطيني الصابر الصامد في فلسطين لن يترك بن غفير يفعل ما يشاء، بل سيدعو إلى النفير إلى المسجد الأقصى الشريف لإيقاف الاعتداء على المصلين وعلى المسجد القبلي الشريف وإبعاد الصهاينة ومنعهم من الدخول إلى باحات المسجد الأقصى ومرافقه الشريفة.

ومن هذا المنبر، أدعو جميع المسلمين في العالم، وبناء على مبدأ المعاملة بالمثل، إلى أن يقتحموا معابد اليهود في كل مكان من العالم الإسلامي، ويخرجوهم من معابدهم أذلاء، كما يفعلون بأهلنا في القدس الشريف، حتى ترتدع "دولة" الاحتلال.

ومن بين هذه المعابد، معبد الغريبة في جزيرة جربة، فلا يحل لليهود أن يبقوا هناك آمنين، فيما ينشرون الرعب في قلوب الفلسطينيين الآمنين في المسجد الأقصى الشريف، حتى تكفّ "دولة" الاحتلال عما تقوم من استفزاز كبير وعبث طويل الأمد، لأنها في كل رمضان تبحث عن الاستفزاز، ولا شيء غير الاستفزاز والاعتداء الصارخ على شعبنا الفلسطيني الأبي الشجاع.