كيف أثّر ارتفاع درجات الحرارة على مهن العراقيين؟
تحوّل فصل الصيف إلى كابوس في العراق خصوصاً في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس الحاليين، اللذين باتا يتنافسان في تسجيل درجات حرارة قياسية.
كان يُعرف عن الصيف بأنه "أبو الفقراء"، لأنّ الأعمال تزدهر فيه، لكنه تحوّل إلى كابوس خصوصاً في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس الحاليين، اللذين باتا يتنافسان في تسجيل درجات حرارة قياسية.
أبو شيماء، يعمل كبنّاء منذ أكثر من عشرين عاماً، تغيّر موعد خروجه من بيته إلى العمل بسبب الحرارة المرتفعة، ويقول إنه صار يقصد عمله فجراً ويعود مع منتصف النهار أو قبله، "لأن العمل مع درجة حرارة 50 أمر مستحيل". ويضيف في حديثه إلى الميادين نت: "بعض العاملين معي يتركون العمل مع ارتفاع درجات الحرارة لكونهم لا يتحمّلون تعب العمل مع هذه الأجواء".
يتشابه رأي فرقد حسن، وهو صاحب تاكسي، مع أبي شيماء، قائلاً: "كان العمل في الصيف يزدهر لأن أغلب الناس تلجأ إلى سيارات الأجرة بدل السيارات العمومية الخاصة، لكن في الوقت الحالي باتوا ينهون مشاويرهم مع بداية الصباح ويعودون إلى منازلهم، وهذا الأمر يترك الشوارع فارغة في ساعات الظهيرة، وبالتالي ضَعُف عملنا".
في السياق، ذكر البنك الدولي أنه "من الصعب أن ينجح العراق في انتهاج مسارٍ لنمو متنوّعٍ وشاملٍ وقادر على الصمود. إن التأخّر في تنفيذ تلك الإصلاحات المناخية من شأنه أن يعيق من تخفيف الآثار المادية والمالية السلبية الناجمة عن تغيّر المناخ، وتلبية احتياجاته الاستثمارية المتزايدة، بما في ذلك في قطاعي المياه والكهرباء".
وفي تصريح للقناة الرسمية العراقية، قال مدير إعلام الأنواء الجوية العراقية عامر الجابري: "إن أهمّ مشكلة يواجهها العراق هي جرف الأراضي الزراعية، وهذه كارثة طبيعية أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن كثرة السيارات، واعتماد المولدات في إنتاج الطاقة الكهربائية التي تبعث الغازات السامة. جميعها عوامل أدت إلى تلوّث بيئة العراق وارتفاع درجة حرارة جوّه" .
ولفت إلى أن "هناك بعض الأمور يمكن من خلالها تقليل ارتفاع درجات الحرارة، وفي مقدمتها زراعة مساحات واسعة، والتركيز على الحزام الأخضر، والابتعاد عن جرف الأراضي"، مؤكداً أن "هذه من أهم النقاط التي تسهم في تخفيض درجات الحرارة".
ارتفاع معدل العنف
ارتفاع درجات الحرارة لا يؤثّر فقط على الصحة البدنية، إنما أيضاً على السلوك، وفي هذا السياق قال محمد العبدلي الأستاذ الجامعي والمختص في القانون الجنائي للميادين نت، إنّ "معدّل العنف يزداد خلال فصل الصيف، خصوصاً جرائم الضرب والاعتداء والقتل"، مضيفاً أنه "في علم الجريمة فإن هذه الأجواء تكون سبباً في الإقدام على ارتكاب الجريمة، لأنها تجعل من الشخص متوتراً ومشدود الأعصاب".
تشير البيانات الخاصة بالعراق والصادرة من اليونيسيف إلى تعرّض 6% من أطفال العراق لموجات حرّ شديدة عام 2020، لكن النسبة سترتفع مع عام 2050 لتشمل كل أطفال العراق الذين ستطالهم موجات الحر المرتفعة بشكل حادّ. وبحسب موقع اليونسيف في العراق فإن آثار الحرارة تتفاقم على الأطفال تحديداً، مما يهدّد صحتهم وسلامتهم.
وفي تصريح لمجلس القضاء الأعلى في شهر آب/أغسطس الماضي 2022، سجّلت المحاكم العراقية 6 حالات طلاق في كل ساعة، وتكاد الأعداد تكون مشابهة في تموز/يوليو الماضي 2023. وبحسب المجلس فإن الضّغط النفسي كان سبباً في زيادة هذه الأعداد.
التخفيف من مشكلة ارتفاع درجات الحرارة
وللبحث عن حلول، قال المهندس عادل الجبوري المدير العام في وزارة البيئة العراقية في حديث إلى الميادين نت، بشأن الاستراتيجية المفترض اتباعها للتخفيف من مشكلة ارتفاع درجات الحرارة: "الحلول الأولى تكمن في مكافحة التصحّر وإنشاء الأحزمة الخضراء وزيادة المساحات المزروعة".
وأضاف الجبوري أن من هذه الحلول أيضاً "تشجيع زراعة الأشجار في المدن والمدارس، وزيادة غرس النباتات المعمّرة، والتشجيع على استخدام الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية من أجل توفير الكهرباء والابتعاد عن المولدات المنزلية".
ويعتبر العراق الدولة الخامسة عالمياً من بين عشر دول الأكثر تضرراً بالتغيّر المناخي، وبات البلد في سنواته الأخيرة يسجّل درجة حرارة تتجاوز الـ50 درجة في بعض مناطقه، وهذا الأمر أثّر على حياة العراقيين من عدة جوانب.