أجراس الحرب الأهلية في "إسرائيل"!

وزير الأمن، يوآف غالانت، ومعه وزير الحرب السابق، بيني غانتس، أعربا عن اعتقادهما أن نتنياهو يفضل بقاء حكومته على "حماية الإسرائيليين"، ورأيا أنّ "القيادة تقسم الشعب، وتسمّم البئر التي يشرب منها الجميع".

  • مرحلة الدمار والخراب
    مرحلة الدمار والخراب

بينما ينصرف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى إغراق الكيان في أزمة إصراره المتواصل على "الحرب والنصر"، تتخبّط القوى السياسية خارج تحالف اليمين المتطرّف في هموم حرب أهلية يرونها قادمة لا محال. والنقاشات في مختلف الأوساط والمنتديات والصحف باتت تدور بشأن الكيفية التي سوف تندلع بها هذه الحرب، وإلى أي جانب سينحاز الجيش وأجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية، إلى ما هنالك من عواقب كارثية لا بد من أن تترتب عليها.

الكاتب في صحيفة "هآرتس"، أنشيل بفيفر، الذي كان يرفض هذه الفكرة في كتاباته، بات اليوم يتحدث بصراحة عن جدّيتها واقترابها. وينقل عن يديديا ستيرن، رئيس "معهد سياسة الشعب اليهودي"، أن "إسرائيل اليوم باتت أقرب إلى الحرب الأهلية مقارنة بالوقت الذي أعقب مقتل إسحق رابين". ويضيف أن جماعة اليمين المتطرف "تشعر بأن هذه هي لحظتها الحاسمة للفوز بالبلاد أو خسارتها"، معرباً عن تضاؤل آماله بالخروج من الأزمة، ولاسيما أن "لا مصلحة لنتنياهو وحلفائه في أي تسوية".

مرحلة الدمار والخراب

في استطلاع للرأي أجرته القناة الـ"13"، تبيّن أن "نصف الإسرائيليين تقريبا باتوا يخشون اندلاع حرب أهلية"، في حين يكشف داني كوشمارو، مقدم البرامج السياسية في القناة، أن 46% من الإسرائيليين يشعرون بالقلق من احتمال الحرب الأهلية، وسط تفاقم الانقسامات السياسية والاجتماعية في "إسرائيل". ويرى الكاتب في  صحيفة "هآرتس"، بي مايكل، أن "إسرائيل تدخل مرحلة الدمار والخراب".

حتى وزير الأمن، يوآف غالانت، ومعه وزير الحرب السابق، بيني غانتس، أعربا عن اعتقادهما أن نتنياهو يفضل بقاء حكومته على "حماية الإسرائيليين"، ورأيا أنّ "القيادة تقسم الشعب، وتسمّم البئر التي يشرب منها الجميع"، حتى إن غانتس لم يتردد في وصف أحاديث نتنياهو عن انتصار مطلق بأنها "هراء محض".

ويعلّق المحلل السياسي في القناة الـ"12" الإسرائيلية، عميت سيجل، على ما يجري بالقول "إن العلاقة بين نتنياهو وغالانت باتت تشكل خطراً على أمن إسرائيل... فنتنياهو يُضلّل الجمهور، ويرى أن غالانت جاسوس أميركي".

ونقل سيجل عن غانتس قوله إن "رئيس الحكومة لن يكون مثل مناحيم بيغن الذي قال لا للحرب الأهلية في أصعب لحظاته"، ولن يضحّي بحكومته من أجل حماية الإسرائيليين... ولن يفعل ما هو ضروري من أجل منع الحرب الأهلية... والآن نحن تجاوزنا عتبة العنف، لفظياً وجسدياً، والأمر سينتهي بالقتل... فنحن لم نتعلم الدرس من الـ 7 من أكتوبر، ولا من خراب الهيكل".

إعادة تشكيل "إسرائيل"

من جهتها، تقول مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إنّ "إسرائيل" تعيش تهديداً وجودياً لم تعرفه من قبل، فتصرفاتها الأخيرة خطيرة، وغير متلائمة بالنسبة إلى صنّاع السياسات والرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا، والذين لا يستطيعون إنكار أنها تخاطر في إشعال حرب إقليمية". ورأت المجلة أنّ "أشهراً من قصف الشمال، بصواريخ حزب الله وطائراته المسيّرة وصواريخه المضادة للدبابات، بالإضافة إلى القصف الصاروخي الإيراني، أعطت الإسرائيليين فكرة عن "كيف تأتي النهاية".

بدورها، نقلت صحيفة "فايننشال تايم" الأميركية، عن أنشيل بفيفر، مؤلف السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، قوله إن "نتنياهو وقح جداً (...) ويدرك تماماً أن هذه هي أكبر مأساة في تاريخ إسرائيل ومسيرته السياسية".

هذا في حين يُؤكّد موقع "كاونتر بانش" الأميركي أن "مخاطر اندلاع حرب أهلية باتت تهدد إسرائيل، وأن أسبابها أعمق من أن تُربط بالحرب على غزة أو الصراع مع حزب لله.... فالانقسام داخل إسرائيل لا يمكن النظر إليه مثل الاستقطابات الجارية في الديمقراطيات الغربية، ليس فقط لأن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية في جوهرها، بل أيضاً لأن التكوين السياسي في إسرائيل فريد من نوعه. وبالتالي، فإن أسباب الصراع ترتبط برغبة اليمين الجديد (نتنياهو وحلفائه) في إعادة تشكيل الطبيعة السياسية لإسرائيل".

وقال الموقع إن "الصراع أعمق كثيراً من الظاهر، ويرتبط بعلاقة السلطة السياسية بالجيش، وهو الموضوع الذي طفا على السطح عندما هاجم نتنياهو باستفزاز جنرالات الجيش بقوله إن إسرائيل "دولة" لها جيش وليست جيشا له "دولة"... ومع بدئه إعادة هيكلة المؤسسات السياسية الإسرائيلية سعياً لتهميش الجيش وتجريده من قوته السياسية، أخلّ بالركيزة الأساسية للتوازن السياسي الإسرائيلي المستمر منذ عام 1948".  وفي حين عنونت صحيفة "هآرتس" بأن الحرب الأهلية في "إسرائيل" أصبحت أقرب من أي وقت سابق، أقرّت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية بأن حروب "إسرائيل" ضدّ قوات غير تقليدية لم تنتهِ أبداً بانتصار حاسم، منذ الثمانينيات. لقد تضاءلت قدرتها على ردع أعدائها. وبدلاً من النصر الحاسم والردع الفعال، أصبحت تعتمد بصورة متزايدة على التدابير الدفاعية: الجدُرُ والأسوار وأنظمة الإنذار المبكر عالية التقنية. وهذا ما دفع نتنياهو إلى التخلّي عن تجاهله، ليعلن أنه "يجب ألا تندلع حرب أهلية في إسرائيل".

إلا أن هذا لم يعدْ على نتنياهو" بالفائدة. فقد كتب المحامي الإسرائيلي "إيتاي ماك" في "هآرتس" قائلاً إن "نتنياهو يمثل خطراً وجودياً على "إسرائيل"، وسلوكه الفظّ سيتسبب في تفكك البلاد من الداخل، لأن الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة لا يمكن أن تؤدي فقط إلى عدد لا يُحصى من القتلى الفلسطينيين في غزة، بل أيضاً إلى النهاية السياسية والأخلاقية لإسرائيل نفسها".