الاتفاق السعودي الإيراني من منظور إسرائيلي
الخطوة السعودية، وعلى صعيد الوعي، شكّلت ضربة للجهود التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال من أجل الوصول إلى تطبيع رسمي مع الرياض
في ضوء تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة وتحوّل الاهتمام الأميركي نحو مواجهة الصين والأزمة الاقتصادية في أميركا، اضطرت السعودية إلى اتباع نهج جديد في العلاقات الدولية بعد تبدّل الاهتمامات الأميركية وعدم توفير والولايات المتحدة الأميركية لها الحماية الأمنية خاصة من ضربات الحوثيين، يضاف إلى ذلك أيضاً سعي إيران الدائم إلى إقامة أحسن العلاقات مع دول الجوار لأنّ العلاقات السيئة ستوفّر أرضاً خصبة للجانبين الأميركي والإسرائيلي في مواجهة المشروع المقاوم للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لكن أكثر ما أزعج الجانب الأميركي أنه أتى برعاية صينية في مقابل سعي أميركي إلى إقامة جبهة ضد الصين على حدودها والبحر الجنوبي، مقابل ذلك يمثل الاتفاق ضربة لاتفاقيات التطبيع. والحديث في أوساط العدو الصهيوني عن قرب التطبيع بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية، والحديث في الصحافة العبرية عن "تبدّد الآمال بناتو عربي صهيوني ضد إيران".
حادثة الاتفاق السعودي-الإيراني فتحت باب تبادل للاتهامات واللوم بين الحكومة الحالية بشخص رئيسها والحكومة السابقة، وتحميل المسؤولية في ذلك لبعضهم البعض، واعتبروها تطوّراً خطيراً يضاف إلى الأزمة السياسية والصراع الداخلي الحالي. إذ اعتبر رئيس وزراء العدو السابق نفتالي بينيت أن الاتفاق بين إيران والسعودية، "تطوّر خطير لإسرائيل وانتصار سياسي لإيران، ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران؛ فشل ذريع لحكومة نتنياهو وناجم عن مزيج من الإهمال السياسي مع الضعف العام والصراع الداخلي في البلاد".
ورأى أيضاً أن الاتفاق بين السعودية وإيران هو فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية، "هذا انهيار لجدار الدفاع الإقليمي الذي بدأنا ببنائه ضد إيران وإن دول العالم والمنطقة تراقب إسرائيل في صراع مع حكومة غير عاملة، غارقة في تدمير ذاتي ممنهج".
من جانبه اعتبر رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان تقارب السعودية وإيران فشلاً ذريعاً ودعا نتنياهو لتقديم استقالته. ويضيف ليبرمان "هذا فشل مدوٍ مسجّل على اسم نتنياهو، لا أحد يعتمد على نتنياهو، وإذا توجّه السعوديون نحو إيران، ستكون هناك تبعات دراماتيكية لهذا الاتفاق على كل الشرق الأوسط وعلى أمن إسرائيل، وعلى نتنياهو الاستقالة". أما رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدليشتاين فعقّب على التطوّرات بالقول إن “العالم لا يتوقّف عندما نكون منشغلين في صراعات قوة وسجالات، وبالطبع أعداؤنا لا يتوقّفون، إيران والسعودية اتفقتا على تجديد العلاقات، وهذا سيّئ جداً لإسرائيل وللعالم الحّر كله".
بناء على ذلك، ركّز العديد من الخبراء والمحللين في مراكز الأبحاث والصحف وخاصة "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"، المركز البحثي الأول في كيان الاحتلال، على مسألة رعاية الصين الاتفاق ومدى انعكاسها على الكيان ومناعته القومية في ظل الأزمة الداخلية والصراع السياسي بغياب الشخصيات التاريخية التي باعتبارهم كان آخرها" أرييل شارون".
ففي دراسة لكل من" سميا شاين ويوئيل غوجانسكي والداد شفيط" من معهد دراسات الأمن القومي، اعتبروا أن "استئناف العلاقات مع السعودية، بوساطة صينية، سيقوّي شعور الأمان لدى إيران وقدرتها على التعامل مع تشديد العقوبات الذي تريده واشنطن وإسرائيل، وهذا في وقت حدوث تقدُّم مقلق في المشروع النووي الإيراني. ويمكن أن تدفع هذه الخطوة في اتجاه تقوية الجبهة مع روسيا والصين، والتي تستند إليها إيران".
واعتبروا أيضاً أنّ "الخطوة السعودية، وعلى صعيد الوعي، شكّلت ضربة للجهود التي أعلنها رئيس الحكومة من أجل الوصول إلى تطبيع رسمي مع الرياض؛ وضربت الجهود الإسرائيلية لتأسيس معسكر ضد إيران في المنطقة، وإن الخطوة السعودية تشير إلى أن مصالحها الجيوستراتيجية نابعة من علاقات القوة الواضحة لمصلحة إيران".
بينما يشير تسيفي بارئيل في صحيفة هآرتس إلى "أن هذا الاتفاق يؤدي إلى قوانين للعبة جديدة في الشرق الأوسط وخارج المنطقة، ويوفّر الشرعية الضرورية لإيران في علاقاتها مع الدول العربية، وإن توقيعه يعكس تصاعد قوة الصين في المنطقة". واعتبر يؤاف ليمور في صحيفة يسرائيل اليوم في الشأن ذاته" أن الاتفاق يعزز من قوة إيران ويضعف المحور المضاد ويعظّم نفوذ الصين الإقليمي، ويفكّ الطوق الذي سعت إسرائيل إلى لفّه على عنق إيران".