أسد الضّفّة

قائد منطقة شمال الضّفة الغربيّة اللواء روعي تسفيغ فقد أعلن أن إبراهيم النابلسي الذي لم يكن معروفاً تنظيميّاً نفّذ عدّة عمليّاتٍ ضدّ جنود "الجيش" الإسرائيلي والمستوطنين.

  • الشهيد إبراهيم النابلسي
    الشهيد إبراهيم النابلسي

إبراهيم النّابلسي ابن الثّمانية عشر ربيعاً لم يكن كأيّ فتًى عاش مراحلَ حياته الطّبيعيّة. وهو الذي فتح عينيه على مشاهد الاحتلال وصوره المتعدّدة، والتي حفرت في ذاكرته حلماً واحداً نذر حياته من أجل تحقيقه وهو تحرير فلسطين. أسد الضّفة الشّهيد الذي شكّل حالةً استنهاضيّةً للشّباب من أبناء جيله، والذي وصفه الإعلام الصّهيوني بصاحب الأرواح التسع بعد فشلهم في استهدافه أو استدراجه اعتقالاً واغتيالاً، فأسد الضّفة المطلوب حيّاً أو ميتاً للعدوّ الصّهيوني بات كابوساً يؤرق الاحتلال الذي خاض حرباً بكلّ ما للكلمة من معنى لاغتياله. 

وما شهادات الإعلام الإسرائيلي وبعض القادة العسكريّين الذين شاركوا في العمليّة إلّا اعترافٌ بقوّة النّابلسي الذي قاتل حتى الرّمق الأخير رافضاً الاستسلام، رغم محاصرته في عمليّةٍ وصفتها المذيعة في القناة 12 الصّهيونيّة يونيت ليفي بأنّها الأخطر في نابلس، حيث تمّ اغتيال النّابلسي المكنّى بـ"أبو فتحي" بعد مطاردةٍ استمرّت أشهراً طويلة، والهدف إبراهيم النابلسي الذي كان مسؤولاً عن عددٍ كبيرٍ من العمليّات خلّص نفسه أكثر من مرّةٍ حتى اليوم الذي وصلت فيه قوّةٌ مشتركةٌ من الجيش وقوّة اليمام. في حين أشار قائد السّرية في كتيبة الدوريّة في لواء غفعاتي الرائد ياروخ اتياس إلى صعوبة المهمّة، بعد تعرّض قوّة من دورية غفعاتي لهجماتٍ، فغطّت كلّ المنطقة وعملت ضدّ "خلايا إرهابيّة" حاولت مهاجمة قوّاتنا عبر إطلاق النّار وإلقاء الزّجاجات الحارقة والمتفجّرة ورشق الصّخور أيضاً. 

أمّا قائد منطقة شمال الضّفة الغربيّة اللواء روعي تسفيغ فقد أعلن أن إبراهيم النابلسي الذي لم يكن معروفاً تنظيميّاً نفّذ عدّة عمليّاتٍ ضدّ جنود "الجيش" الإسرائيلي والمستوطنين، ونحن لن نسمح بمدن تؤويهم في الضّفة الغربيّة أو توسيع رقعة الاشتباك وتكرار ظاهرة النّابلسي. وفي حين قال المحلّل الصّهيوني للشّؤون العربية للقناة 12 العبريّة: 

"لم تكن هناك فجوةٌ كبيرةٌ جداً بين الواقع والخيال يوماً، فمن جهةٍ هناك عشرات الآلاف الذين خرجوا في جنازة النّابلسي في نابلس، والذي وصف في وسائل الإعلام الفلسطينيّة بالبطلٍ والرمزٍ. ما يجري في نظري هو التّعطّش والحاجة لدى الفلسطينيين في الضّفة من أجل إيجاد رموز وهناك من يعمل على بناء أشخاصٍ مثل النابلسي لرفع اسمه ليكون أنموذجاً للاقتداء". وهي رؤية أكّدها المراسل العسكريّ للقناة 13 الصّهيونيّة أور هيلر بقوله: 

"نحن نرى عملية الاعتقال التي تطوّرت لتتحوّل إلى اغتيال إذ سقط ثلاثة قتلى في نابلس، وهذا نوع من امتداد لسلسلةٍ من الاشتباكات في البيرة وفي الخليل حيث سقط قتيل هناك. كما أنّ شخصيّة إبراهيم النابلسي البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً النّجم في التيك توك والمعروف للكثيرين بين شبان الضفة أدّت إلى رفع مستوى التّصعيد". 

ذلك هو أسد الضّفة الذي استحال مارداً ومتمرّداً على الاحتلال الذي أقدم في التاسع من آب/ أغسطس 2022 على حشد أكثر من مئة جنديٍّ من وحدة اليمام النخبويّة ووحداتها المتعدّدة وبمساندةٍ من "جيش" الاحتلال الذي طوّق المكان لتقتحم وحدة اليمام حارة الحبلة في البلدة القديمة بنابلس، شمال الضّفة الغربيّة، قرابة السّاعة السّادسة والنصف صباحاً، وتحاصر المنزل الذي تحصّن فيه الشّهيد إبراهيم النّابلسي ورفيقه إسلام صبوح وتفرض حصاراً على محيطه عند مدخل الحي من الجهة الشّمالية، مستعينين بوحدة القناصة التي انتشرت على سطوح المباني، وبخبراء من وحدة المتفجرات والصّواريخ وعشرات الطّائرات المسيّرة، وبعد أكثر من ثلاث ساعات من الاشتباك مع قوّات النّخبة في وحدة اليمام ارتقى أبو فتحي شهيداً ويده على الزّناد حتى الطلقة الأخيرة، معانقاً رفيق الجهاد إسلام صبوح. ارتقى إبراهيم النابلسي شهيداً وصوته ما زال يردّد فينا "بشرف عرضكم لا تتركوا البارودة".