الحرب الشاملة كابوس "إسرائيل"

الحرب الكبرى على الأبواب من دون أيّ شك... والمحور اختار كما يبدو مباشرتها أولاً بمعركة "تلف أعصاب العدو"، وهو الأسلوب الذي اختار سيد المقاومة تمديده ساعات إضافية بإعلانه عن موعد كلمته الجديدة.

  • الحرب الشاملة هي
    الحرب الشاملة هي "البعبع الحقيقي" لكل من واشنطن و "تل أبيب".

ما أعلنته المصادر الرسمية والإعلامية الأميركية عن مجريات زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، جاء متناقضاً بشكل عمودي فج مع ما ارتكبه "جيش" العدو وقواه الأمنية بعد الزيارة مباشرة باستهداف القائدين الرمزين في محور المقاومة السيد محسن - فؤاد شكر وأبي العبد - إسماعيل هنية.

فور عودة نتنياهو ركب العدو أعلى خيله مغامراً بالتسبب بحرب شاملة عليه من جميع أرجاء وقوى المحور، آملاً بتغيير قواعد الاشتباك المعمول بها إذا أمكنه ذلك، وأساساً بجرّ الولايات المتحدة (وربما القوى العظمى المقابلة) إلى حرب آخر الدنيا، وهذا سلوك يهودي-صهيوني نموذجي بامتياز؛ فإذا كانت حادثة سقوط الطائرة المروحية في 19/5/2024 التي ارتقى فيها الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين عبد اللهيان وصحبهما غير مدبرة بأيد صهيو-أميركية متعمّدة، فإن عملية اغتيال القائد الشهيد إسماعيل هنية جهاراً نهاراً في طهران، على خلفية تنصيب مسعود بزشكيان رئيساً، واغتيال القائد فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، جاءا ليجليا الشك باليقين ويُشيرا إلى المستفيد الأول والأخير منهما، وهو السياسة الأميركو-إسرائيلية.

إدراك محور المقاومة هذه البديهيات تحتّم عليه مواجهة التحدّي، ليس بالصبر الاستراتيجي هذه المرة، بل بالتصدّي المباشر وتحت الضوء الساطع... لأصل الداء. والمعنى أن الرد المقاومي الجاهزة خططه بتراتبيتها، كما هو بديهي، بات لا بد منه ولا غنى عنه بكل ما يقتضيه هذا الرد من رباط الخيل، حتى لو أدّى إلى الحرب الشاملة.

وللعلم، فهذه الحرب الشاملة هي "البعبع الحقيقي" لكل من واشنطن وتل أبيب، خلافاً لكل ما يُذاع ويُشاع، وهما اللتان عجزتا بعد أكثر من 10 أشهر، وتعجزان عن تحقيق أيّ شيء يُعتدّ به على جبهة فلسطين المحتلة وحدها، وأمام بضعة آلاف فقط من المقاومين.

لقد اختار نتنياهو -كعادة إسرائيل- الفترة الميتة بين رئيسين في واشنطن لتحقيق ما يطمع في تحقيقه، مستفيداً من أن أمامه بقايا رئيس انسحب من الواجهة، بحيث لن يحاسبه أحد على ما يرتكب، وهو ينصرف إلى جمع آخر ِأشيائه الشخصية مغادراً مقصورته في الأبيت الأبيض، ورئيس جديد مُفترض وغير معلوم ولا موجود بعد.

وبعيداً ممّا تُسوّقه أقلام الرؤوس الحامية في الغرب و"توابعه" الأوروبية والعربية، فالرهان الإسرائيلي الأساسي ليس قائماً على الحرب الكبرى، بل على الجهود العملاقة المبذولة في سبيل تحقيق ما يسمّيه الأميركي ومعه الغرب برمته "ضبط النفس"... والمقصود ضبط محور المقاومة نفسه بالتهويل لإنضاج طبخة الاكتفاء بصليات صاروخية محدودة من هنا وهناك بديلاً من الحرب الشاملة.

ويقيناً، فإن قيادة محور المقاومة ليست غائبة عن هذه الحقيقة المُلتبسة على كثيرين، وهي تدرك أن أيّ حلّ وسط لن يكون أكثر ولا أقل من انصياع واستسلام، ولا سيما أن السلوك الأرعن للعدو لم يترك أيّ فرصة للحلّ الوسط.

لذلك، الحرب الكبرى على الأبواب من دون أيّ شك... والمحور اختار كما يبدو مباشرتها أولاً بمعركة "تلف أعصاب العدو"، وهو الأسلوب الذي اختار سيد المقاومة تمديده ساعات إضافية بإعلانه عن موعد كلمته الجديدة.

صحيح أن محور المقاومة لم يُسقط من خياراته البحث عن أهداف "ثمينة" يقصفها ليحقق الانتقام والردع من دون الانزلاق إلى حرب شاملة، إلا أن خياراً كهذا لا يزيد على كونه مجرّد رفع عتب، فالأعلام الحُمر ارتفعت، ولا بد من تكسير البيض لطبخ العجّة.