انهيار "إسرائيل" لم يعد "مبالغة حماسيّة"

جاء مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة وإخراج ضابط آخر من المعركة بجروح خطيرة في جباليا شمالي قطاع غزة ليؤكّد المؤكّد ويثبتت أنّ المقاومة اشتدت صلابة وفاعلية باستشهاد قائدها.

  • حيفا تحت النار.
    حيفا تحت النار.

يعيش الكيان حالة من عدم اليقين بعد استشهاد القائد السنوار، والنشوة بالظفر التي انتابت قياداته انتهت سريعاً إلى حفرة عميقة من الإحباط وخيبة الأمل بحكم النتائج التي انتهت إليها بعد أيام قليلة من الحدث. وصور السنوار التي نشرها الإعلام العسكري الصهيوني لنهايته المشرّفة، عزّزت صورته كبطل، وأكدت أنّ "إسرائيل خسرت حرب الدعاية التي تراهن عليها" كما قالت "نيويورك تايمز". فقد دخل الكيان في نفق جديد من المعاناة والدم.

ولقد جاء مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة وإخراج ضابط آخر من المعركة بجروح خطيرة في جباليا شمالي قطاع غزة ليؤكّد المؤكّد ويثبتت أنّ المقاومة اشتدت صلابة وفاعلية باستشهاد قائدها، على عكس ما توقّعته تبجّحات نتنياهو وقادة "جيشه". ولم يكن هذا مفاجئاً للمراقبين حيث إنّ كثيراً من عمليات استهداف القادة كانت تؤدي إلى نتائج عكسية وغير محسوبة. وتجربة حزب الله بعد استشهاد القائد السيد عباس الموسوي في 16 شباط/فبراير من العام 1992 أفضت إلى نتيجة معاكسة لتمنيات العدو.

فقد تولى بعده السيد الفريد حسن نصر الله مسؤولية قيادة الحزب وقاده لمدة 32 عاماً بمهارة وفعّالية استثنائيتين جعلتا الصهاينة يندمون على الاغتيال.

وهذا ما لا بدّ أنه ينتظرهم الآن بعد غياب القائد السنوار. وبالفعل فقد نشرت شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية عن ضباط استخبارات أميركيين حاليين وسابقين، أن حماس لا يزال لديها آلاف المسلحين على الأرض، وأنها تركّز على تعزيز قدراتها، هذا مع التذكير بأن ما حقّقته حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين قبل بروز السنوار وتسلّمه دفة قيادتها، إنما تحقّق بقوة الحركة الذاتية بينما كان السنوار قابعاً داخل السجون الإسرائيلية.

هذا ما كرّس قناعة القيادات الإسرائيلية بحسب وسائل إعلام الكيان، بأن القضاء على حماس غير ممكن، حتى بعد "اغتيال" (استشهاد) السنوار. وقالت القناة 13 إنه "حتى لو قاتلنا حماس طوال الوقت، فلن نستطيع القضاء عليها".

الخبير الإسرائيلي في شؤون حماس، غاي أفيعاد، أشار بأن "حماس ستعرف إقامة بنيتها من جديد مع أشخاص ليسوا أقل مقدرة من السنوار".

وسط كل ذلك فإن الوضع العسكري للكيان يتخبّط في حالة مُضنية من عدم اليقين أيضاً. فالقتال في غزة يتواصل بوتيرة متصاعدة، والحالة على الحدود الشمالية للكيان ليست البتة في صالح "جيش" الاحتلال بواقع الخسائر الفادحة بالعديد والعتاد التي يعانيها يومياً على يد رجال الله.

لكن الأخطر من ذلك كله عليه هو العجز الواضح لدى ربيبه الأميركي عن دعمه بالسلاح والعتاد لمواصلة جنونه الوحشي. ذلك أن استمرار تصعيده يجعله بحاجة ماسّة إلى المزيد من الصواريخ الاعتراضية لمواجهة المقذوفات الثقيلة والبالستية التي تستهدفه من مختلف أرجاء جبهات المساندة في لبنان كما في اليمن والعراق. لكن المخزون الأميركي من أنواع الصواريخ المضادة للصواريخ التي تلحّ قيادة "جيش" الكيان في طلبها، لن يكون بالإمكان توفيرها كما في الماضي. 

يشهد على ذلك ما قالته صحيفة "ناشيونال إنترست" الأميركية التي تخوّفت من واقع استنزاف ترسانة الصواريخ الأميركية ذاتها بشكل خطير. وقالت إن "المخزون المحلي الأميركي من صواريخ "أس أم-3" الاعتراضية في الأسطول السادس الأميركي قد استنفد تقريباً من جرّاء مساعدة المدمّرات لـ "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها أمام الضربة الصاروخية الإيرانية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الحالي". كذلك أثارت الصحيفة المخاوف الأميركية بشأن عدد الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية من طراز "SM-3" التي يتمّ إطلاقها من البحر، والتي تمّ استخدامها بالفعل ضدّ التهديدات المقبلة إلى "إسرائيل" عبر البحر الأحمر نتيجة للاستهداف من اليمن. وأضافت أنه "لا بدّ للولايات المتحدة قريباً أن تعاني بشأن مقدار استنزاف مخزوناتها من صواريخ "THAAD" و"SM-3" الاعتراضية، التي تحتاجها واشنطن بشكل أساسي لأهميتها في الصراعات المحتملة الأخرى، وبخاصّة في آسيا وبمواجهة التهديد الصيني المتعاظم".

إلى ذلك كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية، أنّ "إسرائيل تُواجه نقصاً وشيكاً في الصواريخ الاعتراضية، بينما هي تعمل على تعزيز الدفاعات الجوية بمساعدة واشنطن لحماية كيانها من الاستهداف".

وهنا لا يصحّ تجاهل احتمال دخول إيران الحرب ولا سيما أنّ التهديدات الإسرائيلية ضدّها لا تتوقّف. وهنا لا بدّ من التذكير بأن عدد الصواريخ الإيرانية عموماً يكفي لاستنفاد مئات الصواريخ الاعتراضية الأميركية، مع العلم أن طهران تمتلك أكثر من 3000 صاروخ باليستي، وهذه أكبر ترسانة للصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.

بعد هذا لنا أن نتوقّع المآل الذي ينتظر العدو الإسرائيلي حين تقول "ميدل إيست آي" إن "واشنطن تؤجّل طلباً إسرائيلياً بتجديد الذخائر وصواريخ الاعتراض"... في حين تشير "ذي إنترسبت" إلى أن "حزب الله يوسّع نطاق عملياته ضد إسرائيل ويطلق على تل أبيب صواريخ تزن ما يصل إلى 3 أطنان".